هل تأتي «قنبلة» إعادة التحقيق في بريد كلينتون بترامب رئيساً؟
ما يسمى بفضائح شهر أكتوبر، الذي يرافق عادة انتخابات الرئاسة الأميركية، سجل هذا العام رقماً قياسياً ومواضيع نوعية لم يسبق لها مثيل، توّجها إعلان مدير الـ«إف بي أي» جيمس كومي أن مكتب التحقيقات الفدرالي قرر إعادة فتح ملف بريد المرشحة الديمقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. كومي، الذي أرسل خطاباً إلى أعضاء جمهوريين في مجلس النواب يبلغهم فيه أن المحققين عثروا على رسائل قد تكون على صلة بملف كلينتون خلال مصادرتهم أجهزة كمبيوتر تعود لمساعدتها هما عابدين وزوجها أنتوني وينر خلال تحقيقهم في ملف الأخير الجنسي، شكّل مفاجأة لم تخطر ببال القيمين سواء في حملة كلينتون أو منافسها الجمهوري دونالد ترامب.ورغم أن مدير الـ«إف بي أي» لم يجزم في طبيعة تلك الرسائل وأهميتها ومدى تأثيرها في ملف كلينتون، فإن إعلانه كان كافياً ليتلقفه ترامب ويشن هجوماً كبيراً عليها، داعياً إلى تجريدها من حقها في الترشح إلى منصب الرئاسة.
كلينتون التي انتظرت نحو سبع ساعات لتعقد مؤتمراً صحافياً للرد على تلك الادعاءات، بدا واضحاً أنها كانت تجري سلسلة من الاتصالات والمشاورات القانونية لمعرفة طبيعة الرد الإعلامي الذي ستقوله أولاً، واستعداداً للتبعات القانونية التي قد تترتب لاحقاً لو تبين أن تلك الرسائل على درجة كبيرة من الخطورة. مصادر أميركية اعتبرت أن تفجير هذه القنبلة قبل أقل من عشرة أيام على موعد الانتخابات يؤكد طابعها السياسي الكيدي، مضيفة أنها خطوة استباقية ويائسة في الوقت نفسه من مدير الـ«إف بي أي» الذي حمّله الجمهوريون مسؤولية مباشرة عن إسقاط إمكانية ملاحقة كلينتون جرمياً حين برأها، في تجاوز لصلاحياته بدلاً من ترك مهمة الإعلان لوزارة العدل التي هي من يقرر ما إذا كان الملف يحمل طابعاً جرمياً أم لا.وأضافت تلك المصادر المقربة من البيت الأبيض أن إعادة طرح هذا الملف لن يغير في طبيعة التصويت الذي قطع شوطاً لا بأس به في العديد من الولايات، فالأميركيون حسموا عموماً خياراتهم مع إصرار جمهور ترامب على التحلق حوله على الرغم من كل الفضائح التي لحقته، وإصرار جمهور كلينتون على التصويت لها لإسقاط خصمها رغم كل ما تعرضت له. وأكدت أن كلينتون، التي طالبت الـ«إف بي أي» بكشف ما لديه من معطيات أمام الشعب الأميركي، تدرك تماماً أن هذا الأمر لن يحصل لا اليوم ولا بعد شهر أو حتى سنة أو سنوات.وإذا تبين لـ«إف بي أي» أن الرسائل تتضمن معلومات حساسة، فسيحولها إلى أجهزة الأمن كلها من الـ«سي أي إيه» إلى الأمن العسكري والأمن الوطني والأمن الداخلي في عملية بحث وتدقيق معقدة ومملة وطويلة، مما قد يسمح بالتكهن بأن كلينتون قد تنجز فترتها الرئاسية الأولى من دون أن تتلقى أي استدعاء للتحقيق، فضلاً عن تمتعها بالعديد من الحصانات الرئاسية في حال أصبحت رئيسة للبلاد.