برامج «كوبي بيست»
نعيش هذه الأيام أجواء انتخابات مجلس الأمة، والملاحظ أن بعض المرشحين الذين سجلوا أسماءهم ودخلوا حلبة المنافسة على مقاعد عبدالله السالم لا توجد لديهم برامج انتخابية محددة يسعون إلى تطبيقها في حال فوزهم، بل إن بعضهم أعلن ذلك صراحة بالقول إنه لا يوجد لديه برنامج انتخابي وينتظر الفوز أولاً بالكرسي، ثم بعد ذلك يبدأ التفكير في البرنامج وماذا يريد أن يحقق.المتابع للبرامج الانتخابية التي يطلقها المرشحون يجدها قديمة ومستهلكة وتم تداولها في الانتخابات الماضية وما سبقها، وفي الغالب تكون مجرد تصريحات لدغدغة مشاعر المواطنين بالحديث عن مواجهة ارتفاع الأسعار وحل الأزمة الإسكانية وإسقاط القروض وتوظيف العاطلين وإنهاء مشكلة البدون، وفي الغالب عندما يصل المرشح إلى هدفه ويصبح نائباً في البرلمان تختفي كل هذه الوعود البراقة ولا نسمع له صوتاً.أيضاً نلاحظ في البرامج الانتخابية المطروحة الآن أنها لا تركز على المشاريع التنموية التي تواجه الكثير من المعوقات، ولايزال الكثير منها حبيس الأدراج، وكذلك لا تطرح رؤية حقيقية للنهوض بالبلاد وتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، والأهم من ذلك أنها لا تتطرق إلى التحديات الأمنية التي تحيط بالكويت والتي ركز عليها مرسوم حل البرلمان السابق، ويبدو أن أغلب المرشحين لم ينتبهوا إلى هذا الأمر أو أنهم تجاهلوه عن عمد واستمروا في رفع الشعارات الرنانة التي اعتادوا عليها في الانتخابات السابقة، والتي عادة ما تأتي بنتائج إيجابية لهم.
ومن الملاحظات المثيرة أيضاً على برامج بعض المرشحين أنها نسخ مكررة من بعضها لدرجة أنك عندما تقرأ تصريحات عن أزمة السكن تجدها "كوبي بيست"، وتكاد تكون منقولة بالحرف، فلا يكلف بعض المرشحين أنفسهم عناء التفكير والتخطيط ووضع رؤية مستقبلية يسعون إلى تطبيقها في حال وصولهم إلى مجلس الأمة وإنما يكتفون هم أو القائمون على حملاتهم الانتخابية بالاقتباس والقص واللزق.وخلال الانتخابات الحالية أيضا نلاحظ انتشار ظاهرة لم تكن تعرفها الكويت وهي تجريح المرشحين في بعضهم وتوجيه الاتهامات بالخيانة والعمالة والمصادرة على الحقوق التي منحها الدستور لأي مواطن في الترشح حيث صب البعض غضبه على مواطنين شرفاء كانوا قد قاطعوا الانتخابات السابقة، ثم رأوا أن الوطن في حاجة إلى وجودهم لمواجهة تجبر الحكومة على الطبقة الوسطى وسن القوانين المعيبة التي تضر بنسيج المجتمع ووحدته الوطنية، وإن كان وعي المواطنين في الاختيار سيحفظ لهؤلاء كرامتهم التي يحاول البعض إهانتها. نعلم أن الوقت بين حل المجلس السابق وإجراء الانتخابات محدود، وربما لا يسعف في إعداد برامج انتخابية متميزة، ولكن الكثير من المرشحين لديهم خبرات سابقة، ومنهم من كانوا نواباً في البرلمان ويفترض أن يكون لديهم رؤى لحل المشاكل، وفي كل الأحوال فإن الكرة الآن في ملعب المواطنين الشرفاء، وعليهم عدم الانسياق وراء الشعارات البراقة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والانتماءات الضيقة، فاختيارهم الصحيح لمن يمثلهم تحت قبة عبدالله السالم سيكون له تأثيرات إيجابية لا حصر لها لصالح الوطن والمواطنين، وسيساهم في تشكيل مجلس أمة قادر على التشريع ووضع السياسات اللازمة للنهوض بالبلاد بعكس المجلس السابق الذي لم يهش أو ينش وعشنا معه سنوات قحط، خصوصاً في ظل التحديات التي تهدد المنطقة، وكذلك غربلة بعض القوانين التي تم إقرارها وتحتاج إلى إعادة النظر بها... وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه لكل من لديه النية الصادقة لخدمة الكويت الغالية، والله ثم الوطن من وراء القصد.