لا يكفي أن الشعب، مشاركيه ومقاطعيه السابقين، يشاركون في هذه الانتخابات وفي حلوقهم غصة، لا يكفي أن أغلبية ساحقة تردد الجملة المقيتة "ما في فايدة"، لا يكفي أن أقلية كبيرة تؤكد مقاطعتها من منطلق سياسي أو منطلق "يأسي"، لا يكفي كل ذلك، بل زادونا وزايدوا علينا بأن جعلوا من هذه الانتخابات أضحوكة، بأن حولوا مقابلات المرشحين إلى فقرات ساخرة، بأن حولوا "العرس الانتخابي" بمجمله إلى فقرة تهريج، إلى "حفلة على الخازوق".نعم نلوم الحكومة على كل شيء، ومن نلوم غير ولية أمرنا التي تسلمنا مصروفنا وتخطط حياتنا وتحول وتحور مساراتها؟ من الذي سمح لشراء الأصوات ونقلها ومقايضتها أن تكون هكذا "بالمفتشر" لا ورقة توت تغطي جرائميتها ولا قطعة قماش تستر أذاها؟ من الذي أفسح الطريق للفرعيات حتى أصبح الدخول فيها والإعلان عن نتائجها ينشر بالبنط العريض في وسائل التواصل الاجتماعي؟ من الذي منع أي تغطية لهذه الفرعيات وكأنه يعطي إذناً متضمناً لها ويعبد طريقاً أخضر لمشاركيها؟ من الذي لعب بحَسَب ونسب العملية الديمقراطية والقواعد الانتخابية، متدخلاً في تشكيل المؤسسة التي تراقبه حتى أصبح يحكمها ويتحكم فيها، فما عاد يدخلها إلا أقل القليل الجاد وأكثر الكثير المهرج المتساخف؟ من الذي سنة بعد سنة يشد ويجذب، يعقد الصفقات على كرسي الرئاسة وينقضها، يحل في المجلس ويربط، يشطب في المرشحين ويعيدهم مرة أخرى؟ من الذي، على آخر الزمن، أفرط عقد كرامتنا فنثره ضحكاً سمجاً سخيفاً تحت أقدام مذيعين صلفين وقحين وضيوفهم من مرشحين فارغين لا يبتغون غير وجه الكرسي سبيلا؟
كلنا نعلم بالوضع غير الخفي أصلاً، كلنا نعلم بالبيع والشراء والنقل والفرعيات والمال السياسي والرؤوس "الشيخية" القطبية وأتباعها، نعلم أن هذا المرشح يتبع هذا القطب، وذاك القطب يمول هذا المرشح، نعلم أن الحكومة لا تألو جهداً لتثبت كل يوم أن العصمة في يدها، تحل المجلس دون سبب ومتى ما أرادت، تشطب هذا وتبقي ذاك، ليأتي القضاء لينقذ ما يمكن إنقاذه. كلنا نعلم، والحكومة تعلم أننا نعلم، ونحن نعلم أن الحكومة تعلم بعلمنا، ومع ذلك تعطينا "الطرشة"، فهي لم تعد تبذل جهداً في إخفاء أو "تزويق"، لم تعد تسعى حتى في كذب يرضي الخواطر ويحفظ شيئا من الكرامات. أصبح اللعب على المكشوف ومن لا يعجبه الوضع عنده مياه الخليج "يكررها ويشرب ميتها". الخالق يقول "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" فمتى تفرجين عنا وتسرحيننا؟
مقالات
طلّقينا
07-11-2016