أكد المحامي حسين العبدالله أن ترشح أبناء الأسرة لعضوية مجلس الأمة يتعارض مع أحكام المذكرة التفسيرية للدستور التي تعد أحكامها ملزمة، لافتا إلى أن حظر ترشح أبناء الأسرة يشملهم جميعا، وهو حرمان أبدي من ممارسة حق الترشح، بهدف تحقيق الضمان لحرية الانتخاب التي قد لا تتحقق من جراء مشاركة أبناء الاسرة، وكذلك للنأي بهم عن التجريح السياسي الذي يصاحب الحملات الانتخابية.

وقال العبدالله، في قراءة قانونية لترشح أبناء الأسرة في الانتخابات، إن إزالة الحظر على ترشح أبناء الاسرة يتطلب تعديل الدستور، الذي يحدد أمر مشاركتهم في الحكومة كوزراء فقط، مبينا أن حظر ترشحهم لعضوية مجلس الامة لا يعني حظر ممارستهم حق الانتخاب، لان دواعي المنع من الترشح لا تمتد إلى الانتخاب، الذي لا يرتبط بالتأثير على حرية الانتخاب أو حتى التجريح السياسي، وفيما يلي النص:

Ad

على الرغم من تقرير المذكرة التفسيرية للدستور بعدم جواز ترشح أبناء الأسرة الحاكمة لانتخابات عضوية مجلس الأمة فإن عددا من أبناء الاسرة مازال يصر على الإقدام على الترشح وتسجيل أوراقه لدى إدارة الانتخابات، على سند عدم إلزامية أحكام المذكرة، ولان الحظر لم يرد بإحدى مواد الدستور أو حتى بقانون الانتخاب، فيما يرى أغلبية رجال القانون إلزامية المذكرة وإلزامية أحكامها، ومن بينها الحظر الوارد فيها بعدم جواز ترشح أبناء الاسرة لعضوية مجلس الأمة.

ويفرق بعض رجال القانون ومنهم الخبير الدستوري د. محمد الفيلي في الفئات المحرومة من الترشح من أبناء الاسرة بين من هم من ذرية الشيخ مبارك الصباح، الذي ينحصر الحكم فيهم، وبين من هم خارج ذرية الشيخ مبارك، ويقرر بسريان حظر الترشح لمن هم من ذرية مبارك، فيما يقرر عدم سريان الحظر على من هم من ابناء الاسرة من خارج ذرية الشيخ مبارك، ومن ثم جواز ترشحهم.

ويرى الخبير الدستوري د.محمد المقاطع حظر ترشح أبناء الاسرة كلهم دون تفرقة بينهم، نظرا لتمتعهم بالمزايا دون غيرهم من ابناء الشعب.

وعلى الرغم من طرح مسألة ترشح أبناء الاسرة على لجنة فحص طلبات الترشح للانتخابات حاليا، إثر ترشح أحد أبناء الاسرة تثار جملة من المسائل التي يتعين تناولها في هذه القضية، وهي أساس منع أبناء الاسرة من الترشح، وإلزامية الأخذ بذلك المنع وتناول دواعي المنع، وإمكانية التخلص من ذلك المنع ونورد ذلك على النحو التالي:

أولا: أساس منع أبناء الأسرة من الترشح:

يرجع الأساس الدستوري لمنع أبناء الأسرة الحاكمة من الترشح للانتخابات إلى الأحكام المقررة في المذكرة التفسيرية للدستور التي أوضحت آلية اختيار الوزراء، بالاشارة إلى أن الفقرة الثانية من المادة 56 من الدستور نصت على أن «يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم»، وبذلك يكون التعيين وجوبيا من الفئتين في ضوء الأصل البرلماني المذكور والتقاليد البرلمانية المنوه عنها.

ومقتضى ذلك -كما سبق- التوسع قدر المستطاع في جعل التعيين من داخل مجلس الأمة، وإيراد هذا الحكم الخاص بتعيين وزراء من غير أعضاء مجلس الأمة، مع تعمد ترك ما تتضمنه الدساتير الملكية عادة من نص على أنه «لا يلي الوزارة أحد أعضاء البيت المالك» أو «أحد من الأسرة المالكة» يؤدي إلى جواز تعيين الأسرة وزراء من خارج المجلس، وهذا هو الطريق الوحيد لمشاركتهم في الحكم، نظرا لما هو معروف من عدم جواز ترشيح أنفسهم في الانتخابات، حرصا على حريتها من جهة، ونأيا بالأسرة عن التجريح السياسي الذي قلما تتجرد منه المعارك الانتخابية من جهة ثانية.

