غداة إعلان «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) بدء معركة تحرير الرقة، المعقل الأبرز لتنظيم «داعش» في سورية، بدعم جوي وبري من عشرات المستشارين الأميركيين والفرنسيين، اعتبر نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش أن «عملية تحرير المدينة لن تنجح في حال بقيت مليشيات أخرى فيها».

وقال كورتولموش، عقب اجتماع الحكومة في أنقرة، إن «سيطرة عناصر غير عربية على الرقة لا تساهم في إحلال السلام بالمنطقة»، مضيفاً: «أبلغنا واشنطن أن الأولوية لإخراج وحدات الحماية الكردية من منبج».

Ad

وبعد ساعات من انطلاق المعركة، التي أطلق عليها اسم «غضب الفرات»، أعلنت المتحدثة باسم «قسد» جيهان شيخ أحمد أن القوات ذات الغالبية الكرية، أمس، «تقدمت من محور بلدة سلوك (80 كيلومترا شمال الرقة) لمسافة 12 كيلومتراً وتمكنت من الاستيلاء على أسلحة بعد اشتباكات عنيفة مع تنظيم داعش خسر فيها عدداً من عناصره».

كذلك تقدمت «قسد» لمسافة 11 كيلومتراً من محور بلدة عين عيسى الواقعة على بعد خمسين كيلومترا شمال مدينة الرقة، وفق شيخ أحمد، التي أكدت أن «الحملة مستمرة بحسب التخطيط الموضوع»، لـ «قسد»، التي تشكلت في أكتوبر 2015 بتحالف نحو ثلاثين ألف مقاتل ثلثاهم أكراد.

مفخخات «داعش»

وقال قيادي في غرفة عمليات «غضب الفرات» إن «داعش يلجأ إلى استخدام المفخخات في محاولة لوقف تقدم قواتنا، إلا أن رصد طائرات التحالف والأسلحة المضادة للدروع تحد من فعاليتها».

ويتوقع أن تهاجم «قسد» الرقة من ثلاثة محاور، الأول من عين عيسى والثاني من تل أبيض (على بعد مئة كلم شمال الرقة)، إضافة الى قرية مكمن الواقعة على مثلث الحدود بين محافظات الرقة ودير الزور (شرق) والحسكة (شمال شرق).

وأوضح القيادي الكردي أن مقاتلي التنظيم فجروا خمس سيارات ملغومة أمس، موضحاً أن المعركة لإخراجهم من الرقة «لن تكون سهلة، ومن الصعب تحديد إطار زمني للعملية».

معركة إعلامية

واعتبرت صحيفة الوطن، القريبة من دمشق، أن معركة الرقة «إعلامية»، مؤكدة أن هدفها «إشغال الرأي العام الأميركي بالحرب على الإرهاب وإظهار جدية الإدارة الحالية في مكافحة داعش».

ونقلت الصحيفة عما وصفته «مصدر دبلوماسي غربي في باريس»، أنه «لا قدرة لدى قوات سورية الديمقراطية على مقاتلة التنظيم الإرهابي ولو ساندته واشنطن وباريس بكل ما لديهما من قوة».

«درع الفرات»

وفي اليوم الخامس والسبعين من عملية «درع الفرات» المدعومة من الجيش التركي، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأن الفصائل المدعومة من أنقرة باتت على بعد 14 كيلومترا شمال مدينة الباب من دون أن تتمكن من التقدم نتيجة «المقاومة الشرسة» من الجهاديين، منبهاً إلى أن «قسد» تتقدم قوات ببطء باتجاه المدينة من الجهة الشرقية، وهي موجودة حالياً على بعد 17 كيلومترا منها. أما قوات النظام فتقدمت من الجهة الغربية وباتت حالياً على بعد عشرة كيلومترات من الباب.

هدنة حلب

وعلى جبهة حلب، خيّب الكرملين آمال نظام الرئيس بشار الأسد، بتأكيده أمس أن سلاح الجو الروسي سيلتزم بوقف إطلاق النار في ثاني أكبر مدن سورية ما لم يشن مقاتلو المعارضة هجوماً.

وأوضح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين يعتبر أنه من الأنسب حالياً إيقاف العملية الجوية في حلب، مشيراً إلى أن القوات الروسية لا تزال ملتزمة بنظام وقف إطلاق النار منذ 3 أسابيع.

ووسط أنباء عن إقدام الطيران المروحي التابع للنظام، أمس، بإلقاء براميل محملة بغاز الكلور السام على بلدة خان العسل، تواصلت عمليات الكر والفر في حلب على وقع قصف بالصواريخ المظلية استهدف خصوصاً دار عزة، ما أسفر عن مقتل 11 مدنياً في حصيلة أولية، بينهم نساء وأطفال، وعشرات الجرحى وعالقين تحت الأنقاض.

ظريف والمقداد

ووسط حديث عن تباين إيراني - روسي، استقبل وزير الخارجية وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، في لقاء تناول بحث آفاق التعاون الاستراتيجي وآخر التطورات في سورية.

وبعد لقائه مع ظريف، التقى فيصل المقداد، الذي وصل مساء أمس الأول إلى طهران على رأس وفد كبير للمشاركة في اجتماع اللجنة السياسية المشتركة بين البلدين، مساعد الخارجية الايرانية للشؤون العربية والإفريقية حسين جابري أنصاري.

«التايمز»: الأسد سيظل مسترخياً وسيضحك طويلاً

وسط المشهد المعقد في سورية اعتبرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن "أحد مطالب موسكو ودمشق هو أن يشاركهما الغرب في قتال داعش بدلاً من مساعدة المعارضة لعزل الأسد"، موضحة أنه "في حقيقة الأمر فإن أميركا وبريطانيا وحلفاءهما في دول حلف الناتو يقاتلون الآن التنظيم في العراق وسورية ويشنون ضربات جوية ضده".

ورأت الصحيفة أن "الأسد وأصدقاءه يوظفون هذا الخطر لخدمة مصالحهم، إذ إن العديد من الدول قامت بالدور الذي كان ينبغي عليها القيام به"، مشيرة إلى أنهم "يزعمون أن محاولاتهم لإنقاذ الرقة من أجل السنة العرب لا النظام السوري، إلا أن الغرب يريد حفظ ماء الوجه في الوقت الذي لا يبدو فيه الأسد مستعدا للتخلي عن منصبه بل بات النصر حليفاً له". وشددت على أن "الأسد يجب أن يكون ممتنا للانتخابات الأميركية، فما من أحد سيلحظ إذا أزيلت مناطق بشرقي حلب غداً، كما أنه في حال انتخاب المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب الذي وعد بدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن المعارضة سيكون مصيرها الفشل".

وأضافت: "حتى لو ربحت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون السباق الرئاسي، فإنها لن تخاطر برصيدها السياسي المتبقي لأخذ أي مخاطرة في سورية، لذا فالأسد سيستمر بالجلوس مسترخياً وسيضحك مطولاً".