كل الشعراء – سواي- مساكين، أشفق على حالهم، لم يجدوك! لم تتوضأ قصائدهم بنورك، ولم تبلّل صورهم الشعرية قطرة ندى من ماء زهر روحك، لم تغمس حروفهم ريشتها في نهر عذوبتك الجاري، لم يسرّح حبك شَعْر قصائدهم، ولم يجدّل لها ضفائرها، لم تجد كلماتهم في مسراها الطويل الموغل في السراب والتيه، لم تجد قمر حنانك الدّال على مواطن الغيم ومنازل الجهات، يقود قوافل الكلمات حادياً ومرددا، أن الدّال على الشعر كفاعله، لم تحظ قصائدهم بهذا الدلال منك، لم تبخّري أصابع أيديهم بمبخرة طيبك، ليسري "دهن العود" في شرايينها، لم يرطّب ألسنتهم ذكرك ذو الفضل العظيم!

كل الشعراء – سواي- قصائدهم لا ظل لها، فهي لم تتفيأ نخل عينيك، لم تشمّ طيورها المغردة رائحة راحتك، وهي تلتقط قطع التوت من حريرها، ولم يتسنَّ ذلك أيضاً لخيول قصائدهم الجامحة، فهي لم تستطعم من راحة كفك قطع السكر.

Ad

قصائد الشعراء – سواي- لم يجرِ نهران من ماء وخمر تحت أقدامها، لم تُفتح لأجنحتها سبع سماوات، لم تجد لغة مشتركة للتقارب مع لؤلؤ البحر، ولم ترو لها الصخور الطاعنة في الملح بقاعه قصص الذين اتّشحوا بزرقة غياهبه، لم تحك لقصائدهم أسرار أولئك الغيّاب ووصاياهم الأخيرة، ولم تضع في يد قصائدهم مفتاح حدائق المرجان، ولم تفك لها شيفرة ألوانه.

كل الشعراء – سواي- مساكين، لم ينالوا هذا الحظ، لم تكوني حبيبة أحدهم، أنتِ التي لا تصلح لأي شيء في الحياة أكثر من أن تكون حبيبة شاعر، يسجّل ذلك في شهادة ميلادك الرسمية، خُلقتِ مبعوثة لهذا، وتلك ظاهرة شعرية لا تحدث إلا كلما بلغ الشعر من الظمأ حدّ الجفاف، حينها تُبعث أنثى لإغاثة شاعر، أنثى تحفظ تعاويذ القناديل، لتقرأها على الدروب المعتمة في غابات المعاني و"حارات" الكلام، وتقود ناصية الحب إلى حيث يشتهي الشعر، تمسح على رماد لحظة في القلب فيُزهر، ورغم أنك تفعلين ذلك وأكثر، فإنك لا تبدين خارقة، بل عادية، للحد الذي يجعل أبواب السؤال مفتوحة على مصاريعها: لماذا يحتاج شاعر كل هذا الوقت "ليُرزق" بحبيبة تشبهك، لا شيء بك - إذا ما نظرت إليه على حدة- استثنائي، جاذبيتك خلف "سولفان" رقّتك ليست استثنائية، نعومتك، خجلك، ذكائك، فطنتك، قوة شخصيتك، إصرارك، إنسانيتك، ليس في كل ذلك وما تبقى استثنائي لك لا يملكه سواك من النساء، إلا أن لروحك عطراً يجذب شهية النساء قبل الرجال، استثنائية في أنوثتك، التي لا تشبه شيئاً، كما زهرة عطرها مسوّر بالشوك وليس روحها، استثنائية بقلبك الذي تتسع سماؤه لصوت الرعد وتضيق في ذات الوقت في "نَفَسٍ" رديء، مفتوحة جنائن قلبك لما ترسمه الحياة في كراسة الرسم من لوحات، كل ما فيك يجمّل وجه الصبح ويجلي زجاج الروح، ليخلق من تحت رماد الكلمات شاعر. شكراً حبيبتي، أن كنت أنا من بين كل شعراء الأرض ذلك المحظوظ الذي أعاد على كرسي حبك احصاء حروفه، فوجد قطرات مطرها أكثر من رقعة جفافه، وأعاد تهجئة كلماته من جديد، ولكن كما ينطقها نورك!