في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتنامي، على خلفية حادث مقتل بائع أسماك طحنا داخل شاحنة نفايات بعد مصادرة الشرطة بضاعته، سارعت السلطات المغربية أمس إلى إحالة 11 شخصاً، ضمنهم مسؤولون حكوميون، إلى القضاء، ووجهت إليهم تهماً من بينها التزوير في محرر رسمي والقتل غير العمد.وأفادت وكالة "المغرب العربي" أمس بأن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمنطقة الحسيمة قرر إحالة الـ11 إلى قاضي التحقيق، موضحة أن من بينهم "اثنين من رجال الأمن ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة بمندوبية الصيد وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري"، وذلك "من أجل التزوير في محرر رسمي والقتل غير العمد" على خلفية مقتل بائع السمك محسن فكري ليلة الجمعة الماضية.
ونقلت الوكالة عن بلاغ للوكيل العام أنه "قرر الإحالة في ضوء محضر البحث الذي تم من خلاله الاستماع لما يزيد على 20 شخصا، وإجراء عدة معاينات ومواجهات استغرقت كل الوقت المخصص قانوناً للاحتجاز الاحتياطي".
تظاهرات حاشدة
ولم تفلح إجراءات السلطات المغربية في تهدئة الشارع وتواصلت تظاهرات غاضبة أمس لليوم الرابع على التوالي احتجاجا على مقتل بائع السمك في مدينة الحسيمة الأمازيغية شمالي المغرب.وامتدت التظاهرات التي بدأت من ساحات المدن والبلدات ومن بينها العاصمة الرباط، إلى المدارس الثانوية خاصة في الحسيمة، بعدما خرجت تلك التظاهرات منذ مطلع الأسبوع في أغلب المدن المغربية للتنديد بـ"الطريقة المأساوية" التي توفي بها بائع السمك.واندلعت الاحتجاجات في وقت حساس، حيث تتأهب المملكة لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية في نوفمبر الجاري.ووصف مراقبون الاحتجاجات الحالية بالأكبر منذ 2011 عندما نظمت حركة "20 فبراير" تظاهرات للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية مستلهمة من انتفاضات ما عُرِف بـ"الربيع العربي".وتندر الاحتجاجات واسعة النطاق في المغرب، حيث ما زال للملك القول الفصل في البلاد، إذ تمكن المغرب من تهدئة التظاهرات التي تزامنت مع الربيع العربي بإجراء إصلاحات وزيادة الإنفاق مع تشديد القبضة الأمنية.ووجه سيل عارم من المنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي اللوم إلى المؤسسة الملكية.وأعاد مقتل فكري إلى الأذهان حدث بائع الفاكهة التونسي محمد بوعزيزي الذي اضرم النار في نفسه وكان ذلك شرارة انطلاق "الربيع العربي"إحراق بنكيران
وأحرق متظاهرون غاضبون صور رئيس الوزراء المكلف عبد الإله بنكيران الذي يتأهب لتشكيل حكومة ائتلافية بعد فوز حزبه بالانتخابات التي أجريت أكتوبر الماضي. وعبر المتظاهرون عن غضبهم من بنكيران وصمته تجاه قضية مقتل "سماك الحسيمة" واتهموه بـ"التنصل" من المسؤولية عن المأساة.وكان رئيس الحكومة المعين من قبل الملك قد اكتفى بتقديم العزاء، وطالب أنصار حزبه "العدالة والتنمية" بعدم المشاركة في الاحتجاجات على الحادث المأساوي.ملابسات الحادث
وصادرت الشرطة أسماك فكري، لأن سمك أبوسيف الذي كان يبيعه يمنع صيده في هذا الوقت من العام.ويظهر تسجيل بالفيديو، انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، فكري يقفز داخل شاحنة القمامة لاستعادة السمك قبل أن يقتل سحقا، في وقت اتهم نشطاء ضباط الشرطة بإصدار أوامر للعاملين في سيارة القمامة بطحن فكري، ولكن الشرطة المغربية نفت تلك الاتهامات.وكان عاهل المغرب الملك محمد السادس، الذي يقوم حاليا بجولة في إفريقيا، أعطى تعليماته لوزير الداخلية محمد حصاد بفتح تحقيق في وفاة فكري، وأنابه عنه في تقديم واجب العزاء لأسرة الشاب.مساعدة تشاد
على صعيد منفصل، طلب العاهل المغربي من الرئيس التشادي ادريس ديبي بصفته رئيس الدورة الـ27 لقمة "الاتحاد الافريقي"، التدخل من أجل توزيع طلب انضمام المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي على كل الدول الاعضاء.وطلب الانضمام هذا، الذي يعتبر استراتيجيا بالنسبة إلى الرباط، تم تقديمه إلى الهيئة التنفيذية لمنظمة الاتحاد في 22 سبتمبر.وجاء في بيان صادر عن الديوان الملكي: "كان يتعين على السيدة نكوسازانا دلاميني زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، تطبيقا للميثاق المؤسس، ووفقا لمقتضيات عمل المنظمة، المبادرة بالتوزيع الفوري لهذا الطلب" لكنها لم تقم بتوزيعه.وأضاف البيان أن ملك المغرب طلب من الرئيس التشادي "التدخل لدى زوما من أجل توزيع طلب انضمام المملكة، على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد".وطلب المغرب رسميا في سبتمبر العودة إلى الاتحاد الافريقي بعدما انسحب منه في 1984 احتجاجا على قبول المنظمة عضوية "الجمهورية الصحراوية" التي شكلتها جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو).«دوخة» سياسية
في سياق آخر، أفادت تقارير مغربية أمس بأن رئيس الحكومة المكلف الذي يجري مشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية، يعيش في أجواء "دوخة سياسية" جراء تكاثر طلبات المشاركة في الحكومة الجديدة من قبل الأحزاب ومن خارجها.وذكرت التقارير، نقلا عن مصادر سياسية، أن بين كيران وجد نفسه عالقاً بين مطالبة حزب "الاستقلال" وحليفه "الاتحاد الاشتراكي" في مواجهة طلب حزب "الأحرار" وحليفه "الاتحاد الدستوري"، علاوة على حركتي "الشعبية" و"التقدم والاشتراكية"، وهي 6 طلبات للمشاركة في الحكومة، إلى جانب حزبه "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي.