"الدولار بيزيد بمعدل يومي، ومش عارفين رايح على فين، ولا هيوصل كام الفترة اللي جاية، كل يوم في حال"، هكذا قال صاحب إحدى شركات الصرافة بحي المهندسين التجاري غربي العاصمة المصرية أمس، ملخصاً واقع الانخفاض القياسي للعملة المصرية أمام الدولار، الذي واصل قفزاته في السوق الموازي متجاوزاً الـ17 جنيها، ما يعني زيادة 100 في المئة عن السعر الرسمي المقدر بـ8.88 جنيه، الأمر الذي هدد مدخرات المصريين القليلة بالضياع، مع توقعات بوصول الدولار إلى 20 جنيها نهاية الشهر المقبل.

المصريون غاضبون من أداء الحكومة المصرية والبنك المركزي في مواجهة أزمة الجنيه، فالأخير يتراجع بمعدل شبه يومي، حاملا معه أنباء سيئة للمصريين، بأن قيمة مدخراتهم البنكية في تضاؤل، مع ارتفاع معدلات التضخم وانطلاق الأسعار من لجامها، في ظل اعتماد الاقتصاد المصري على الاستيراد لسد نحو 70 في المئة من الاحتياجات الأساسية لنحو 100 مليون مصري.

Ad

هشام مواطن أربعيني يعمل في شركة خاصة بالقاهرة، عكس مخاوف قطاع عريض من المصريين لفقدان قيمة مدخراتهم، قائلا لـ"الجريدة": "مدخراتي البنكية نقصت قيمتها الفعلية لما دون النصف بسبب التراجع غير المفهوم للجنيه"، مضيفا: "مش عارف الحكومة بتعمل ايه، وليه مافيش تحرك لوقف تراجع الجنيه بالشكل ده، الأسعار زادت الضعف والضعفين، ومافيش أمل أنها تثبت عند حد معين، مش عارف هنكمل الشهور اللي جاية إزاي".

ويضغط صندوق النقد الدولي على القاهرة من أجل تعويم الجنيه أمام الدولار، كمقدمة لتوقيع الاتفاق النهائي بين الطرفين تحصل مصر بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار، تأمل الحكومة المصرية في أن تغطي الجزء الأكبر من كلفة برنامجها للإصلاح الاقتصادي المقدرة بـ21 مليار دولار، إلا أن تأجيل البنك المركزي لقرار خفض الجنيه، جعل الأخير عرضه لضغوط الطلب الشديد من قبل المستوردين على الدولار.

وطالب الاتحاد العام للغرف التجارية أمس، التجار بالتوقف عن شراء الدولار من السوق الموازي خلال الأسبوعين المقبلين لوقف المضاربات على العملة الأميركية، وأعلن الاتحاد دراسته ترشيد الاستيراد خلال 3 أشهر المقبلة، وقصرها على السلع الأساسية فقط.

وقال المحلل الاقتصادي شريف دلاور، "تخفيض الحكومة المصرية للجنيه مستمر بلا نهاية"، مضيفا لـ"الجريدة" أمس، "لا أمل في تدخل من الدولة المصرية لوقف نزيف الجنيه، أو العمل للسيطرة على مضاربات شراء العملة الصعبة، فالحكومة عاجزة أمام اعتماد الاقتصاد المحلي على الاستيراد بشكل شبه كامل، فضلا عن تلكؤ المجموعة الاقتصادية باتخاذ قرارات التدخل لحماية الجنيه من الانهيار".

وشدد دلاور على أن وجود سعري صرف في السوق الرسمي والموازي دمر الاقتصاد المصري، وساعد في تآكل قيمة مدخرات المصريين في البنوك، فالقدرة الشرائية للجنيه في تراجع مع زيادة معدلات التضخم، فارتفاع الأسعار شكل مستويات قياسية أضرت بجيوب المصريين، فيما اعتمد التجار والمستوردون على السوق الموازي لتوفير الدولار، وهو ما ساعد في رفع سعر صرف الأخير أمام الجنيه.

وبينما توقع الخبير الاقتصادي رشاد عبده، أن يواصل الجنيه تراجعه، وأن يسجل الدولار 20 جنيها قبل نهاية الشهر المقبل، أبدى وكيل اللجنة الاقتصادية في البرلمان عمرو الجوهري، انزعاجه الشديد من طريقة التعامل الحكومي مع أزمة الدولار، واصفاً الأزمة بـ"الجنونية". وحذر من تباعات ارتفاع الأسعار دون سقف.

واتهم النائب البرلماني أمين مسعود، الحكومة والبنك المركزي بالتسبب في الأزمة، كاشفاً عما وصفه بـ"الغليان في الشارع" نتيجة ارتفاع الأسعار وتراجع قيمة المدخرات، مطالبا الرئيس عبدالفتاح السيسي بإقالة الحكومة.

وأضاف: "الجنيه يقترب من الانهيار، ولابد من التحرك لإنقاذ البلاد من مصير يتبدى أمام الجميع ولا تراه الحكومة".