بعد 26 عاماً، أطل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أمام القصر الجمهوري في بعبدا، لكن هذه المرة بزيه المدني غير الرسمي وليس ببدلته العسكرية، ومن موقعه كرئيس للجمهورية وليس كقائد للجيش أو رئيس لحكومة عسكرية.

القاسم المشترك بين الإطلالتين الجديدة والقديمة، هي العبارة التي خاطب بها عشرات آلاف المحتشدين أمس، أمام «بيت الشعب» (القصر الجمهوري) في بعبدا: «يا شعب لبنان العظيم... يا شعب لبنان العظيم... كنتم شعباً عظيماً وأصبحتم شعباً أعظم».

Ad

استغرقت الكلمة التي ارتجلها العماد عون حوالي ربع ساعة، واعتبرت بمنزلة خطاب القسم الثاني، بعد خطاب القسم الأول الذي وجه بشكل خاص إلى النواب والكتل السياسية لا إلى الجماهير الشعبية.

وفي كلمة شاملة، أكد عون أن «أي رأس لن يستطيع أن يخرق الدستور من الآن فصاعداً، وأن الفساد سيستأصل، وستعود البيئة نظيفة مهما كلف الأمر».

وقال: «نستطيع اليوم أن نقف بكل عزة وعنفوان أمام الناس والشعوب، لأننا عدنا وصنعنا وحدتنا الوطنية، وسنبدأ مرحلة ثانية، مرحلة بناء الوطن»، مردداً قول الكاتب والصحافي الكبير ميشال شيحا: «من يحاول السيطرة على طائفة، يحاول إلغاء لبنان».

وشدد عون على أن «وصولنا لرئاسة الجمهورية ليست الهدف، فالهدف أن نبدأ في بناء وطن قوي بوحدته الوطنية، التي نريد تعزيزها أكثر وأكثر، والوطن القوي يحتاج إلى دولة قوية تديره، والدولة القوية هي التي تبنى على دستور يحترمه السياسيون».

لن نكون مرهونين

ولفت إلى «أننا وصلنا إلى السلطة ولدينا خطط تنموية، مع المحافظة على استقلالنا وسيادتنا وحريتنا، ولن نكون مرهونين لأي بلد آخر، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة، ولا يشكلان خصومة مع دول أخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لأننا نكون قد تخلصنا من التأثيرات الخارجية».

الوحدة الوطنية

وشدد على أن «لبنان بني على الوحدة الوطنية، التي ستعطينا الوحدة في وطننا، والشعب اللبناني يجب أن يحترم القوانين، ويجب أن تسهر على اللبنانيين قوى أمن غير مسيسة، وهي مؤتمنة على تطبيق القوانين، وهذه ليست شعارات فارغة»، مشيراً إلى أنه «بانتظارنا مشاريع كبيرة والمجتمع اللبناني بحاجة إلى متطلبات بدائية، وقد تمت عرقلة مشاريع المياه والطرقات والكهرباء، وسنعمل على تأمين الحاجات بأسرع وقت ممكن».

وأشار إلى أننا «سنستثمر الموارد الأولية، والآمال كبيرة والإرادة متوفرة عند كل اللبنانيين، ولذلك وصلنا الى السلطة بخطط تنموية، ولن نكون مرهونين لأي بلد آخر، وهذا أهم شيء في حياتنا، ونحن سنتعاطى مع أي بلد آخر بصداقة، وسنتخلص من الوصايات الخارجية، وعلى الشعب مسؤولية كبيرة، فالنظافة ثقافة ونظافة الكف ثقافة وسياستنا يجب ألا تبقى سياسة الشائعات والفساد، والبيئة ستعود نظيفة».

التاريخ

واستحضر عون التاريخ وتحديداً الأحداث، التي أدت إلى نفيه بعد هجوم واسع من الجيش السوري، وقال: «في هذه الساحة التقينا في ظروف صعبة، ولكننا كنا فخورين وكان لدينا كل العنفوان والألم، وسقط منا شهداء نستذكرهم، وهناك أناس مفقودون من جيشنا وأحبائنا العسكريين ولا يمكن بأي مناسبة وطنية إلا أن نستذكرهم».

وتابع عون «الساحة عرفتكم لمدى عامين، ولم تتركوها بأحلك الظروف، ولكن مع الأسف لعبة دولية كبيرة انتصرت علينا، وتركت الجنود غير اللبنانيين (السوريين) يقتحمون بلدنا».

وأضاف: «حين تسلمت الحكومة كان لبنان 20 قطعة، كان لبنان السوري ولبنان القواتي ولبنان الاشتراكي ولبنان الفلسطيني ولبنان الأملي، ونحن لم نحارب اللبنانيين، ولا كان هدفنا الوصول إلى السلطة، إنما كان هدفنا إعطاء الحرب معناها الحقيقي من أجل حرية وسيادة واستقلال لبنان».

ولفت إلى أنه «ومن أجل هذا الهدف لم نحاول تجاوز خطوط التماس، لم نتجاوزها لاحتلال أرض أو بيوت لبنانيين، لأننا كنا نعرف أن القضية

لا تنتهي إلا بالحوار، لذلك لم يكن هناك فهم للموضوع، وبقي الوطن مشرذماً رغم إعلاننا الحرب للحرية والسيادة والاستقلال»، مؤكداً أن «الخروج من بعبدا لم يكن ذليلاً، فنحن خسرنا معركة، ولكن لم ننسحق، وخرجنا من القصر، ابتعدنا عن لبنان وبقينا نجاهد من بعيد بعد انتهاء النضال المسلح وبدء النضال السلمي، الذي بدأه الطلاب مع التأكيد على رفض العنف في المظاهرات لحوالي 15 سنة».