تصريحات العامري الاستفزازية... خدمة للتطلعات الإيرانية!
لو لم يكن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي معتمداً على قوة خارجية، أصبحت في حقيقة الأمر تحتل العراق، لكان عد إلى الألف وليس إلى العشرة قبل أن يتحدى تركيا، ويلجأ إلى التصعيد غير الضروري معها بطريقة استفزازية، وكأنه مدفوع بحسابات غير عراقية، لا بل إنه يريد أن يتدخل الأتراك عسكرياً في حرب الموصل، ليوفر العذر والحجة لإيران كي تتدخل عسكرياً بدورها في هذه الحرب.إن الأمر لا يحتاج إلى كل هذه العنتريات الفارغة، وإنه من غير الممكن أن يتحدى هادي العامري دولة كبرى في المنطقة وعضواً في حلف شمال الأطلسي، لو أن العامري لم يُطلب منه هذا، ولو أن الإيرانيين لم يتقصدوا أن يخاطبوا إردوغان بهذه اللهجة التصعيدية عبر حنجرته وعلى لسانه، وحقيقة ان الأتراك يعرفون أن رئيس الوزراء العراقي مجرد بوقٍ للأكثر تطرفاً في طهران، وأنه لو لم يكن مسلوب الإرادة لبادر بالذهاب إلى أنقرة، كما ذهب إليها في زيارة سابقة، ولتفاهم مع دولة مجاورة من المفترض أنها صديقة إن لم تكن "شقيقة" وعلى أساس حسن الجوار والمصالح المشتركة والأمن المتبادل.
ربما، ولا أقول بالتأكيد، يعرف هادي العامري أنه ليس لتركيا أي مطامع توسعية لا في اتجاه العراق، ولا في اتجاه سورية، ولا في اتجاه اليونان وبلغاريا، ففتح هذه الملفات سيشملها أيضاً، سواء في المستقبل القريب أو البعيد، فهناك لواء الإسكندرون الذي تخلى عنه نظام الأسد، ووافق على أنه "هاتاي"، وهناك مطالب يونانية وبلغارية كثيرة... وهناك أيضاً المشكلة الكبرى التي هي المطالبات الانقسامية لحزب العمال الكردستاني - التركي. إن المفترض أن العامري يعرف أن تركيا أصبحت تخشى وصول إيران احتلاليا إلى الموصل، لتصل لاحقاً عبر شريط أرضي إلى اللاذقية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وحيث وفقاً للحسابات التركية ستكون خطوتها اللاحقة نحو لواء الإسكندرون أو "هاتاي" على اعتبار أن غالبية سكانه من العلويين، وعلى اعتبار أن كل هذا "السيناريو" يستند إلى أن هناك مؤامرة لتقسيم سورية متورط فيها نظام بشار والروس أيضاً، وبالطبع فإن دولة الولي الفقيه على رأس هؤلاء المتورطين. ثم وعندما يحتضن العراق، نيابة عن إيران وبـ"أوامر" من حراس الثورة الإيرانية، حزب العمال الكردستاني – التركي، الذي كان "اختُرع" في بدايات سبعينيات القرن الماضي، بتعاون "كي جي بي" السوفياتي والمخابرات السورية لزعزعة استقرار تركيا، فإنه على هادي العامري ألا يستغرب أن يعلن الأتراك حالة الاستنفار القصوى، وأن يقتربوا بقواتهم العسكرية من الحدود العراقية التي هي مستباحة أصلاً، ومنذ أن ارتكب نظام صدام حسين البائد جريمة غزو الكويت، التي كانت بداية كل هذه التغيرات التي تشهدها هذه المنطقة. إن على هادي العامري أن يبادر إلى "لَحْس" تصريحاته الاستفزازية ضد تركيا، وهذا إذا كان هو رئيس وزراء العراق بالفعل، وعليه ألا يكرر ما فعله صدام لكن على الحدود العراقية الشمالية، فإيران دولة لا تسعى إلا إلى تحقيق مصالحها، وهي من غير المستبعد، بل بالتأكيد، ستضع يدها بيد إردوغان إذا اقتضت مصالحها ذلك، وهذا كله سيكون على حساب بلاد الرافدين، وعلى حساب الشعب العراقي بسنته وشيعته وأقلياته القومية... إنها لعبة أمم، والمعروف أن ألاعيب الأمم لا ترحم الضعفاء ولا الأغبياء!