كنت في "سوتشي" مع شريحة كبيرة من نخبة السياسة الخارجية الروسية، وإليك ما اكتشفته:
1- العلاقات الروسية-الأميركية ستسوء فترة طويلة من الزمن:بغض النظر عن هوية المشاركين وميولهم العقائدية، اعتقد جميع مَن قدِموا إلى نادي فالداي أن هذا هو واقع الحال، ويقدّم مارك شامبيون من وكالة بلومبيرغ خلاصة موجزة عن المناخ الذي ساد المؤتمر.لكن المقلق حقاً في كل هذه السهولة التي يشارك بها كلا الطرفين في التعبير عن مشاعرهما السلبية المتبادلة، إذ يتبنى المسؤولون الروس راهناً خطاباً متشدداً بشأن المسار الذي سلكناه لنبلغ هذه المرحلة، والذي بدأ مع نهاية الحرب الباردة، ومرّ بكوسوفو، ووصل إلى العرق وانهيار معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية، وانتقل إلى قمة بوخارست عام 2008 عن توسيع حلف شمال الأطلسي، وانتهى مع بعض مناورات السياسة الأميركية في ليبيا وسورية. وهكذا يبدو الموقف المعادي للولايات المتحدة، الذي يتبناه كل المسؤولين الروس بدءاً من بوتين نفسه، واضحاً، مقتضباً، ومؤثراً جداً بالنسبة إلى الروس.2- تهدف الاستراتيجية الروسية الكبرى إلى فرض التعاطي مع روسيا كدولة عظمى:تحدّث عدد كبير من المسؤولين الروس الرفيعي الشأن، وكانت أسئلة المشاركين ممتازة، لكن حواراً واحداً ظلّ الأبرز، حيث أشار شخص غير أميركي إلى أن خطاب روسيا تجاه الولايات المتحدة قبل عام 2008 قام من حيث الأساس على فكرة "نعارض أعمالكم التي تحرّف الوقائع في العالم، إلا أننا لن نقدِم على أعمال مماثلة لأننا نؤمن بالسيادة الويستفالية". لكن خطاب ما بعد عام 2008 أصبح "سنقوم بما فعلتموه في السابق"، إذ سأل هذا الشخص غير الأميركي بعد ذلك المسؤول الروسي: كيف جعل هذا التبدل الأخير روسيا أفضل من الولايات المتحدة؟ لكن المسؤول راوغ كثيراً ولم يقدّم جواباً فعلياً.3- الاقتصاد الروسي متداعٍ:لم نسمع في فالداي ما يناقض تشخيص أركادي أويتروفسكاي الدقيق لحالة الاقتصاد السياسي الروسي في مجلة Economist. على العكس أكّد بعض المسؤولين مشاكل السياسة الاقتصادية التي تناولها هذا التحليل، فقد ألحقت العقوبات وتدني أسعار الطاقة أذى كبيراً بالاقتصاد الروسي.4- يبدو بوتين مذهلاً، وسلبياً، وعدائياً:أجاب الرئيس الروسي، مع كامل احترامنا له، عن أسئلة المشاركين طوال أكثر من ساعتَين، وبدا مرتاحاً جداً، ولكن عندما تطرق الحوار إلى نقاط ساخنة حساسة بدا مستاء وجارحاً.5- نعثر على آخر الليبراليين العظماء في العالم في شرق آسيا:أراد المسؤولون الروس التحدث عن بروز الحركة الشعبوية في الغرب، والحرب الباردة الجديدة، والمجتمع الأوراسي المتفتح. في المقابل ركّز مشاركون آخرون أكثر تشدداً على أزمات العولمة والرأسمالية العالمية.لكن هذا المؤتمر ضمّ عدداً كبيراً من المشاركين من الدول المحيطة بالمحيط الهادئ، وقد أجمعوا عموماً على أن كل هذه الحوارات مثيرة للجدل، وأكّد المشاركون من شرق آسيا جميعاً أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فكرة سيئة، وكلما انتقد مشارك بشدة عدم المساواة الذي تفرضه العولمة، كانوا يهزون رؤوسهم بحزن ويتجاهلون هذه التعليقات، وكلما أثار أحد موضوع الخلافات الصينية-الأميركية، سارع المحاورون الصينيون إلى التخفيف من حدة التوتر، كذلك بدا الصينيون الحاضرون سعداء بالحديث عن التكامل الأوراسي، إلا أنهم اعتبروا الحافز الرئيس وراء كل ذلك مبادرة "حزام واحد، طريق واحد"، لا الاتحاد الاقتصادي الأوراسي أو منظمة شنغهاي للتعاون.* دانيال جورج دريزنر
مقالات
خمس مسائل تعلمتها عن روسيا
03-11-2016