«شراء الأصوات» جريمة... والحرب عليها «ناعمة»
مختصون أكدوا لـ الجريدة• أن العقوبة غير رادعة
رغم أن شراء الأصوات أمر غير مقبول شرعاً ولا قانوناً، فإن البعض لا يزال يتعمد إفساد العرس الديمقراطي، من خلال الاعتماد عليها، للوصول إلى مقعد البرلمان، في ظل عدم قيام الجهات الرقابية بالدور المنوط بها كما ينبغي، فضلاً عن أن العقوبة، كما يراها المختصون، ليست رادعة.
يتنافس مرشحو مجلس الأمة للوصول إلى الكرسي الأخضر، من خلال قواعدهم الانتخابية وبرامج مختلفة يستعرضون فيها القضايا التي يعانيها الناس، ليقنعوا الناخب بالتصويت لهم، إلا أن البعض اتخذ طريقا غير قانوني للوصول للبرلمان، عبر شراء الأصوات، فيدفع مبالغ مالية كبيرة، لضمان نجاحه، من ثم تعويضها بعد أن يصبح نائبا في المجلس. "الجريدة" تساءلت: لماذا يقوم البعض ببيع أصواتهم؟ وما آلية البيع؟ ولماذا يلجأ بعض المرشحين للشراء؟ وفتحت الباب المغلق للعقوبات، التي لا تتجاوز 5 سنوات عند ضبط الجناة في تلك الجريمة، سواء كانوا باعة لضمائرهم ووطنهم، أو شراة يسعون للوصول إلى مجلس الأمة، لمصالح شخصية. وللوقوف على هذه الظاهرة وتسليط الضوء عليها كانت هذه الآراء:قال نائب رئيس جمعية المحامين الكويتية شريان الشريان، إن شراء الأصوات جناية أخلاقية وقانونية ووطنية تتعلق بالحاضر والمستقبل، و"كل من يبيع أصواتا أو يشتريها، شخص خائن لوطنه ودينه وقيمه، ولا قدر له في المجتمع".
وشدد على ضرورة تغليظ عقوبة الشاري والبائع، حتى تصل إلى المؤبد، كونها جريمة خيانة للوطن، فلا يكفي أن تكون عقوبة شراء الأصوات أو بيعها 5 سنوات فقط. وقال: "يجب تشديد العقوبة، لإيقاف تلك المهزلة التي يصل من خلالها من لا يستحق إلى الكرسي الأخضر، على حساب الكفاءات الكويتية". من ناحيته، أكد رئيس منظمة حريات حقوق الإنسان د. شبيب الزعبي، أن شراء الأصوات أمر مجرَّم شرعا وقانونا، ومن يشتري أو يبيع صوته، شخص ليس لديه أي وازع ديني، ولا توجد لديه ثقافة، ولا وعي بما يقوم به من جرم بحق نفسه وبلده". وأضاف: "الوعي غائب، والذي يبيع في حقيقة الأمر يبيع إرادته"، مبينا أن هناك قصورا من الجهات التنفيذية في تتبع تلك الجريمة، فلو كان هناك قانون صارم، لما لجأ الناس إلى ذلك، ولو حُرم المرشح الذي يشتري الأصوات من الترشح وكذلك الناخب، لما لجأ الناس إلى شراء الأصوات". ولفت إلى أن من يبيع صوته لا يبيعه من أجل المال، فالناس في الكويت في نعمة، لكن لشراء تلفون أو تلفزيون، أي أن تلك الأموال تذهب لشراء أمور تافهة، فالبيع ليس لفقر، بل لشراء كماليات، أو ترف معيشي.
صور البيع
من جانبها، قالت الناشطة د. خالدة الخضر: "للأسف، هناك بيع وشراء للأصوات، سواء بدفع المال كاش، أو هدايا، عبارة عن شنط ماركات، وتوظيف الناخبين في اللجان الانتخابية". وأشارت إلى أن هؤلاء الموظفين لا يداومون فعليا، بل مجرد صورة لتشريع الرشوة وشراء الأصوات، مؤكدة أنه لا يوجد في الكويت شخص يبيع صوته لحاجة، فنحن نعيش في بلد خير، ومع ذلك هناك من يبيع صوته، ومن يشتري. وأشارت إلى أن هناك مناطق معروفة بشراء الأصوات، وغالبية من يبيعون أناس متعلمون، وليسوا جهلاء، ويعرفون الحلال والحرام، ومع ذلك يبيعون للحصول على أموال، أو هدايا، أو بالتوظيف المؤقت باللجان الانتخابية.البيع ظاهرة غير الأكفاء
من جهته، قال الناشط السياسي د. عبدالواحد الخلفان، إن الهدف من شراء الأصوات، هو وصول أشخاص غير أكفاء إلى المجلس، بأقصر الطرق، بعيدا عن الأخلاق والدين. وتابع: "هؤلاء الأشخاص يتسلقون بالحرام عبر المال السياسي، للحصول على العضوية"، لافتا إلى أن هدفهم مادي، فهم يريدون إجراء الصفقات، والحصول على المناقصات عبر المال الحرام". وأوضح أن هناك أناسا بالمجتمع ظروفهم المادية صعبة، فيقوم هؤلاء باستغلال حاجتهم للمال فيتصيدونهم، وهناك من يشرع الشراء ويعطي لمن يبيع تبريرا دينيا، فيأخذ الأموال على أنها هدية، فيعطي لمن يبيع المصوغ لبيع صوته دون تفكير، لقبول البيع.وقال: "هناك من يبرر ذلك، بأن الحكومة تدعم المرشحين بالمال، من ثم يرى أنه يستحق الحصول على المال، وأصبحت وسائل الشراء والبيع في بعض الأحيان علنية"، مشيرا إلى أن الشرفاء يرفضون المال لحرمته. وبيَّن أن الدولة أكدت رفضها تلك الممارسات، وجرَّمتها، إلا أن الحرب على تلك الجرائم ناعمة، فيجب محاربتها بما لديها من وسائل، لكن الأمر لا يتعدى مجرد الشعارات.هدايا للناخبات
قال أستاذ الشريعة بجامعة الكويت د. بسام الشطي: «الرشوة لا تشترط أن تكون مالا، ومن أشكالها، قيام أحد المرشحين بتقديم هدايا للناخبات عبارة عن شنط ماركات، وهناك من يشتري الأصوات عن طريق عرضه القيام بترميم ديوانية وصبغها، أو تأسيسها، أو إرسال مجموعة من الطلبة للدراسة بالخارج».وأضاف: من أنواع الرشوة كذلك، إقامة العديد من المسابقات المختلفة التي يرعاها ذلك المرشح خلال فترة الانتخاب، ونسوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش». وتابع: «عندما يقوم مرشح برشوة شخص، فهل يستطيع المرتشي أن يحاسب هذا المرشح عندما يصل إلى المجلس؟ أعتقد أنه لن يستطيع، لافتا إلى أن الراشي إنسان مفسد، ومن المفترض ألا يتم ترشيحه.
لعن الله الراشي والمرتشي والرائش وأموالهم لا يتصدق بها ..الشطي
أصحاب الرشاوى يريدون الوصول للمجلس بأقصر طريق بعيداً عن الأخلاق والدين... الخلفان
أصحاب الرشاوى يريدون الوصول للمجلس بأقصر طريق بعيداً عن الأخلاق والدين... الخلفان