في وقت تترقب أوساط سوق الأسهم إمكانية اتجاه البنوك لتنشيط الإقراض مقابل الأسهم، سواء بشكل مباشر لاجل تمويل المتاجرة بالأسهم أو بآخر غير مباشر عن طريق رهن الأسهم مقابل الحصول على القروض، وفقا لما تم بحثه أخيرا في اجتماع مع بنك الكويت المركزي، على أساس أن هذه البنوك تملك أرصدة من الودائع تمكنها من ذلك، بعدما انتهت من تكوين مخصصاتها وتعزيز رهوناتها من خلال المزيد من الضمانات أو تسديد مبالغ مالية خلال الفترة الماضية، فهل يمكن أن تلجأ البنوك الى هكذا قرار؟وأبدى بعض مديري المخاطر قلقا كبيرا من إمكانية سلوك ذلك النهج، وزيادة القروض الموجهة لتمويل المتاجرة بالأسهم، لاسيما أن هناك تجربة مريرة بعد عام 2008، دفعت ثمنها البنوك خصما من الارباح، من خلال مخصصات بنحو 5.5 مليارات دينار وشطب ديون تجاوزت 3 مليارات دينار حتى نهاية 2015.
ولم تنته هذه الأزمة حتى الآن، وخير دليل على ذلك عمليات السداد والهيكلة الجارية والمستمرة للشركات والبنوك، وهذا ما جرى على واقع اتمام صفقة بيع حصة مجموعة الخرافي لصالح شركة أدبتيو الاماراتية، وأن معظم عوائد هذه الصفقة وجهت بشكل مباشر الى البنوك وليس لاستثمارات أخرى، الأمر الذي يعني أن هذه البنوك كانت على شفا جرف من المخاطر، وكانت بانتظار اتمام تلك الصفقة على أحر من الجمر.
قنوات أخرى
ويقول مصرفيون إنه من الأولى أن تتجه هذه السيولة المتكدسة لدى البنوك إلى إمكانية إعطاء تسهيلات مدروسة ومحدودة للقروض الاستهلاكية والمقسطة، خاصة أن هذه القروض مضمونة على أساس أنها تمنح مقابل رواتب الموظفين.وأضافوا أن النسبة الأكبر من المواطنين موظفون لدى الحكومة، مشيرين الى ان سقف القروض الاستهلاكية عند ١٥ الف دينار، والقروض المقسطة عند ٧٠ الفا هي الاولى من ناحية المراجعة لرفع السقف.وبينوا ان سقفي القروض الاستهلاكية والمقسطة محددان منذ التسعينيات، في حين ان معدلات الرواتب تضاعفت خلال السنوات الاخيرة دون ان يواكبهما اي زيادة على هذه القروض المضمونة بالرواتب.واشاروا الى أن الثقة بسوق الكويت للأوراق المالية مازالت منخفضة رغم ترجيح البعض أن هناك أسهما باتت بأسعار مغرية جدا ولا مجال لنزولها لمستويات سعرية أكبر خلال الفترة المقبلة، لكن من يضمن ذلك مع استمرار عمليات انسحاب الشركات اختياريا من البورصة الذي يمكن أن يؤثر على المركز المالي للسهم خصوصا في حالة البيع لسداد الالتزامات المترتبة على قروض شراء الاسهم.واقروا أن هناك قنوات تمويلية بديلة أقل خطورة، في مقدمتها تمويل القروض الإسكانية والمشروعات التنموية الكبرى وتمويل السندات والصكوك السيادية سواء في الكويت أو المنطقة، وهو ما تركز عليه أغلب بنوك المنطقة حاليا، على اعتبار أن الضمانات في مثل هذه التمويلات تكون بنسبة 100 في المئة، أو على الأقل مخاطرها تكون محدودة جدا.تراجع محدود
ولفت مديرو المخاطر الى أن مفاعيل سلوك ذلك النهج في القروض الممنوحة للقطاع العقاري أفضل في حال مقارنتها بالقروض الممنوحة مقابل الأسهم، لاسيما أن نسبة التراجع في اسوأ الظروف لم تتجاوز 30 في المئة، وأن تمويل المشاريع العقارية يصب بشكل أساسي في بوتقة الاقتصاد، فيما بلغت قيم التراجع في بعض الاسهم ما يزيد على 80 في المئة من المستويات السعرية التى كانت عليها قبل تداعيات الأزمة المالية.واوضحوا أن البنوك ليست معنية بمعالجة الأسباب التى أدت الى ضعف سوق الائتمان في سوق الكويت للأوراق المالية، بل يخضع الأمر لعوامل أخرى تخص سوق الأسهم نفسه واداء الشركات المدرجة فيه، علاوة على تطور السوق ومدى توفر الأدوات الاستثمارية التي تستوعب رأس المال المستثمر سواء كانت قروضا أو ممتلكات شخصية.فقد الثقة
وذكر هؤلاء المديرون أن ارتفاع سوق الكويت للأوراق المالية حاليا لم يجر من واقع التداولات، بل تأثرا بالأموال الحكومية التي ضختها المحفظة الوطنية أخيرا عبر شركة كامكو والوطني كابيتال للاستثمار، إضافة الى اتمام صفقة امريكانا، وتردد معلومات حول امكانية بيع حصة مجموعة الخير في صفقة "زين" وهذه المفاعيل لم تتكرر يوميا بل هي حادث عارض نتيجة تلك العوامل.ولفتوا الى أنه اذا كان بعض أهل السوق وشركات الاستثمار والمحافظ والصناديق فقدوا الثقة في البورصة طوال السنوات الماضية على واقع انسحاب وشطب نحو 40 شركة مدرجة، اضافة الى حصول نحو 15 شركة أخرى على موافقات رسمية بالانسحاب الاختياري لأسباب أغلبها تتمثل في أنه ليست هناك فائدة حالية من استمرار إدراج السهم في السوق، فكيف تتجه البنوك لضخ المزيد من القروض مقابل الأسهم على أساس عودة الثقة، رغم الثقة المفقودة من أهل السوق نفسهم "فأهل مكة أدرى بشعابها".زيادة الانكشاف
وأضافوا أن هناك بنوكا لم تصل الى الحد الأقصى من هامش تمويل مقابل الأسهم، حيث يصل حجم التمويل المصرفي غير المستغل لتمويل المتاجرة بالأسهم المدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية أكثر من ملياري دينار. وبينوا انه ليس هناك منع أو تشدد في منح القروض للمتاجرة بالأسهم المدرجة، لكن هناك شروطا وضوابط وفقا للمتطلبات الرقابية والتعليمات والإجراءات الداخلية لكل بنك، مشيرين الى أنه رغم ما يقال عن تشدد البنوك فقد زاد انكشافها لسوق الأسهم المحلية بنحو 5 في المئة، من 42 إلى 47 في المئة خلال عام 2015.