لليوم الثالث على التوالي، تظاهر آلاف المغاربة في عدة مدن وبلدات بعد مقتل بائع سمك «طحناً» في شاحنة للقمامة، أثناء محاولته استرداد سمك صادرته الشرطة، في حين وجد رئيس الحكومة المكلف عبدالملك بنكيران، الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الحاكم، نفسه في مرمى الاتهامات.

وتواصلت أمس، المظاهرات في أغلب المدن المغربية للتنديد بالطريقة المأساوية التي توفي بها بائع السمك، محسن فكري (30 عاماً)، في مدينة الحسيمة الأمازيغية، (450 كلم شمال الرباط).

Ad

وشهدت مدن طنجة والناضور ومكناس والرباط والدار البيضاء ومراكش والصويرة والقنيطرة وأغادير والفاس احتجاجات كبيرة، وتوحدت شعارات المحتجين في التنديد بما أسموه «إرهاباً تمارسه الدولة على مواطنيها» بالإضافة إلى المطالبة بـ«القصاص» من الجناة المتورطين في «طحن» فكري.

ودعا نشطاء من حركة «20 فبراير»، التي نظمت مظاهرات أثناء انتفاضات «الربيع العربي» عام 2011، إلى المظاهرات التي جاءت واسعة النطاق بصورة نادرة الحدوث في المغرب.

وأشارت تقديرات إلى أن مجموع المتظاهرين بمختلف المدن قارب المليون مشارك استجابوا لدعوات الاحتجاج والتنديد، التي رافقت التضامن الواسع مع قضية فكري على صفحات التواصل الاجتماعي على مدار يومين.

ورفع بعض الشباب شعاري «الريف لا يهان» و«نحن أمازيغ»، فيما شكل البعض الآخر سلسلة حول مخفر الشرطة في الحسيمة.

ورفع المتظاهرون «العلم الأمازيغي» بالألوان الأزرق والأخضر والأصفر وعلم «جمهورية الريف» الأحمر.

وطالب المنظمون باستحضار «روح الأمير» وتاريخه، في إشارة إلى عبدالكريم الخطابي الملقب بـ«الأمير» أو «أسد الريف»، الذي أسس «الجمهورية الريفية»، وخاض حرب عصابات ضد المستعمر الإسباني.

كما رفع شعار «كرامة، حرية، عدالة اجتماعية» الذي كان الشعار المركزي لحركة «20 فبراير» الاحتجاجية سنة 2011، التي تزامنت مع «الربيع العربي».

وشكلت الحسيمة الساحلية، التي يقطنها حوالي 55 ألف نسمة، قلب الثورة ضد المستعمرين الإسبان في العشرينيات. كما أنها كانت مركز الاحتجاجات أثناء حركة «20 فبراير».

وكان آلاف المشيعين ساروا صباح أمس الأول خلف جثمان فكري، الذي نقلته سيارة إسعاف صفراء اجتازت مدينة الحسيمة إلى بلدة إمزورن المجاورة الواقعة على بعد 15 كلم حيث دفن.

وأعاد مقتل فكري إلى الأذهان حدث بائع الفاكهة التونسي محمد بوعزيزي، الذي أضرم النار في نفسه، وكان ذلك شرارة انطلاق ما عرف بـ«الربيع العربي».

ويظهر تسجيل بالفيديو انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي فكري يقفز داخل شاحنة القمامة لاستعادة السمك قبل أن يقتل سحقاً، وانتشرت هاشتاغات حملت شعارات من بينها «طحن_مو».

وصادرت الشرطة أسماك فكري، لأن سمك «أبوسيف» الذي كان يبيعه يمنع صيده في هذا الوقت من العام. وما زالت الظروف الدقيقة لمقتله ملتبسة.

إلى ذلك، وبينما سارع العاهل المغربي الملك محمد السادس الموجود في تنزانيا، حيث يختتم جولة دبلوماسية واسعة في شرق إفريقيا، إلى إيفاد وزير الداخلية محمد حصاد للحسيمة من أجل «تقديم التعازي» لعائلة فكري، وطالب بسرعة الكشف عن المتسببين بمأساة الشاب ومعاقبتهم، لاقت دعوة عبدالملك بنكيران الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» ورئيس الحكومة المكلف أخيراً من قبل الملك بتشكيل حكومة، لأتباع حزبه بعدم المشاركة في الاحتجاجات، امتعاضاً واستنكاراً، من قبل تيار واسع من منافسيه وأنصاره على حد السواء.

واكتفى بنكيران المحسوب على تيار «الإخوان» بالتعبير عن أسفه لـ»الحادث المؤلم»، بعدما رمى بالحادث في ملعب وزارة الداخلية، قائلاً إنه «جرى فتح تحقيق من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية».

وقارن منتقدو بنكيران بين موقفه «المتنصل» من مأساة بائع السمك وتوجيهاته السابقة لأنصاره بعدم الانخراط في احتجاجات الحراك الشعبي لسنة 2011 التي أفضت إلى تغييرات بالدستور الحالي.