ويشفع لهذا الاستثناء في أسلوب الحكم البرلماني بالنسبة إلى الكويت بصفة خاصة كون الأسرة الحاكمة من صميم الشعب، تحس بإحساسه ولا تعيش في معزل عنه، كما يشفع له أيضا كون عدد سكان الكويت استلزم الأخذ بنظام المجلس الواحد. فلم يعد هناك مجلس ثان (مجلس شيوخ أو مجلس أعيان) يمكن لأعضاء البيت الحاكم الإسهام عن طريق التعيين فيه في شؤون الدولة العامة.

ثانيا: إلزامية المذكرة التفسيرية للدستور:

يؤكد غالبية الخبراء الدستوريين في الكويت وأساتذة القانون على إلزامية المذكرة التفسيرية للدستور، من ثلاث جهات نوردها على النحو التالي:

الأولى: ان المجلس التأسيسي الذي قام بإعداد الدستور خصص جلسات لمناقشة أحكام المذكرة التفسيرية للدستور، ثم قام بالتصويت على الأحكام الواردة فيها بشكل منفصل عن تصويته على مواد الدستور الكويتي.

الثانية: ان الاغلبية التي قامت بالتصويت على أحكام المذكرة التفسيرية للدستور هي ذات الأغلبية الخاصة التي قامت بالتصويت على مواد الدستور، وهي أغلبية ثلثين الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس التأسيسي.

الثالثة: ان الاحكام التي وردت بالمذكرة التفسيرية للدستور تتضمن أحكاما مكملة وتفصيلية للأحكام التي أوردها الدستور في مواده، ومن ثم كانت تلك الاحكام مفسرة لمقاصد الاحكام التي أوردتها مواد نصوص الدستور.

ثالثا: مبررات منع أبناء الأسرة من الترشح:

تكمن دواعي المنع من الترشح لأبناء الاسرة والتي أوردتها أحكام المذكرة التفسيرية في مسألتين: الحفاظ على حرية الانتخاب والنأي عن التجريح السياسي بأبناء الاسرة، ونتناول بقدر من التفصيل هاتين المسألتين:

1-الحفاظ على حرية الانتخاب:

رأت المذكرة التفسيرية للدستور أن مشاركة أبناء الأسرة في الانتخابات عبر الترشح لعضوية مجلس الأمة من شأنه أن يؤثر على حرية الانتخاب، نظرا للأهمية التي يشغلها أبناء الأسرة الحاكمة في البلاد، وللمكانة التي يحظون بها بين أبناء الشعب، وللمزايا التي يتمتعون بها، ولذلك فإن مسألة ترشحهم للانتخابات قد تمنحهم أفضلية في الوصول لمقاعد عضوية مجلس الامة تفوق غيرهم من المرشحين لكونهم من ابناء اسرة الحكم في البلاد والتي تتمتع بقدر من الاحترام والثقة التي يكنها ابناء الشعب بهم، ومن ثم فإن ترشحهم للانتخابات سيسهم في اضعاف فرص الوصول للمرشحين الآخرين من ابناء الشعب للمجالس النيابية، بسبب حظوة النجاح التي يتمتعون بها نظرا للمكاسب الشعبية التي تحمل خلفها دوافع الاحترام والتقدير الكبيرة التي يكنها أبناء الشعب للاسرة الحاكمة، وهي التي ستشغل بطبيعة الحال ذهن الناخب وتجعله غير قادر على حرية الاختيار بين المرشحين، مما سيؤثر بذلك على حقه في الانتخاب، ومن ثم فإن حرمان ابناء الاسرة من الترشح له ما يبرره لأن ترشحهم لهذا السبب سيخلق مانعا أدبيا لدى الناخب الكويتي من عدم التصويت لهم، وسيكون ملزما بالتصويت لهم وحجب التصويت عن غيرهم، خصوصا أنه عرف عن الشعب الكويتي التفافه حول أسرة الحكم.

