تعتبر الشائعات سلاحا ذا حدين وأسلوبا من الأساليب التي تضرب السمعة، يستخدمها البعض قبل يوم الانتخابات لتشويه سمعة الآخرين بأي شكل من الأشكال، رغبة في كسب الناخبين وخروجهم من دائرة الطرف الآخر إلى دائرته. ولاشك في أن الشائعات لها تأثيرات اجتماعية ونفسية على من تطلق عليهم، فيدخلون في دوامة الحرب النفسية والاعلامية للقضاء عليها، وفي مثل هذه الايام التي تكثر بها الحملات والندوات الانتخابية تزداد ظاهرة الشائعات مع حدة المنافسة باقتراب يوم الانتخابات.وتلعب ساحة برامج التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في انتشار الشائعات وفبركة المقاطع والصور للتأثير على المرشحين وهز صورتهم أمام ناخبيهم.
ويؤكد عدد من المختصين لـ"الجريدة" أن الشائعات بحد ذاتها كلمة سيئة ولها تأثير سلبي على المجتمع، معتبرين أن أصلها تزييف الحقيقة، لذلك يتأثر العديد من الناس بها ويبدأون تداولها، دون التأكد من مصداقيتها، وإذا كانت في جانب يؤثر على أمن البلد، فخطورتها تزداد، مشيرين الى ان الناخبين الذين يستخدمون لغة الشائعات يسعون لتشويه صور بعضهم البعض حتى يحصلوا على ثقة الناخبين.وقال أستاذ علم الفلسفة في جامعة الكويت د. محمد الوهيب إن الانتخابات بشكل عام تحتد فيها المنافسة بشدة، فيبدأ استخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة بهدف النجاح فيها، لافتا الى انه ليس هناك اي مشكلة في استخدام الوسائل المشروعة التي يستخدمها المرشح او المتنافس بطريقة شريفة، بينما هناك الكثير من التحفظات الاخلاقية على غير المشروعة، مشيراً الى ان الكثير من المتنافسين يقوم بالنزول الى ادنى مستويات المنافسة الحقيقية، فضلا عن استخدام لغة سيئة من اجل وقف الاطراف المنافسة له. وأضاف الوهيب أن الشائعة هي أسلوب رخيص في قذف الآخر وهي اداة ملتوية لعدم الظهور في العلن ومواجهة الطرف الآخر لإعطائه الفرصة في الرد.وذكر أنه العملية الانتخابية تحولت إلى حلبة مبارزة، وأضحت حلبة رخيصة مع هذه الشائعات، اذ لا يقوى هؤلاء على الظهور ويكتفون بإرسال هذه الشائعات خلف الابواب، مضيفا أنه يجب ان يرتقي الجميع بوعي الناخب ولابد له من الابتعاد عن الاستماع لهذه الشائعات، وينظر لسجل المرشح وما قام به في خدمته وبرنامج عمله أولاً، ولا يتأثر بالاقوال التي هي تعبير غير شريف عن المتنافسين. من جهته، قال استاذ الاعلام في جامعة الكويت د. محمود الهاشمي انه من المعروف ان الشائعات تكثر في وقت الانتخابات من خلال تصاريح معينة القصد منها إيهام الناخب بأن فلانا هو المرشح الاكثر حظاً وتأييداً من الجمهور، لافتا الى ان الشائعات قد لا تكون مجرد كلام، وإنما هناك اساليب اخرى يتبعها بعض المرشحين لكسب الناخبين. وبين أن هناك تكتيكات يستخدمها المرشحون لإثارة الشائعات، واحدة منها الاستبيانات التي بدأت تطفو على السطح أخيراً باستخدام برامج معينة، موضحاً انه يجب الحذر من هذا النوع من الشائعات ومعرفة نوعيتها، إضافة الى المنهجية التي قامت عليها والادوات المستخدمة بها والتي قد تكون تخدم مرشحا معينا، مما يؤثر على العملية الانتخابية ومصلحة الناخبين. وأشار الهاشمي إلى انه من الصعب التحكم باختيارات الجمهور او الناخبين من خلال هذه الاستبيانات غير الدقيقة الموجودة على شكل تطبيقات برمجية، مؤكداً ان قانون الصمت الانتخابي يحد من الشائعات وجعل الناخب يختار بما يتوافق مع أفكاره، داعياً الناخبين إلى الابتعاد عن مثل هذه الشائعات السلبية والتأكد من صحتها وعدم التأثر بها.
مصالح شخصية
من جانبها، قالت أستاذة علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية د. أنوار الخرينج إن الشائعة لها تأثير سيئ في الغالب على المجتمع، خصوصا اذا كانت غير مبنية على اساس ومصدر موثوق، لافتة الى ان بعض الناس في المجتمع يثير الشائعات لخدمة مصلحتها الشخصية وتحقيق هدف معين، إضافة الى انها تشكل اداة للضغط على الطرف الآخر الذي من الممكن ان يتقبلها. وأوضحت الخرينج أن إثارة الشائعات بحد ذاتها عمل سيئ وغير نبيل، مضيفة ان المرشحين الذين يستخدمون الشائعة بغرض الوصول الى البرلمان لا يملكون شرف المنافسة، داعية المجتمع لتجنب تداول الشائعات لما فيها من خطر على الناس. بدورها ذكرت استاذة علم النفس في جامعة الكويت د.نادية الحمدان ان الشائعات منتشرة في كل مكان في العالم، وفي جميع العصور، وهي سلاح سلبي، مبينة ان مسمى الشائعة اتى كناية عن الأمر الخاطئ والفاقد للمصداقية، وانتشارها ينبئ بانتشار الحديث والمشاكل في البلد وعدم وحدة الصف، اضافة الى انها تنتج الحزازيات والمناوشات بين الناس خاصة اذا كانت تتعلق بأشخاص. ولفتت الحمدان إلى ان اغلب الناس تستاء من انتشار الشائعات وان كانت صحيحة، الا أن الشائعات السيئة تغلب على الجيدة في مجتمعنا، مؤكدة ان في خلال فترة الانتخابات تزداد الشائعات، رغبة في اسقاط بعض المرشحين، ولاشك ان مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت كثيرا في انتشار الشائعات المفبركة التي تؤثر على نفسيات المجتمع بشكل محبط، مطالبة بالتريث في سماع أي شائعة وعدم تصديقها، خوفاً على مشاعر الناس.