أخيراً، وبعد طول انتظار، وفي الجلسة الـ46، أصبح للبنان رئيس للجمهورية، عقب خمس وأربعين جلسة من التعطيل، وبعد مخاض عسير صار رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون الرئيس الثالث عشر لجمهورية لبنان.
الدورة الأولى
وفي الجلسة التي نقلت على الهواء مباشرة، فشل عون في الفوز من الجولة الاولى التي تتطلب حصوله على 86 صوتاً (الثلثين) ونال 83 صوتاً، مقابل 36 ورقة بيضاء، وست أوراق ملغاة (5 أوراق لـ"ثورة الأرز في خدمة لبنان" وورقة للفنانة ميريام كلينك) فضلاً عن صوت لعضو كتلة "التغيير والاصلاح" النائب جيلبيرت زوين.وكان حصول عون على 83 صوتاً في الدورة الأولى مفاجئاً، خصوصا بعد "بوانتاجات" أمس الأول، والتي رجحت حصوله على 91 صوتاً على الأقل.الدورة الثانية
بعد ذلك، اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن دورة ثانية، وقد أعيد الاقتراع في الدورة الثانية ثلاث مرات لوجود 128 مظروفًا مرتين متتاليتين، بينما كان عدد الحضور 127 نائبا (استقال النائب روبير فاضل). وفي رابع اقتراع، فاز عون في الدورة الثانية، ونال 83 صوتا مقابل 36 ورقة بيضاء، وصوت لعضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب ستريدا طوق جعجع، وسبع أوراق ملغاة (5 كتب عليها "ثورة الارز في خدمة لبنان" وورقة "لزوربا الاغريقي" وورقة لـ"مجلس شرعي أو غير شرعي").وحضر جلسة الانتخاب في مجلس النواب الرئيسان السابقان ميشال سليمان وأمين الجميل، إلى جانب حشد من شخصيات سياسية من سفراء ودبلوماسيين من دول عربية وأجنبية، بينهم السفير السوري علي عبدالكريم علي، والسفير الإيراني محمد فتحعلي، والقائم بأعمال السفارة السعودية وليد بخاري، والسفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد.خطاب القسم
وفور إعلان بري فوز عون أدى الرئيس المنتخب اليمين الدستورية، وتلا عون خطاب القسم، قائلا في مستهله: "أول خطوة نحو الاستقرار المنشود هي في الاستقرار السياسي، وذلك لا يمكن أن يتأمن إلا باحترام الميثاق والدستور والقوانين من خلال الشراكة الوطنية التي هي جوهر نظامنا وفرادة كياننا. وفي هذا السياق تأتي ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف)، بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية، وتطويرها وفقاً للحاجة من خلال توافق وطني. ذلك أنّها، في جزء منها، دستور، وفي جزء آخر، تعهدات وطنية ملزمة، ولا يمكن بالتالي أن يصار إلى تطبيقها بصورة مجتزأة، فينال منها الشحوب والوهن، ولا يستوي في ظلّها نظام أو حكم، ولا تنهض عنها شرعية لأي سلطة".وأضاف: "فرادةُ لبنان هي بمجتمعه التعددي المتوازن، وهذه الفرادة تقضي بأن نعيش روح الدستور، من خلال المناصفة الفعلية، وأولى موجباتها إقرار قانون انتخابي يؤمّن عدالة التمثيل، قبل موعد الانتخابات القادمة".وتابع عون: "لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة، ويبقى في طليعة أولوياتنا منع انتقال أي شرارة اليه، ومن هنا ينبغي إبعاده عن الصراعات الخارجية، ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية، وبشكل خاص المادة الثامنة منه، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي، حفاظاً على الوطن واحة سلام واستقرار وتلاقٍ".وقال: "أما في الصراع مع اسرائيل، فإننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومةً، في سبيل تحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلّة، وحماية وطننا من عدوٍّ لما يزل يطمع في أرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية".