كُتب الكثير عن التغييرات في معدات الجيش الروسي وتدريباته، ومفهومه للعمليات، وأخيراً بسطه لقوته (في القرم، وشرق أوكرانيا، وسورية اليوم). وهذه التغييرات تعكس تبدلات كبيرة في أحد أكبر جيوش العالم، هذه القوة التواقة إلى استعادة المكانة والزخم اللذين كانت موسكو تتمتع بهما خلال الحرب الباردة، حين كانت تنافس الولايات المتحدة حول العالم.
وراء هذه التغييرات نرى عدداً من التطورات والسياسات التي تحدث في الكواليس في روسيا؛ فقد كتبت الصحيفة الرسمية للقوات المسلحة الروسية Krasnaya Zvezda أخيراً عن الابتكارات التكنولوجية التي قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في الطريقة التي يتدرب بها الجيش الروسي، قتالاً ودفاعاً.في الخامس والسادس من أكتوبر الماضي، أُقيم معرض دولي بعنوان «يوم الابتكار في القوات المسلحة لروسيا الفدرالية لعام 2015» في عدد من المدن عبر روسيا، من موسكو وإكاترنبرغ إلى روستوف وفلاديفوستوك، وتشير المجلة الروسية RedStar إلى أن أكثر من 30 مؤتمراً وجلسة مناقشة عُقدت بمشاركة ممثلين وشركات من روسيا ودول أجنبية، إذ تباحث المشاركون في مجموعة واسعة من المسائل، من سياسات الابتكار وأساليب تنظيم لوجستيات القوات المسلحة إلى إمكان استخدام الإنجازات التكنولوجية الأخيرة لمصلحة الجيش.ووفقاً لهذه الصحيفة، تطبق روسيا راهناً الكثير من البرامج التي تهدف إلى توليد ظروف مؤاتية للابتكارات التكنولوجية، وتشمل هذه البرامج نشاطات مؤسسة مساعدة لشركات الابتكار الصغيرة من العلوم إلى التكنولوجيا، حيث قدّمت هذه المؤسسة الدعم إلى ميركون، وهي شركة تشارك في إنتاج معدات الاتصالات اللاسلكية، والأجهزة الإلكترونية التي تعتمد على الموجات الصغرية، والرادار، فضلاً عن دعم شركة الاستثمار الصغيرة Sibanalitpribor التي تطور أنظمة جوية مستقلة.وتضيف RedStar أن الخاصية الرئيسة المميزة ليوم الابتكار كانت التشديد على الأفكار المطروحة، لا على حجم المعرض بحد ذاته، حيث قُدمت إلى العموم ابتكارات جديدة في مجالات الرجال الآليين، والإلكترونيات، والمعلومات والاتصالات اللاسلكية، إلى جانب الأمن عبر الإنترنت، والبصريات، والتجهيزات العسكرية، وأجهزة المحاكاة المعقدة في المختبر.وتشير الصحيفة أيضاً إلى أن هناك اهتماماً خاصاً أولياً بنسخة مطورة من بندقية كلاشنيكوف شبه الآلية، AK-12، الذي بدا شكلها الأخير مختلفاً إلى حد كبير عن النموذج الأصلي الذي قُدِّم إلى العلن قبل بضع سنوات، كما تذكر أن الاهتمام اختلف باختلاف المعارض، فلم تحظَ كلها بالاهتمام عينه؛ ففي بعض المعارض خارج موسكو، لم يعد الناس يأبهون بقسم «الطوافات الروسية» بعد مغادرة وزير الدفاع الروسي وفريق عمله، إذ لا يريد أحد، على ما يبدو، التعرف إلى نماذج من طوافات جديدة سبق أن عُرضت في معرض HeliRussia وصالون الفضاء والطيران الدولي MAKS هذه السنة، ورغم الأفكار الجديدة المطروحة بدا الزوار أيضاً أقل اهتماماً بمفاهيم ونماذج المركبات الجوية بدون طيار.أما مصادر الجذب الكبرى في معرض موسكو، فكانت ابتكارات طورها معهد الأبحاث المركزي لبناء دقة الآلات، وهو مكتب تصميم صناعي روسي يسمح لشركائه التجاريين بعرض أفكارهم، وتشمل هذه الابتكارات نظارات خاصة تبدو شبيهة بالنظارات الشمسية، إلا أنها تستطيع تحمل الاصطدام بشيء يطير بسرعة 250 متراً في الثانية، أو مدفئة شخصية محمولة شبيهة بسترة جلدية مزودة بقفازات.وبالإضافة إلى ذلك، كتبت RedStar أن الكثير من الزوار الأجانب أولوا اهتماماً خاصاً لمستشفى كلوفر الميداني المتنقل المصمم لمعالجة عدد من الإصابة في ساحة القتال، وقد طوره خبراء في مركز الصدمات وطب العظام في الأكاديمية الطبية التابعة للجيش الروسي، إذ يشير مصمموه إلى أن تفرد كلوفر يكمن في أنه يسمح بمعالجة الجراح الطفيفة، فضلاً عن الإصابة الحادة التي تتطلب عناية في المستشفى.وفي هذا الصدد، تراقب موسكو ابتكارات مماثلة عن كثب لتضمن تقدّمها وتأمينها في نهاية المطاف لعدد من فروع جيشها؛ ولعل هذا ما شجع الرئيس فلاديمير بوتين أخيراً على إعلان أنه بعد سنوات من التقدم، سيُسر خصومه بهذه التطورات في مجالي الدفاع والأمن.صامويل بيندت
مقالات
الجيش الروسي يراهن على الابتكار
09-11-2015