انتهت محصلة الاستشارات النيابية التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بتسمية 112 نائبا لزعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لرئاسة الحكومة العتيدة.

وبدأ الحريري «عملية صعبة» لتشكيل حكومة وفاق وطني ترضي كل الأطراف، إلا أنه عبَّر عن تفاؤله، بأن «التأليف» سيكون سريعاً. لكن المؤشرات الأولية تظهر أن هذا التفاؤل قد يكون مبالغا فيه، خصوصا في ظل إصرار الحريري على إشراك بري وبعض الأحزاب المسيحية والمستقلين المسيحيين في حكومة فضفاضة، رغم تحذيرات من أنه «سيجرب المجرب»، وقد تلقى حكومته الجديدة مصير التي شكلها في وقت سابق وقام حزب الله بإسقاطها في عام 2009 بطريقة مسرحية، بالتزامن مع وصول الحريري إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس باراك أوباما.

Ad

«حزب الله» لا يسمي

وكان عون استهل الاستشارات النيابية، أمس، في جولتها الثانية بلقاء كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله). وبعد اللقاء، قال رئيس الكتلة النائب محمد رعد، إن «الكتلة لم تسمِّ أحداً لرئاسة الحكومة». ثم توالى عدد من النواب الذين سموا جميعا الحريري، لينهي عون الاستشارات النيابية بلقاء كتلة «التنمية والتحرير» (حركة أمل)، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وقال بري بعد اللقاء: «للحريري دين في ذمتي منذ أن صرّحت بأني إلى جانبه ظالماً أم مظلوماً، واليوم قررت أن أوفي بهذا الدين بكامله وأسميه لرئاسة الحكومة»، مشيرا إلى أنه «لو لم تكن هناك نية للتعاون» لما كان سمى الحريري. وبذلك، ارتفع عدد أصوات النواب الذين صوتوا للحريري من 110 إلى 112 نائبا، بعد احتساب صوتي «الحزب القومي الاجتماعي».

حكومة وفاق

وفور انتهاء الاستشارات النيابية، استدعى الرئيس عون الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بعبدا، لإبلاغه قرار تكليفه تشكيل الحكومة. وانعقد اجتماع ثلاثي بين عون والحريري وبري، خرج بعده الرئيس المكلف ليؤكد أنه «منفتح على جميع الكتل النيابية، بما فيها تلك التي امتنعت عن تسميته»، مشيرا إلى أنه «يتطلع للشروع في الاستشارات، لتشكيل حكومة وفاق وطني تتخطى الانقسام السياسي، مستندة إلى إجماع القوى السياسية حول خطاب القسم».

وأضاف: «لابد أن نسجل في هذا اليوم بالتحديد، لدولة الرئيس تمام سلام، الجهد الاستثنائي الذي قام به في مرحلة صعبة وحساسة، لحماية وحدة البلاد والشرعية والمؤسسات، فكان خير أمين على الدولة والعيش الواحد والسلم الأهلي في بلدنا. إنني أتطلع الآن للشروع في الاستشارات لتشكيل حكومة وفاق وطني تتخطى الانقسام السياسي، مستندة إلى إجماع كل القوى السياسية حول خطاب القسم بكل مندرجاته».

عهد جديد وتفاؤل

وتابع: «إنه عهد جديد. وأملي كبير في هذه اللحظة الإيجابية التي تضع حدا لمعاناة الوطن والمواطنين طوال عامين ونصف العام من الشغور والشلل والجمود، في تشكيل الحكومة سريعا، لتعمل على إنجاز قانون انتخابي يؤمن عدالة التمثيل، وتشرف على إنجاز الانتخابات النيابية في موعدها».

وأضاف: «إنه عهد جديد. وأملي في تشكيل حكومة تواكب انطلاق العهد، وتمكنا جميعا من شبك أيدينا لمعالجة الأزمات المعيشية والاقتصادية والبيئية والأمنية والسياسية التي يعانيها اللبنانيون. وحق اللبنانيين علينا أن نشرع سريعا في العمل، لنحمي وطننا من النيران المشتعلة من حوله، ونحصن مناعته في وجه الإرهاب، ونوفر له مستلزمات مواجهة أعباء النزوح، ونعيد الأمل والثقة إلى شبابنا وشاباتنا بمستقبل أفضل، ونعيد ثقة العرب والعالم بلبنان ورسالته ومؤسساته واقتصاده وسياحته والاستثمار فيه». وختم الحريري بالقول: «إنه عهد جديد، وهذا عهدي للبنانيين. عشتم وعاش لبنان».

تأليف سريع

وزار الحريري بعد ظهر أمس ضريح والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وقال: «حكومة الوفاق الوطني، هي حكومة سيكون فيها كل الناس، وهذا ما نسعى إليه إن شاء الله، وإن شاء الله المستقبل أمامنا، والله يقدم كلّ الخير لهذا البلد، وإن شاء الله سيكون مسار التأليف سريعا».

جعجع

في موازاة ذلك، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إنه يريد وزارة المالية، التي يعتبرها برّي خطاً أحمر لمشاركته في الحكومة.

وقال: «أتمنى أن نأخذ وزارة المال في الحكومة المقبلة، لأن القوات حرمت منذ 26 عاما وحتى اليوم، ومشهود لها بنظافة كفها، وهي جاهزة من أجل مسؤولية كهذه. وبكل صراحة لم أفاتح الجنرال عون بهذا الموضوع سابقا، ونحن اتفقنا على الشراكة والتوازن والعدل». وأضاف: «بيت القصيد بالنسبة لي، هو أنني ضد حكومات الوحدة الوطنية الفضفاضة، وأن يتم تشكيلها بأقرب وقت ممكن، وألا تكون هناك وزارات محجوزة لأشخاص معينين. أعتقد أن القوات ستبلي بلاءً حسناً في وزارة المال».

عون يتلقى التهاني الشعبية الأحد

أعلن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية في بيان، أنه «لمناسبة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، سوف ينظِّم الأحد في 6 نوفمبر الجاري يوم تهنئة شعبية في القصر الجمهوري في بعبدا. وعليه، فإن الرئيس يعتذر عن عدم تمكنه في الأيام الماضية من استقبال المهنئين بسبب الاستشارات النيابية، سوف يلتقي اللبنانيين في باحة القصر الجمهوري في بعبدا، ويلقي فيهم كلمة في المناسبة».