وختم: "سنتعامل مع الإرهاب استباقيا وردعيا وتصديا، حتى القضاء عليه، كما علينا معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة، ساعين ألا تتحول مخيمات وتجمعات النزوح إلى محميات أمنية. كل ذلك بالتعاون مع الدول والسلطات المعنية، وبالتنسيق المسؤول مع منظّمة الأمم المتحدة التي ساهم لبنان في تأسيسها، ويلتزم مواثيقها في مقدمة دستوره، مؤكدين أنه لا يمكن أن يقوم حل في سورية لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين، أما فيما يتعلق بالفلسطينيين فنجهد دوماً لتثبيت حق العودة وتنفيذه".وأكد عون أن "مشروع تعزيز الجيش سيكون هاجسي ليصبح جيشنا قادراً على منع المعتدي على أرضنا"، مشدداً على أن "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية والتربوية تمر بأزمات متلاحقة، لا بل متواصلة لأسباب عدة خارجية وداخلية، وإذا كانت الأسباب الخارجية عصية علينا ولا نستطيع سوى الحدّ من آثارها فإنّ الداخلية منها تفرض علينا نهجاً تغييرياً لمعالجتها يبدأ بإصلاحٍ اقتصادي يقوم على التخطيط والتنسيق بين الوزارات، إذ لا يمكن أن نستمر من دون خطة اقتصادية شاملة مبنية على خطط قطاعية فالدولة من دون تخطيط لا يستقيم بناؤها والدولة من دون مجتمع مدني لا يمكن بناؤها". وأشار إلى أن "الاصلاح الاجتماعي والاقتصادي لا يمكن أن ينجح إلا بارساء نظام الشفافية عبر إقرار منظومة القوانين التي تساعد على الوقاية من الفساد وتعيين هيئة لمكافحته وتفعيل أجهزة الرقابة وتمكينها من القيام بكامل أدوارها ويبقى الأهم اطمئنان اللبنانيين إلى بعضهم البعض وإلى دولتهم بأن تكون الحامية لهم والمؤمنة لحقوقهم وأن يكون رئيس الجمهورية هو ضامن الأمان والاطمئنان".وختم عون خطابه: "هذه هي العناوين الكبرى لعهد رئاسي أرغب صادقا ان يكون عهدا تتحقق فيه نقلة نوعية في ارساء الشراكة الفعلية في إطلاق نهضة اقتصادية تغير المسار الانحداري والهدر بعد أن يكون كل مكون اطمأن على مستقبله"، مؤكداً: "تأخرنا في إنجاز ما حلمنا به بعدما سقط لنا شهداء، واللبنانيون جميعا رغم إدراكهم أن الطريق شاق وطويل لديهم العزم لتحقيق ما طمحنا إليه ونحفظ للبنان الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال والميثاق والرسالة".الحريري
كما قال زعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد انتخاب عون رئيساً للجمهورية: "نأمل أن يتمّ تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة جميع الفرقاء"، ومن المتوقع أن يقوم عون بتكليف الحريري لتشكيل حكومة جديدة خلال أيام بعد أن يجري مشاورات مع الكتل النيابية.القصر الجمهوري
وتسلم عون سلطاته الدستورية، في احتفال أقيم قرابة الثالثة والربع من بعد ظهر أمس، في القصر الجمهوري في بعبدا، وسط حضور إعلامي لبناني وعربي وعالمي.ولدى وصول عون الى مدخل القصر، آتياً من مجلس النواب في موكب رسمي، عزفت موسيقى الجيش لحن التعظيم ثم النشيد الوطني اللبناني، وحيا العلم اللبناني. وفي هذا الوقت، رفع العلم على السارية الرئيسية لمدخل القصر وفوق منزل الرئيس، بعدها استعرض رئيس الجمهورية كتيبة تشريفات من لواء الحرس الجمهوري، وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة ترحيبا بالرئيس، بينما اطلقت البواخر الراسية في مرفأ بيروت صفاراتها للمناسبة، وقد بدت علامات التأثر واضحة على وجه الرئيس الجديد.كما أصدر بعد ذلك عون قراره الأول بتكيلف حكومة تمام سلام بتسيير الاعمال.3 أوراق نسائية... وكلينك نجمة الدورة الأولى
