لولا أن كنّا قد توجهنا صبيحة الاثنين الماضي من منازلنا لا فنادقنا، لحضور احتفالية البهجة، ولولا أن من كان يجلس في مقصورة القمة هناك في مبنى الجمال هو سمو شيخنا العود وسمو ولي عهده وصحبهما الكرام، لتصورنا أنفسنا في واحدة من حواضر الفن والثقافة العالمية في عاصمة من عواصم العالم المتقدم، ذلك لأننا لم نعتد، ومع عميق الأسف، منذ عهد طويل على ملامسة بهاء الإنجازات الحضارية التي توارت لعقود طويلة خلف حجب الظلام والقتامة، بعد أن تمكنت محاكم التفتيش من مصادرة الفرح، وكتم أنفاس الفنون الراقية، بشتى صورها، في بلادنا التي كانت في مواقع الريادة، إقليمياً وعربياً، من دون منازع، وذلك تحت دعاوى الحفاظ على العادات والتقاليد والآداب العامة، بكل ما تحمله تلك الاتهامات من عدوان على الحصانة الأخلاقية لمكونات المجتمع الكويتي، الذي لم يفرِّط يوماً في قيمه الأخلاقية، رغم توقه وتعلقه بالفن الراقي والجميل.ولولا القرار الحكيم، بأن يتولى الديوان الأميري وكوكبة شبابه وشاباته من المهندسين أمر تنفيذ مشروع مجمع الأوبرا، الذي كان ومنذ نصف قرن أملاً وحلماً كالسراب راود مخيلة فناني ومبدعي هذا الوطن الطيب، ومهتمي وهواة الشأن الفني والثقافي والمشتغلين فيهما، فإن ذلك الحلم كان سيبقى معلقاً في سماء المستحيل، لأن مصير أغلب المشاريع الحكومية هو التعطيل والتأجيل والإلغاء ومراكمة الأخطاء وضحالة الإنجاز والضياع في متاهات سوء الإدارة.
إن الإرادة المخلصة التي وقفت خلف الدفع بأن يرى هذا المشروع النور سريعاً، هي من اختارت الطريق الأصوب تصميماً وتنفيذاً بسرعة وكفاءة وجمالية لم نعهدها في سواه من المشاريع.كان يوماً بهيجاً التأم فيه تحت رعاية سامية ما يقرب من الألفين من المدعوين من أهل الكويت وخارجها، ليشهدوا الولادة البهية لدار الأوبرا الكويتية، ضمن احتفالية رفيعة الدقة والجمال رسمها وأخرجها باقتدار المبدع الكويتي أ. أحمد الدوغجي، وفريقه الفني المحترف، ولا نستطيع إلا أن نحيي دفء كوكبة الاستقبال من الشباب والشابات لضيوف الحفل، وكفاءة المقاول المنفذ، وفريق المهندسين التابع للديوان الأميري الذين تولوا بقيادة المايسترو عبدالعزيز إسحق، الإشراف على تشييد الجواهر المعمارية المنتثرة على مساحة المركز، معلنة قيام صرح معماري في الكويت متفرد بمكوناته، قياساً بمثيلاته من الصروح الثقافية العالمية.كلنا أمل وتفاؤل بالقرار الحصيف لإسناد إدارة المركز لإحدى الشركات الأميركية المتخصصة تحت مظلة الديوان الأميري، واختيار الفنان الكويتي المخرج وليد العوضي مديراً تنفيذياً له، والذي لا نشك في قدرته على وضع برنامج ثري للتشغيل المتواصل لمكونات المركز، وفي طليعتها دار الأوبرا، وإحيائها على مدار العام بالعروض والأنشطة المتناسبة مع مستواها الفني الرفيع.شكراً لكل من زرع البسمة في نفوس محبي الجمال من شعبنا الطيب الذي عاش بهجة غابت عنا طويلاً، وحقق لنا رؤية يوم بهيج في افتتاح دار الأوبرا.***ملحوظة:ربما كان ضيوف الحفل بحاجة لمعلومات مطبوعة، كنبذة عن المشروع وبرنامج الافتتاح والمشاركين العالميين فيه، كذلك لترجمة مطبوعة باللغتين الإنكليزية والفرنسية لمكونات فيلم الافتتاح، لتعين الأجانب من الحضور على حسن المتابعة، لكنها ملاحظة لم تفسد البهجة.
أخر كلام
6/6 : يوم الأوبرا البهيج
04-11-2016