2-النأي عن التجريح السياسي:

نظرا لما تفرضه الحملات الانتخابية من أسلوب يرتبط غالبا بالقساوة والحدة في الطرح التي لا تخلو من التجريح السياسي الذي قد يتناول ابناء الاسرة كمرشحين، أو منهم تجاه الحكومات التي يشترك في إدارتها أشخاص من أبناء الاسرة الحاكمة، رأت المذكرة التفسيرية للدستور أن إبعاد ابناء الاسرة له من الترشح له مايبرره أيضا من عدم الترشح، نتيجة نأيهم عن التجريح السياسي، وهي المبررات التي وجدها المشرع الدستوري غير متوافرة في ممارسة حق الانتخاب من قبل ابناء الاسرة، فلم ينص على عدم جواز انتخابهم مما يعني السماح لهم بذلك ومنعهم من الترشح فقط.

رابعاً إمكانية التخلص من ذلك المنع:

حرمان عدد من ابناء الاسرة من بعض المزايا التي تمنح لهم أو التي كانوا يتمتعون بها، سواء كانت مرتبطة بالمزايا المالية أو المعنوية كمنح جواز للسفر، لا يعني زوال دواعي المنع للترشح، وذلك لأن دواعي المنع متصلة بانتساب الاشخاص لاسرة الحكم ولا ترتبط بمنح المزايا او العطايا الخاصة ببعضهم دون غيرهم، ومن ثم فإن حرمان أحد منهم باختيارهم أو عدم منحه من الحصول على تلك المزايا لا يعني تساويه مع ابناء الشعب بالمزايا التي يتمتعون بها كالعلاوة التي تمنح لهم او الجواز الذي يصرف لهم، فضلا عن أن امتناع جهة الادارة عن منح احد من منتسبي الاسرة للحقوق التي يتمتع بها غيره من ابناء الاسرة يخضع لرقابة القضاء، وله أن يراقب سلامة تلك القرارات ويلغي ما يعد مخالفا للقانون لأنها حقوق مكتسبة لمن يتصل نسبه بأبناء الاسرة الحاكمة، وزوال تلك الحقوق وتلك المزايا يكون بعدم الانتساب لأسرة الحكم ذاتها، ومن ثم لا يمكن التخلص من ذلك المنع إلا بتعديل الدستور أو ثبوت عدم الانتساب للاسرة وفق مانصت عليه أحكام الدستور.

عبدالملك يرى عدم جواز ترشحهم

يقول الخبير الدستوري د. عثمان عبدالملك الصالح، رحمه الله، في كتابه «النظام السياسي والقانوني في الكويت» إنه يشترط في عضو مجلس الأمة ألا يكون من اعضاء الاسرة الحاكمة، وهذا هو المفهوم من المذكرة التفسيرية للدستور بقولها «وهذا هو الطريق الوحيد لمشاركتهم في الحكم، نظرا لما هو معروف من عدم جواز ترشيح أنفسهم في الانتخابات، حرصا على حرية هذه الانتخابات من جهة، ونأيا بالأسرة الحاكمة عن التجريح السياسي الذي قلما تتجرد منه المعارك الانتخابية من جهة ثانية»، فأعضاء الاسرة الحاكمة ليس لهم حق الترشح، وإن كان لهم حق الانتخاب.

ويقول عبدالملك: «ونحن لا نرى مبررا لهذا الاستثناء، خاصة اذا علمنا ان اعضاء الاسرة الحاكمة يحق لهم ان يكونوا وزراء، وبالتالي اعضاء في مجلس الأمة عن طريق التعيين او بحكم وظائفهم على حد تعبير الدستور، واذا كان لدى المشرع الدستوري اعتبارات كانت على اساس تحديد هذا الحكم كالنأي بالأسرة الحاكمة عن التجريح السياسي، فإن هذه الاعتبارات نفسها تقتضي أن يكون التنظيم على عكس ما قرره، أي يمتنع على عضو البيت المالك أن يكون عضوا معينا بحكم كونه وزيرا، ويجوز له تمثيل الشعب عن طريق الانتخاب مادام اختيار النائب متروكاً للشعب الذي يختار الشخص الذي هو موضع ثقته لا فرق بين مواطن ومواطن، ومادام الوزير اكثر تعرضا للنقد والتجريح والمساءلة من العضو المنتخب في مجلس الأمة، ولعل هذه الحقيقة هي التي دفعت بالدساتير الملكية الى ان تنص صراحة على عدم جواز ان يلي الوزارة احد اعضاء البيت المالك».

