الإصلاح السياسي واختلال موازين القوى
المراهنة على تعديل موازين القوى في المجتمع من خلال مجلس الأمة وحده هي مراهنة خاسرة بكل المقاييس، لا سيما في ظل استمرار الفوضى السياسية الحالية، والاستقطابات الطائفية والفئوية الحادة التي أحيت هويات ثانوية (قبيلة، طائفة، عائلة) كانت سائدة قبل تشكّل الدولة الحديثة، فضلا عن وجود نظام انتخابي سيئ وغير عادل.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
وما لم يتشكل اصطفاف مدنيّ ديمقراطي عريض ذو امتداد شعبي واسع، مثلما ذكرنا في المقال السابق، بحيث يقوم بتبني مطالب محددة للإصلاح السياسي-الديمقراطي، مثل تنظيم العمل السياسي وإصلاح النظام الانتخابي، من شأنها تعديل الخلل وترجيح كفة الإصلاح والتغيير باتجاه الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية، فإن الوضع السياسي-الاقتصادي الحالي سيزداد سوءاً.وفي هذا السياق، فإن المراهنة على تعديل موازين القوى في المجتمع من خلال مجلس الأمة وحده هي مراهنة خاسرة بكل المقاييس، لا سيما في ظل استمرار الفوضى السياسية الحالية، والاستقطابات الطائفية والفئوية الحادة التي أحيت هويات ثانوية (قبيلة، طائفة، عائلة) كانت سائدة قبل تشكّل الدولة الحديثة، فضلا عن وجود نظام انتخابي سيئ وغير عادل. ولن ينتج عن كل ذلك سِوى مجلس شكلي تستخدمه مراكز النفوذ والأقطاب المتصارعة في الدائرة الضيقة في حسم صراعاتها الداخلية، وهو الأمر الذي يعني أن الخلل في موازين القوى سيستمر، أي أن قاعدة المشاركة الشعبية في عملية صنع السياسات واتخاذ القرارات العامة ستكون محدودة للغاية وشكلية، وبالتالي ستستمر عملية التراجع الديمقراطي والتنموي، وستزداد معاناة عامة الناس بعد أن تفرض عليهم سياسات اقتصادية نيوليبرالية غير عادلة. علاوة على ذلك فإنه من الخطأ الجسيم تجاهل تأثير الرأي العام والضغط الشعبي في صنع السياسات العامة وتغييرها حتى في الدول الديمقراطية المتقدمة التي لديها برلمانات عريقة.