«آخر أيام المدينة»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
في تبريره لما حدث قال المخرج إن المهرجان اتخذ قرار عدم قبول الفيلم {بحجة مشاركة {آخر أيام المدينة} في عدد كبير من المهرجانات الدولية (قبل) مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في حين كان واضحاً أن الرفض، حسب خطاب الاعتذار، جاء بسبب نكوص المخرج عن الاتفاق المبرم بينه وبين المدير الفني للمهرجان، وهو ما أوضحه البيان الذي أصدره المهرجان رداً على ما سماه {مغالطات كان من الضروري الرد عليها}، فقد جاء في البيان: {طلب المدير الفني من المخرج أن يتوقف عن إرسال الفيلم إلى المهرجانات الأخرى إلى حين عرضه في مهرجان القاهرة، ذلك احتراماً لحجم وقيمة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وكان رد المخرج تامر السعيد الموافقة، مع توضيح أنه كان اتفق فعلاً على المشاركة في عدد محدود من المهرجانات (ثلاثة أو أربعة كما ذكر) إلا أنه (وبعد الاتفاق) فوجئ المهرجان بمشاركة الفيلم في قرابة العشرة مهرجانات، جميعها يسبق تاريخه موعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومنها ما يقل كثيراً في التاريخ والقيمة، وكأن فريق الفيلم يضع مهرجان القاهرة في ذيل قائمة اهتمامه!}.في هذه النقطة تكمن الأزمة، في رأيي، فالمهرجان رأى في إصرار المخرج على قبول دعوات جديدة لعرض الفيلم أو مشاركته في أية مهرجانات أخرى (بعد الاتفاق)، تقليلاً من قيمة المهرجان، بينما كانت قناعة المخرج بأن الاتفاق {يلزمه بأن يكون عرض الفيلم في المسابقة الدولية للمهرجان هو العرض الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فقط}، وهو ما نفاه بيان المهرجان جملة وتفصيلاً بقوله: {مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ليس مهرجاناً إقليمياً، ولا ترتبط عروضه بشرط العرض الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا}. وفي سياق ليس بعيداً بدا غريباً أن المخرج يوحي، في بيانه، وكأن {الغيرة أكلت المهرجان من نجاح الفيلم}، وهو ما وضح في قوله: {فوجئنا في الأسبوع الماضي، وعقب النجاح الكبير الذي حققه الفيلم في مهرجان لندن السينمائي الدولي، ومن دون أي إنذار من إدارة المهرجان، بخطاب الاعتذار الذي أشرنا إليه}، بل إنه يلقي باللائمة على المهرجان {لأن التراجع عن الاتفاق، والرفض المفاجئ لمشاركة الفيلم بعد قبوله، حرمه من فرصة العرض والمشاركة هذا العام في أية مهرجانات سينمائية في هذه المنطقة من العالم!}.ارتكبت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي خطأ كبيراً عندما تكتّمت على خطوة إرسالها خطاب الاعتذار في وقت مبكّر، من ثم فقدت زمام المبادرة، وارتضت أن تصبح أمام الرأي العام {رد فعل} ليس أكثر. لكن الخطأ الفادح يتمثل في الفقرة الكاشفة التي جاءت في بيان الرد، وتقول بالحرف: {حيث إن الفيلم شارك في عدد كبير من المهرجانات منذ عرضه الأول، اقترح المدير الفني على مخرجه المشاركة ضمن برنامج {آفاق السينما العربية}، الذي يضمّ مجموعة من أفضل إنتاجات السينما العربية الحديثة، إلا أن المخرج رفض الاقتراح، (واشترط) أن تكون مشاركته ضمن المسابقة الدولية للمهرجان. وتمت الموافقة على هذا الشرط}! فالمهرجانات كبيرة القيمة والقامة والمكانة لا ينبغي لإداراتها أن تذعن لشروط أو تخضع لطلبات، وعليها أن تكون صاحبة {اليد العليا} في قراراتها، خصوصاً أن الامتثال للشروط التي يمليها {البعض} لم يكن مقصوراً على تامر السعيد وحده، بل كانت سابقة مع النجمة إلهام شاهين، منتجة {يوم الستات} وبطلته، التي وافقت على مشاركة فيلمها في المسابقة الدوليّة للمهرجان، في دورته الثامنة والثلاثين، لكنها {طلبت} أن يُعرض في الافتتاح أيضاً!ليس عجيبا في هذه الحال أن تصبح المعالجة الخاطئة لأزمة استبعاد {آخر أيام المدينة} سبباً في المعركة التي احتدمت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واتهام المهرجان من {الفيسبوكيين} بأنه {يكره النجاح} و{يعرقل مسيرة مخرج شاب}، بينما يدخل بيان الشركة المنتجة في روع من يقرأه بأن {الفيلم ضحية}، و{الكفاح مستمر} وإلا فكيف نفسر الجملة التي اختتم بها البيان وجاء فيها: {لا يسعنا الآن إلا أن نواصل العمل حتى يعرض الفيلم في مصر، مؤمنين بحق الجمهور في مشاهدته. فنحن لن نشعر بالقيمة الحقيقية لفيلمنا مهما حقق من نجاح في الخارج إلا حين يُعرَض في بلده ولأهله وجمهوره من المصريين}.