الفيلي: المذكرة التفسيرية للدستور ملزمة

يقول الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي «إن حق الترشيح كأصل عام ثابت لكل مواطن تتوافر فيه شروط الناخب والتي قررتها المادة 82 من الدستور، ومع ذلك فإن المذكرة التفسيرية للدستور قد قررت عدم جواز ترشيح أعضاء الأسرة الحاكمة لعضوية مجلس الأمة، وتفسير المذكرة على خلاف المذكرات التفسيرية للقوانين ملزم، وذلك وفق ما قرره المجلس التأسيسي ولجنة إعداد الدستور، وهو حكم مستقر في الكويت. وعليه يتضح مما سبق واحتراماً لإلزامية المذكرة التفسيرية فإننا نرى أن الحكم في هذه المسألة هو عدم جواز ترشح أعضاء الأسرة الحاكمة لانتخابات مجلس الأمة».

ويضيف الفيلي أن هناك مسألة يتعين تناولها عما إذا كان الحظر يطال كل أبناء الاسرة، أم يقتصر على ابناء الاسرة من ذرية مبارك، لكون الحكم ينحصر بمن هم ينتمون إلى ذرية مبارك، وفق ما يقرره ذلك قانون توارث الإمارة، وبعد الرجوع إلى أحكام المذكرة التفسيرية للدستور يتضح أن الحظر ينحصر بأبناء الاسرة الحاكمة والمقصود بهم هم من ذرية مبارك فقط لكون الحكم ينحصر فيهم فقط ولا يسري على باقي أبناء الاسرة من غير ذرية مبارك.

المقاطع: محظور على كل أبناء الأسرة الترشح للانتخابات

أكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية القانون د.محمد المقاطع أن المذكرة التفسيرية للدستور حظرت ترشح أبناء الاسرة لانتخابات عضوية مجلس الامة، لافتا إلى أن حظر ترشحهم يسري على جميع أبناء الاسرة الحاكمة، سواء كانوا من ذرية مبارك أو من غير ذرية مبارك، ويطبق حظر الترشح على كل من ينتسب لأسرة الصباح.

ويبين المقاطع لـ«الجريدة»، أن ترشح أحد ابناء الاسرة، وهو ليس من ذرية مبارك لا يعني جواز ترشحه، وذلك لأن العرف يعتمد على الأخذ بالمفهوم الواسع لاسرة الحكم، كما أن قانون توارث الإمارة قصر مقاليد الحكم في ذرية مبارك، ولم يسمح لسواهم من أبناء الأسرة لتولي مقاليد الحكم فقط فيما حظر الترشح للانتخابات، فليس له اتصال بمقاليد الحكم، ومن ثم فإن الحظر يشمل كل أبناء الأسرة.

ويوضح أن ترشح أبناء الاسرة الحاكمة للانتخابات يخل بفكرة البيعة التي نص عليها الدستور ببيعة أبناء الشعب لأسرة الحكم، وذلك لأنه في حال السماح لترشح أبناء الأسرة فإن ذلك يعني أن من يتولى عضوية المجلس هم ابناء الاسرة، ومن يتولى شؤون الحكم هم كذلك من ابناء الاسرة، في حين أن من يتولى عضوية البرلمان هم من ابناء الشعب.

ويضيف أن المشرع قرر عدة مزايا لأبناء الاسرة، منها مزايا مالية ومخصصات ويتم توزيعها على كل أبناء الاسرة، كما أن قانون الجوازات يمنح لابناء الاسرة جوازا خاصا لهم دون سواهم، كما أن هناك مدافن خاصة لأبناء الاسرة، وبالتالي فإن أبناء الاسرة يحظون بالعديد من المزايا التي لا يحظى غيرهم بها.