الحريري من ولي الدم... إلى شريك في الدم!
رغم الأحداث السيئة المتوالية في عالمنا العربي، أحسست بألم مضاعف وحزن عميق عندما تابعت لدقائق معدودة الاحتفالات في بيروت بتسمية سعد الدين الحريري رئيساً لمجلس الوزراء اللبناني، فقد كان المنظر عبثياً وقميئاً لبشر يحتفلون بمنصب شرفي في لبنان، بعد تسيُّد ذراع إيران - "حزب الله"، للدولة، وفرضها لرئيس للجمهورية.ذُهلت من هؤلاء المحتفلين الذين يعلمون أن شركاءهم في الوطن يعبرون الحدود لقتل إخوانهم في سورية، ويدمرون بيوتهم ويهجرونهم ويجوعونهم ويرتكبون أبشع الجرائم هناك، فيما هم يرقصون ابتهاجاً بمنصب طالما جاء لهم وانتزع منهم بالسلاح والقمصان السود، دون أن يكون لهم حول ولا قوة، فعلى ماذا كانوا يحتفلون؟ على أنين أطفال حلب الموؤدين تحت ركام منازلهم، أم على صراخ الأطفال الجوعى في الغوطة الذين تحاصرهم ميليشيات حزب الله اللبناني؟!أنا لست معنياً بالشأن الداخلي اللبناني، فهو أمر يخص شعبه، لكن عندما يتحول لبنان إلى مخلب قط وأداة لمشروع فارسي يستهدف الأمة في سورية والعراق والبحرين واليمن، ويشكل في الكويت الخلايا المسلحة، فإن لبنان يصبح قضيتنا جميعاً، وسيقول البعض إن جزءاً من لبنان وليس كله، وحقيقة أن بلداً قواته الأمنية وجيشه يحرسان طرق المواصلات والإمداد لميليشيا تنتقل بين البلدان، لتقاتل وتصنع المؤامرات، يكون كله مسؤولاً عن ذلك، من رئاسة الجمهورية حتى أصغر جندي يقف لحراسة تلك الطرق ومراكز قيادتها وغرف عملياتها في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ويكرر البعض أيضاً أسطوانة مراعاة ظروف لبنان الحساسة، وهي مقولة خبيثة يستخدمها الغرب، وما يسمى بالمجتمع الدولي، لإبقاء وحماية ميليشيات حزب الله، لتقوم بدورها المخرب للأمة من اليمن حتى سورية، وتوفير البيئة الآمنة له في محيطه، لتنتعش وتمول وتجند من تريد، وتكرار عبارة أنه بلد صغير له ظروف خاصة، مشابه لمن يصف السنجاب بأنه حيوان جميل وصغير وضعيف، لنتركه يحفر قعر السفينة، ليوفر له ملجأ آمناً!سعد الدين الحريري سيغامر مغامرة جديدة غير محسوبة العواقب، ونتائجها معلومة مسبقاً، لأن الفريق الآخر اتخذ قراره دون رجعة بالسيطرة على لبنان، وجعله قاعدة أساسية في المشروع الفارسي، والسيد حسن نصرالله قالها: "تمويلي إيراني، وسلاحي من إيران، وأنا جندي عند ولي الفقيه". وطهران صرحت بأنها تحكم أربع عواصم عربية ضمنها بيروت.حقيقة ما سيحدث أن الحريري سيكون واجهة مؤقتة وجيدة لتعويم حزب الله، وإعادة بعض الأموال إلى لبنان، وكالعادة ستهرول الحكومات الخليجية لدعم لبنان واقتصاده، وهو تلقائياً يمثل أوكسجيناً إضافياً لحزب الله وجمهوره، وتخفيف بعض الأعباء عنه، وفتح مسارب جديدة لتسرب عناصر من الحزب مجدداً إلى دول الخليج، للاستطلاع، وتشكيل خلايا جديدة.وفعلياً سيتحول الحريري إلى أحد حراس طرق ميليشيات حزب الله، كونه رئيس الحكومة والمسؤول عن القوة الأمنية والاستخبارية وممول الجيش اللبناني عبر الميزانية التي يصرفها له، هذا إذا لم يغلق طرق ميليشيات حزب الله إلى سورية والعراق، والتي أستبعد جداً أن يستطيع فعل ذلك، وكونه المسؤول التنفيذي الأول في الدولة، فإن المبادئ القانونية تقول: إن كل فرد لبناني أو أجنبي من تلك الميليشيات يعبر الحدود ليقتل ويدمر خارج حدود لبنان، فإن السيد الحريري شريك معه، وبذلك سيتحول الشيخ سعد الحريري من ولي الدم إلى شريك في الدم.