المشهد السياسي الكويتي في آخر عشر سنوات، انقلب رأسا على عقب؛ ابتداء من الحل المتكرر للمجالس السابقة، ومرورا بمنعطفات الاحتقان السياسي المرير والصراع بين الإصلاحيين ونخب سياسية وتجارية مستحوذة على القرار السياسي، إلى أن وصل بنا الحال إلى نظام "الصوت الواحد"، وبرغم دعوتنا في مقالنا السابق إلى المشاركة فإننا مازلنا عند رأينا الدائم بأنه أسوأ نظام انتخابي مر على التجربة الديمقراطية الكويتية، والتي من الوهلة الأولى تظهر لك هذه التجربة كأنها لوحة فنية جميلة تعبر عن وجود ديمقراطية ودولة مؤسسات وتداول للسلطة وحرية صحافة، ولكن سرعان ما تكتشف أن خلفها لوحة قاتمة وسوداوية ترسم ألوانها أشد أنواع الاستبداد السياسي والانفراد المطلق بالسلطة.لذلك ومن أجل الكويت أدعوكم إخواني الناخبين وأحثكم أن تمارسوا حقكم السياسي باختيار من ينوب عنكم في السلطة، والتركيز بشكل كبير على البرامج الانتخابية والسمات الأخلاقية والقيمية للمرشحين، وأن تضعوا مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، وأمام مكتسباتكم الشخصية الضيقة، وأن تعبروا في هذا العرس الديمقراطي بشكل واضح وصريح، عن مدى وعيكم السياسي وانتمائكم الوطني وأنتم تمنحون الثقة لصاحب النزاهة والكفاءة والجرأة في الدفاع عن الحقوق وانتزاعها، حتى لو لم يكن ينتمي للطائفة أو العشيرة... إلى غير ذلك؛ لذلك استشعروا أن الصوت أمانة لتساهموا بفاعلية في بناء كويت المستقبل، وتتصدوا لكل الفاسدين، وكل من تسول له نفسه أن يعبث بمقدرات الوطن.
وغير خفي عليكم أن الأيام المقبلة ستكون أشد وأمر، وقد اتُّخِذت بالفعل قرارات في حزمة إجراءات اقتصادية، لذلك يتم الترويج الآن لقصة عجز الموازنة المصطنع؛ وبالتالي استخدام جيب المواطن كفزاعة؛ للمساومة في سد العجز من الصناديق السيادية، والتي تكفي عائداتها لتمويل الدعوم عشر سنوات مقبلة! ولكم أن تتخيلوا مصير هذه الصناديق في حال وضعت الحكومة قبضتها عليها، ويكفي أن تتساءلوا بين أنفسكم: أين ذهبت الفوائض المالية بأرقامها الفلكية؟! لاسيما أن كل الحكومات السابقة بما فيها الحالية تعتبر شاهد إثبات على عصر الكويت الفاشل!لذلك اقتضى التنبيه، من أجل حسن الاختيار وتحكيم العقل لا القلب، والابتعاد عن المجاملة التي تضر بمصلحة الكويت، وأن يتم الاختيار بعد الاطلاع على كل البرامج الانتخابية للمرشحين، ولا تمنحوا شرف تمثيلكم، إلا لمن يحقق تطلعاتكم، ويحمل همومهم، ويشعر بمعاناتكم.ختاماً: باختيارك للمرشح الكفء صاحب الموقف الوطني الثابت، تنكسر القاعدة القائمة على علاقة المصلحة بين المرشح المندوب والناخب، وما يترتب عليها من ضياع لحقوق المواطنين وإثراء المرشح. وعلى النقيض: أن تمنح صوتك الوحيد على خلفية قبلية أو عائلية أو طائفية... إلى غير ذلك من عصبيات، هو تفريط في مستقبل الكويت؛ لذلك نقول: إن الوعي السياسي هو بوابة العبور، وغير ذلك عبث لا طائل منه! ودمتم بخير.
مقالات - اضافات
High Light: من أجل الكويت
05-11-2016