المشكلة بنيوية وليست في الناخب
الانتخابات العامة لدينا تبتعد عن كونها صراعا سياسيا لمصلحة الناس والمجتمع، إذ تمثل في الغالب صراعا بين مراكز النفوذ، وطموحات شخصية لأفراد انتهازيين يستيقظون فجأة وقت الانتخابات بحثاً عن الثراء السريع والوجاهة الاجتماعية مع أنهم يجهلون ماهية العمل السياسي ومتطلباته.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
أما لدينا فالانتخابات العامة تبتعد عن كونها صراعا سياسيا لمصلحة الناس والمجتمع، إذ تمثل في الغالب صراعا بين مراكز النفوذ، وطموحات شخصية لأفراد انتهازيين يستيقظون فجأة وقت الانتخابات بحثاً عن الثراء السريع والوجاهة الاجتماعية مع أنهم يجهلون ماهية العمل السياسي ومتطلباته، فضلاً عن المناكفات السياسية التي لا علاقة لها، من قريب أو بعيد، بمشاكل المجتمع ومستقبله، وكل ذلك نتيجة لعدة أسباب من ضمنها الفوضى السياسية وعدم تنظيم العمل السياسي وإشهاره، بل يغلب الطابع الفردي لا السياسي على الانتخابات وتُستخدم في أثنائها شعارات غير سياسية تصلح للدعايات التجارية. علاوة على وجود نظام انتخابي سيئ وغير عادل يقلّص القاعدة الانتخابية للفائز في الانتخابات إلى حدها الأدنى، فيُسهّل عملية استخدام المال السياسي، ولا يسمح بوجود قوائم انتخابية وتكوّن كتل برلمانية في ما بعد، هذا ناهيك عن عدم وجود سقف للمبالغ المالية المستخدمة في الحملة الانتخابية، وأيضاً تقييد الحريات العامة، وعدم حظر عملية استخدام شعارات دينية وطائفية وفئوية أثناء الانتخابات تدغدغ عواطف الناس فلا يصوتون على أساس سياسي وطني، بل ضمن استقطابات حادة وغير صحية تُفتت النسيج الاجتماعي الوطني. وإذا ما أضفنا إلى ذلك أن الدستور لا يُجيز تداول السلطة التنفيذية، ولا تتوافر الآن متطلباتها الأولية فإنه لا قيمة لأي برنامج انتخابي جاد يطرحه مرشح وطني وذلك لاستحالة تنفيذه في حال نجاحه. وبناء على كل ما سبق، يتضح أن المشكلة لدينا بنيوية، وهو الأمر الذي يُبيّن تهافت الرأي الذي تروج له وسائل إعلام مُظللة ومُدلّسة وهو أن "الديمقراطية لا تصلح لنا"، أو أن "العلة" في الناخب الذي "لم يُحسن الاختيار"!