في يوليو الفائت قرر رئيس الوزراء في مصر شريف إسماعيل خلال اجتماعه مع وزارات الثقافة، والمالية، والآثار، والتخطيط، توجيه دعم بقيمة 20 مليون جنيه سنوياً تساهم في النهوض بالعمل الإبداعي السينمائي، ولكن لأسباب غير معلومة لم ينفذ القرار، فاجتاحت حالة من الإحباط كثيراً من المبدعين في المجال السينمائي.

وزير الثقافة في مصر حلمي النمنم وعد أخيراً أيضاً بتخصيص مبلغ لصندوق السينما. في هذا المجال، تشير المخرجة هالة لطفي إلى أن وعود المسؤولين بدعم صناعة السينما في مصر «كاذبة»، خصوصاً أنه منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام كان من المفترض أن يخصص مبلغ 20 مليون جنيه سنوياً لدعم الصناعة، وتلاه قرار رئيس الوزراء بتخصيص 50 مليون جنيه {ولكن لم نحصل منها على جنيه واحد».

Ad

وتضيف هالة لـ «الجريدة» أن الصناعات الإبداعية، خصوصاً السينما لم تتلق دعماً على مدار الثلاث سنوات الماضية، قائلة: «بدل أن تقف الدولة إلى جوار صناعة السينما وتمنع الاحتكار فيها، تزيد العبء على الإبداع من خلال الرقابة ومشاكل السينمائيين معها، إلى جانب فرض ضريبة القيمة المضافة التي بلغت %20 بعدما كانت %7 قبل تطبيق الضريبة، والطريف كان استثناء غرف صناعة الإعلام منها».

كذلك يرى الناقد السينمائي رامي عبد الرازق أن المشكلة ليست في قيمة الدعم الذي يقرره المسؤولون، بل في سوء سياقات الصرف البيروقراطية، «فثمة 20 مليون جنيه دعم نجاهد منذ 2013 كصانعين للسينما لتحصيل جزء منها»، معتبراً أن الحديث عن أرقام لدعم الصناعة بات أقرب إلى الدعاية المجانية لأصحاب القرار.

ويضيف رامي لـ «الجريدة» أن تعطيل الدعم عموماً وعدم وضع ميزانية حقيقية للإبداع يؤثران سلباً في صناعة السينما وينعكسان على الإنتاج، خصوصاً أنها الوسيلة الوحيدة لمواجهة التيار التجاري، مشيراً إلى أنه من المفترض إنتاج 10 أفلام تجارية تقابلها 10 أفلام جادة لصنع بيئة متوازنة فنياً.

أزمة الشباب

ورغم القرارات المستمرة والنوايا التي يبدو ظاهرها أنها «المساندة الحكومية للسينمائيين والصناعة عموماً»، واجه عدد كبير من المخرجين الشباب خلال الفترة الماضية أزمة في إنتاج أعمالهم، تحديداً من الناحية المادية. يتحدث المخرج أحمد ماهر إلى «الجريدة» عن أن ثمة أزمة ثقة كبيرة بين المبدعين وبين كل من «المركز القومي للسينما» ووزارة الثقافة، لا سيما ما يتعلّق بالإدارة وصرف الدعم لمستحقيه، خصوصاً في ظلّ الانحيازات وأجواء «الشللية» التي تسيطر على صانعي القرار، على حد وصفه.

ويصف ماهر أن ثمة متاهات يقحم فيها السينمائيون عندما يتعلق الأمر بصرف الدعم المالي، مشيراً إلى أن الأزمة ليست بتخصيص مبالغ لدعم صناعة السينما في مصر، بل في غياب آليات وإدارة تستطيع توجيه الدعم بعيداً عن الهيمنة التي يفرضها أصحاب الأفلام التجارية والمستفيدون. ويؤكّد أنه خلال تجربته في تأليف فيلمه الروائي الطويل «بأي أرض تموت» وإخراجه، لم يتمكّن من صرف الدعم المخصص له من وزارة الثقافة منذ عام 2014 لأسباب لا يعلمها، وأنه لجأ إلى دعم فرنسي، وأضاف أنه عندما يعرضه سيكتب نصاً «هذا الفيلم صُنع من دون دعم من وزارة الثقافة».

رأي آخر

في إطار وعود الدولة المصرية بدعم السينما، يعتبر المخرج سعد هنداوي أن تخصيص مبالغ مادية لمساندة هذه الصناعة، خصوصاً الشباب فيها، خطوة جيدة للنهوض بالعمل السينمائي، ودلالة على أن الدولة تعي جيداً دور السينما في المجتمع، راجياً أن تكون ثمة خطة منظمة لصرف الدعم وإدارته من دون تحكم الوزارات أو الجهات السينمائية المعنية به.