تفرغت كل كوادر الإخوان المسلمين هذه الأيام للهجوم على رئيس مصر المنتخب عبدالفتاح السيسي، إذ تجد كل شبابهم استعانوا بمن يبيع نفسه للحط من قدر السيسي وتشويه سمعته وأدائه في مصر والعالم العربي، ولو فتحت الـ"يوتيوب" لوجدت تحت كل فيديو لأصحاب برامج أو دعاة أو مضحكين عناوين تقول: شاهد كيف يشتم فلان السيسي، وحين تفتح الفيديو لا تجد أي شيء من هذه الادعاءات، أو يذيعون خطابات مبتسرة من خطابات السيسي ويتبعونها بتعليقات من مسرحيات أو أغنيات لا علاقة لها بالخطاب إلا السخرية والتنفيس عن الغل الذي يملأ صدورهم. يبدو أنهم بعد أن أفلسوا لا يجدون عملا إلا صب الغضب عمن أزال حكمهم ونسوا أن من أزالهم هو الشعب المصري كله، مؤيدا من كل شعوب العالم لإزالة حكم بغيض أراد بنا كيدا فكان من الهالكين.

الإخوان كانت عندهم فرصة ذهبية لإبراز أفضل ما عندهم في غياب كل القوى الحية غير المنظمة في مصر، لكنهم كشفوا عن جهل كبير سواء في برامجهم أو في الأشخاص الذين اختاروهم لإدارة البلاد حين حكموها. اختاروا أسوأ ما عندهم لمجرد قربهم من مكتب الإرشاد ونسوا مئات المؤهلين والقادرين من كوادرهم في مصر وخارجها، وبانت عوراتهم في ظل خطابات وممارسات أقل ما يمكن وصفها به أنها تنم عن جهل في أصول العمل السياسي وتعال على الخلق واستهزاء بالشعب، وارتموا في أحضان الشيطان، وظنوا أنه قادر على حمايتهم وتثبيت الحكم لهم، ونسوا أنهم يحكمون شعبا حيا لا يقبل الإهانة لسمعته وسمعة مصر.

Ad

وحين ثار الشعب المصري وخرج بكل ملايينه يطالب بإسقاط حكم الإخوان قام الجيش بالمهمة وأعاد لمصر حريتها،

واليوم يحكم مصر رجل عسكري يواجه كل أنواع الضغط السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل تزايد عدد للمصريين يصل إلى مليون نسمة كل سنة، وضغوط خارجية للركوع وقبول السير في ركاب القادرين، وأعمال إرهاب وقتل وتدمير لكل ما يستطيع الإرهاب الوصول إليه، وشعب يريد أن يرى لقمة هنية اليوم لا غدا.

والسيسي يحاول فينجح في أمور ويفشل في أخرى، ويجد الإخوان فرصتهم في تضخيم الفشل والتركيز عليه ورفع ضغط الناس لعل وعسى أن تقوم ثورة أخرى تطيح بالنظام غير الإخواني وإعادة الإخوان، وهو حلم قد يرونه مشروعا لكنه أبعد عن الحقيقة بُعد الأرض عن السماء، ولعل حملاتهم السخيفة تزيد من نفور الناس منهم، فالشخص العادي يمكن أن يكذب ويغفر الناس له، أما إذا كان متدينا أو يظهر بمظهر التدين فإن كذبته لا تغتفر، وهذا ما لا يراه من ينظم الحملة ضد السيسي.

النقد مقبول وله أصوله وأدواته، والسيسي يعمل ولا بد أن يخطئ، وفي ظل الضغوط المحلية والخارجية والإرهاب قد تختلف الأولويات، لكن من المؤكد أن نجاح رئيس أي دولة لا يكون إلا بإصرار شعبه على المواجهة والتحمل والعمل مع قيادته في إنجاح مشروعات نهضته، ولو تابعنا ما يجري في مصر لوجدنا الناس يريدون أن ينتظروا الخير ولا يسعون إليه ولا يبذلون الجهد لتحقيقه، فنظافة الشوارع والمنازل والأحياء والقرى ليست مهمة الدولة فقط إنما هي مهمة كل فرد، وتحقيق مستوى متقدم من الأداء في العمل والإجادة والتطوير ليست من مهمات الرئاسة إنما هي مهمة الأفراد كل في موقعه، وللأسف فإن هذا القصور عندنا وعندهم، فنحن جميعا ننتظر الحكومة أن تقوم بكل شيء وأن تدفع مرتبات لأعمال لا تؤدى، ثم نتذمر من التأخير والرشوة وسوء الأداء.

السيسي ليس نبيا فهو قد يخطئ مثل غيره، لكن مهمته أصعب من غيره، فرأسه مطلوب لدى الإخوان وفروعهم ودول كبرى، والاقتصاد العربي من حوله يئن والعالم كله يتوقع انفجارات في كل مكان، والخسارة التي ستكون فادحة على السيسي وعلى مصر هي أن تغيب الحريات أو تتقلص، وألا يكون هناك دور لشباب اليوم لبناء المستقبل، وعلى السيسي ألا يلتفت لما يفعله الإخوان، إنما لما لا يفعله من أجل الحريات ومن أجل الشباب، فعلا حقيقيا يقضي على كل محاولات الإخوان ويدفع بمصر إلى الأمام.