ليتولَّ الرئاسة الأميركية كائناً من كان، فمن غير المتوقع إحداث تغيير يتناسب مع ضجيج معاركها الانتخابية المعتادة.

فأميركا، وإن كانت ديمقراطيتها مضرب الأمثال، تقبع تحت هيمنة عدد من المؤسسات - شبه المافيوية - تكتنف تحركاتها منظومة من الأسرار يصعب الوصول أو التكهن لفك شفرة مفرداتها، لما تمثله من تخاتل للهيمنة الاقتصادية التي ترتكز عليها في كل تحركاتها على مستوى القارات.

Ad

وتمتلك هذه المؤسسات قوة مدمرة فتاكة، تستخدم أشرس الأساليب الجهنمية لتحقق أهدافها.

• وما مقتل الرئيس الأميركي جون كيندي، وعدم الكشف عن جهة مقتله حتى الآن، إلا أحد الأمثلة لعمل تلك المؤسسات:

- المؤسسة العسكرية، وهيمنتها على تصدير الأسلحة وتحريك النزاعات في العالم.

- وول ستريت، المهيمنة على تحريك الاقتصاد الأميركي في العالم.

- سي آي إيه، منظومة الاستخبارات المهيمنة على أسرار تتحكم في استخدامها ضد خصوم تلك المؤسسات بابتداع أبشع الأساليب اللاإنسانية في العالم.

- شركات النفط المسماة بالشقيقات السبع والمنتشرة في جميع أنحاء العالم.

- مؤسسات دينية كالمحافظين الجدد، يضاف إليها المنظمات اليهودية المتطرفة في لوبياتها.

***

• ولنضرب مثلاً على اللاجديد في البيت الأبيض، مهما تغير الرؤساء، بالقرار الذي أعلنه الرئيس ريغان "لا تسويات مع الإرهاب... ولا أسلحة إلى إيران".

• حين اختطف "حزب الله" طائرة "t w a" في رحلتها 847 من أثينا إلى روما، وتوجه الخاطفون بالطائرة إلى بيروت، طلبوا إطلاق سراح 17 سجيناً في الكويت، و766 أسيراً لبنانياً عند إسرائيل، فما كان من الرئيس الأميركي ريغان إلا أن طلب - سراً - من إسرائيل إطلاق سراح ما لديها من الأسرى اللبنانيين، وبالفعل أطلق سراح 300 منهم... وحسبما كتب رئيس "سي آي إيه" كيسي: أن ريغان أمر بالتفاوض مع الإرهاب!... فكسر بذلك شعاره القاضي بعدم التفاوض مع الإرهابيين!... وذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فحينما طلب من أحد الوسطاء أن يتفاوض مع "حزب الله" على صفقة من الأسلحة تقدمها أميركا إلى إيران في سبيل تحرير الرهائن الأميركيين في الطائرة، وبعد أن تم التفاوض في 3 أغسطس أعطى الرئيس الأميركي موافقته رسمياً لصفقة أسلحة مع إيران، حسبما ورد في مذكرات كيسي.

• وكتب ريغان في يومياته "أعترف بأن هذا يشكل اختراقاً لقرارات سابقة، لكنني أمام عملية إعادة ضحايا أميركيين مخطوفين".

***

• إذاً ليست هناك ثوابت في سياسة البيت الأبيض، فقراراته محكومة بما يتوافق مع مصالح أميركا، والمؤسسات المشار إليها في هذا المقال.

وأتفق مع ما نشرته جريدة "الجريدة" السبت الماضي، في المقال الذي كتبه الزميل فالح بن حجري وفحواه "أن رؤساء أميركا يتراوحون بين السيئ والأسوأ منه".