لم يشأ مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" جيمس كومي القيام بأي مجازفة يمكن أن تثير شكوكاً بشأن نزاهته. لكن الواقع أنه وجد نفسه في موقع صعب للغاية لاتهامه بالتدخل في مسار الانتخابات الرئاسية قبل أيام قليلة من موعدها.

وأعلن كومي الجمعة، في رسالة مقتضبة إلى مسؤولي الكونغرس، عن اكتشاف قد يقود إلى تطور جديد في التحقيق حول استخدام هيلاري كلينتون خادماً خاصاً لمراسلاتها الإلكترونية، حين كانت وزيرة للخارجية، ووأوضح كومي "55 عاماً" في الرسالة، أنه لا يعلم إن كان اكتشاف هذه الرسائل الإلكترونية الجديدة سيحمل عناصر مهمة.

Ad

وفي رسالة أخرى وجهها إلى موظفي "إف بي آي"، أورد أنه شعر أنه "ملزم" بإبلاغ الكونغرس بالأمر "نظراً إلى أنني أفدت عدة مرات في الأشهر الأخيرة أننا أنهينا تحقيقنا".

وأقر هذا المدعي العام الفدرالي والمساعد السابق لوزير العدل بأنه "في وسط عملية انتخابية، هناك خطر كبير بأن يساء فهمي".

وسارع دونالد ترامب، الذي تتقدمه منافسته الديمقراطية في استطلاعات الرأي، الى استغلال هذا العنصر الجديد بالرغم من عدم توافر أي معلومات حوله.

من جهتها، نددت كلينتون في بادئ الأمر بخطوة كومي بصفتها غير مسبوقة ومثيرة للقلق. وبقي البيت الأبيض حذراً وتبنى موقفاً محايداً. وقال جوش إرنست المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما: "لن أنتقد المدير كومي، كما لن أدافع عنه".

وأضاف إرنست أن الرئيس، الذي عين كومي، وهو جمهوري غير مدرج على قوائم الحزب، في 2013 لعشر سنوات، "ما زال يثق في قدرته على إنجاز مهامه" واصفاً المدير بأنه رجل نزيه.

وضم عدد من الشخصيات الجمهورية الاثنين أصواتهم إلى سيل الانتقادات. وكتب رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ تشارلز غراسلي لكومي مؤكداً أن رسالته لا تقدم "مضموناً كافياً لتقييم المغزى الحقيقي من هذا التطور"، معتبراً أن ذلك "غير عادل لكلينتون".

وكان رئيس الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد كتب الأحد إلى مدير "إف بي آي" مندداً بسلوك وصفه بـ"الكيل مكيالين" يبدو وكأنه يسعى "لمساعدة حزب ضد الآخر".

كذلك انتقد وزير العدل السابق الديمقراطي إريك هولدر "خطأ جسيماً تترتب عنه تبعات قد تكون خطيرة".

وذكر في رسالة صحافية أن سياسة وزارة العدل، التي يتبع لها "إف بي آي" تقضي بعدم التعليق على التحقيقات الجارية وبلزوم الحذر الشديد عند مشارف انتخابات.

وأفادت المعلومات الواردة بأنه عثر على الرسائل الإلكترونية الجديدة على الكمبيوتر المحمول للنائب السابق أنتوني وينر، زوج معاونة مقربة من هيلاري كلينتون هي هوما عابدين، التي انفصلت عنه، وذلك في سياق تحقيق يستهدف وينر.

وأوضح مقربون منه لصحيفة "واشنطن بوست" أنه كان يعتقد بأنه سيتم تسريب هذا التطور في مطلق الأحوال إلى الصحافة، وعندها قد يفسر صمته على أنه محاولة لإخفاء الوقائع.

وقالت مديرة حملة المرشح الجمهوري كيليان كونواي: "كان في موقع لا يحتمل. كان ملزماً بالإبلاغ بأن إفادته أمام الكونغرس في يوليو لم تعد صحيحة".

وكان كومي أعلن حينهان أنه لا يرى مبرراً يدعو إلى ملاحقة كلينتون قضائياً في مسألة بريدها الخاص، ولو انه اعتبر أنها أثبتت إهمالاً شديداً. وتعهد بإبلاغ الكونغرس بأي تطورات جديدة.