خلال عملية فرز في الدورة الأولى، تبين أن أحد النواب صوت لعضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب جيلبيرت زوين. واحتسبت الورقة لأن زوين مارونية. وفي الدورة الاولى، أعلن رئيس المجلس نبيه بري أنّ إحدى الأوراق حملت اسم عارضة الأزياء ميريام كلينك. ولكن ألغيت الورقة كونها تنتمي الى طائفة الروم الارثوذكس. وفي الدورة الثانية حازت النائبة ستريدا طوق جعجع على صوت واحد احتسب كونها مارونية.أبرز النقاط في خطاب القسم
فيما يلي أبرز النقاط في خطاب القسم، الذي ألقاه الرئيس اللبناني ميشال عون داخل مجلس النواب مباشرة بعد انتخابه: • يجب تنفيذ الميثاق الوطني من دون انتقائية، وتطويره وفقاً للحاجة. • يجب إقرار قانون انتخاب يؤمن التمثيل.• لبنان لا يزال بمنأى عن النيران المشتعلة حوله ويبقى في طليعة أولوياتنا منع انتقال أيّ شرارةٍ إليه.• ضرورة الابتعاد عن الصراعات الخارجية. • ملتزمون باحترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه. • اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي.• في الصراع مع إسرائيل لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أرضنا المحتلة. • سنتعامل مع الإرهاب استباقياً وردعياً وتصدياً حتى القضاء عليه. • علينا معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة. • لا يمكن أن يقوم حل في سورية لا يضمن عودة النازحين. • مشروع تعزيز الجيش سيكون هاجسي ليصبح جيشنا قادراً على منع المعتدي على أرضنا.• سنبدأ إصلاحاً اقتصادياً يقوم على التخطيط والتنسيق بين الوزارات. • إرساء نظام الشفافية عبر إقرار منظومة القوانين، التي تساعد على الوقاية من الفساد وتعيين هيئة لمكافحته وتفعيل أجهزة الرقابة. • أرغب في إرساء الشراكة الفعلية في إطلاق نهضة اقتصادية. • نسعى إلى لبنان الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال والميثاق والرسالة.• هل ميشال المر هو صاحب المغلفين؟
تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يظهر النائب ميشال المر وهو يدلي بصوته، إذ بدا بوضوح وضعه لمغلّفين، ما أدّى إلى احتساب 128 صوتًا، وبالتالي إعادة جولة الانتخاب.• بري لعقاب صقر: قرّب
عادَ عضو كتلة "المستقبل" النائب عقاب صقر وقدم إلى مجلس النواب برفقة الرئيس الحريري. وعند إدلائه بصوته في الجولة الثالثة من الدورة الثانية، قال الرئيس بري لصقر: "قرّب صرلنا زمان ما شفناك".• ديب يقبّل الظرف
أقدم عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب حكمت ديب على الاقتراع في مجلس النواب، ولدى الإدلاء بصوته قبّل المغلّف الذي يحمل اسم عون، ثمّ وضعه في الصندوق، فانهالت التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي.• وهاب: «هيدي زعرنة»
وصف الوزير السابق وئام وهاب وجود 128 ظرفاً في صندوق الاقتراع بدلاً من 127 بأنها "زعرنة".•سامي الجميل يطالب بستارة
أعرب رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل من داخل جلسة مجلس النواب المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية عن تحفظه تجاه عملية الاقتراع العلنية، وطالب بأن "يكون هناك ستارة في المجلس النيابي حفاظا على سرية الاقتراع".• «الكتائب» صوت: «ثورة الأرز... في خدمة لبنان»
بدا لافتاً الأوراق التي برزت خلال عملية انتخاب الرئيس، وورد فيها: "ثورة الأرز... في خدمة لبنان". ففي حين كان الرئيس بري يقرأ الأوراق، كتب رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل: "ثورة الأرز... في خدمة لبنان"، ما يشير الى أن نواب حزب "الكتائب" قد صوتوا بهذه الورقة.