مسرحية الشطب!
لقضية شطب المرشحين بُعد يكمن في زرع ألغام إضافية في طريق الانتخابات القادمة، لتضاف إلى الشبهات الدستورية العديدة التي واكبت حل مجلس 2013 سواءً ما يخص مرسوم الحل المعيب الذي لم يستند إلى مذكرة الحكومة بعدم التعاون مع البرلمان، أو تشكيل اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الجديدة بشكل مفاجئ.
لم تكتف الحكومة ومجلسها المصون بمسرحية الحل الهزلي وبمبررات ما أنزل الله بها من سلطان إنقاذاً لعلاقة التعاون الحميمية بين السلطتين، ولكنها أتبعت ذلك بمشاهد مسرحية جديدة قد تتوالى فصولها ليس فقط بعد إغلاق صناديق الاقتراع في انتخابات 2016 بل حتى بعد ذلك، حيث إن الفصل الأخير من هذه المسرحية قد ينتهي بإبطال البرلمان الجديد في مهده.آخر سخريات وزارة الداخلية الانتخابية هي شطب مجموعة من المرشحين في حركة غبية ومكشوفة، فاللجنة المشرفة على فحص المرشحين تدرك تماماً وقبل غيرها عدم دستوريتها، وأن لا مكان لها من الإعراب، بل تعلم تماماً أن قرارها في شطب من تنطبق عليهم شروط الترشح والعدم سواء، وأن القضاء المستعجل سيلغي قراراتها فوراً ليعود المرشحون إلى دائرة المنافسة، فلماذا إذاً تقوم "الداخلية" بمثل هذه المهزلة؟!الجواب عن ذلك أن الحكومة تحاول قدر الإمكان، أن توحي للناس أن الانتخابات العامة ومصير الإرادة الشعبية بعصمة وزارة الداخلية، وأن البعد الأمني سيف مصلت على رقاب الناس ناخبين ومرشحين، ومن سخريات القدر والتطفل على الديمقراطية أن تكون المؤسسة الأمنية هي المشرفة والمهيمنة على العملية الانتخابية وإطلاق يدها في التحكم في نتائجها إما بشكل مباشر أو غير مباشر، ففي انتخابات 1967 سرقت وزارة الداخلية، عيني عينك، معظم صناديق الاقتراع وبدّلت أوراق التصويت حتى عرفت تلك الحادثة بسنة التزوير.
لكي لا تكون القضية مكشوفة، تلجأ الحكومة إلى إخراج مسرحيات جديدة إما لتعطيل بعض المرشحين، أو تلميع بعضهم الآخر وإظهارهم أبطالاً، وعلى أقل التقديرات خلط الأوراق أمام الناخبين، وإلا كيف يعقل بالمنطق والقانون أن تشطب الداخلية أكثر من 40 مرشحاً لقضايا أو حتى لأحكام تدرج ضمن جنح الصحافة، ولم تقدح مرتكبيها بالأمانة والشرف، أو تكون تلك القضايا لا تزال معروضة على القضاء ولم تصدر بشأنها أحكام نهائية، أو لا تكون هناك لا قضايا ولا أحكام أساساً كما هي الحال لمعظم المرشحين المشطوبين!قضية شطب المرشحين لها بعد آخر يكمن في زرع ألغام إضافية في طريق الانتخابات القادمة، لتضاف إلى الشبهات الدستورية العديدة التي واكبت حل مجلس 2013 سواءً ما يخص مرسوم الحل المعيب الذي لم يستند إلى مذكرة الحكومة بعدم التعاون مع البرلمان، أو تشكيل اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الجديدة بشكل مفاجئ وعدم وجود جدول أعمال أو توافر النصاب القانوني لاجتماع المجلس الأعلى للقضاء مع الترشيحات المعيبة لشغل المناصب القضائية الشاغرة من وزير مستقيل أو حتى مكلف بتصريف العاجل من الأمور بعد حل المجلس، الأمر الذي يفتح باب الطعن بالانتخابات على مصراعيه، وفي حال استمرار شطب أي مرشح وبيان بطلانه لاحقاً، فمن شأن ذلك الطعن في نتائج الدائرة الانتخابية بالكامل.لعل من أطرف السيناريوهات المتوقعة إبطال نتائج الانتخابات القادمة بعد معرفة توازنات القوى السياسية الجديدة ومؤشرات الرأي العام، وعودة مجلس 2013 المدلل فيكون الناس قد نسوا إنجازاته الباهرة في خنق الحريات ورفع أسعار البنزين، وإلغاء الدعم الحكومي، وزيادة قيمة الكهرباء والماء، وأخيراً حل كل المشاكل الإقليمية وربما الدولية أيضاً!