كلينتون وترامب ينهيان الحملات الرئاسية... والكلمة للصناديق

المرشحة الديمقراطية تتعهد بأن تكون «رئيسة للجميع»... ومنافسها يعتبر نفسه «الفرصة الأخيرة» للإصلاح

نشر في 08-11-2016
آخر تحديث 08-11-2016 | 00:05
مجسمان من الكارتون لكلينتون وترامب وضعا في برلين أمس   (أي بي أيه)
مجسمان من الكارتون لكلينتون وترامب وضعا في برلين أمس (أي بي أيه)
اختتم المرشحان الرئاسيان في أميركا حملة انتخابية غير مسبوقة، وسط تقارب لنتائج استطلاعات الرأي بينهما، وذلك قبل ساعات من توجه الناخبين الأميركيين إلى صناديق الاقتراع للاختيار بين الديمقراطية هيلاري كلينتون التي ستكون أول امرأة تصل إلى الرئاسة، أمام دونالد ترامب الذي سيكون، في حال فوزه، أول رجل أعمال شعبوي من دون خلفية سياسية يصل إلى أقوى منصب في العالم.
بعد حملة رئاسية غير مسبوقة شهدت الكثير من الشتائم والفضائح والبذاءة، يتوجه الناخبون الأميركيون اليوم الثلاثاء (فجر الأربعاء بتوقيت الكويت المحلي) الى صناديق الاقتراع للاختيار بين مرشحين غير شعبيين بنسب تاريخية، هما الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب.

واختتم المرشحان أمس حملة انتخابية شهدت منافسة ضارية وأحدثت انقساما في البلاد، مع تنظيم تسعة مهرجانات انتخابية في ظل تقلص الفارق بينهما، رغم التقدم الطفيف للمرشحة الديمقراطية على منافسها الجمهوري. وتحظى كلينتون بـ44.9 في المئة من نوايا الأصوات على المستوى الوطني مقابل 42.7 في المئة لترامب، وفق متوسط لاستطلاعات الرأي الأخيرة أورده موقع «ريل كلير بوليتيكس».

اليوم الأخير

وعقدت كلينتون (69 عاما) التي تأمل أن تصبح أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة بعد 44 رئيسا، تجمعين انتخابيين في بنسلفانيا وثالثا في ميشيغن، ورابعا وأخيرا في كارولاينا الشمالية.

وفي بنسلفانيا، ينضم إليها الرئيس باراك أوباما وزوجته ميشيل، وزوجها بيل كلينتون وابنتهما تشيلسي. ومن المتوقع أيضا أن يظهر معها المغنيان بروس سبيرنغستين وجون بون جوفي.

وتعهدت المرشحة الديموقراطية أن تكون «رئيسة للجميع» للذين صوتوا لها أو ضدها. وقالت كلينتون «المهمة أمامي هي لم شمل البلاد»، متهمة منافسها الجمهوري دونالد ترامب بأنه «عمق» عبر خطابه «الانقسامات» في صفوف الاميركيين.

وأضافت «لدي عمل يقوم على لم شمل البلاد، وأريد فعلا أن أكون رئيسة للجميع، للأشخاص الذين صوتوا لي والذين صوتوا ضدي».

وتعزز موقف المرشحة التي تقول إن خطها في الرئاسة في حال فوزها سيكون استمرارية لعهد أوباما، مع زوال مخاطر ملاحقتها في قضية بريدها الإلكتروني، إذ أعلن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) جيمس كومي أمس الأول التمسك بقراره السابق الصادر في يوليو والقاضي بعدم وجود مبررات لمقاضاة كلينتون على استخدامها خادما خاصا لبريدها الإلكتروني حين كانت وزيرة للخارجية.

وكان كومي فجر قنبلة حقيقية في الحملة الانتخابية عندما أبلغ الكونغرس في 28 ديسمبر الماضي بتطور جديد في القضية، مع العثور على آلاف الرسائل الإلكترونية الجديدة المتعلقة بكلينتون يتحتم التحقيق فيها، وقد تعرض لانتقادات حادة على هذا الإعلان قبل أيام من 8 نوفمبر.

وأشاع الإعلان عن إغلاق المسألة مجددا ارتياحا في فريق حملة كلينتون، ولو أنه جاء متأخرا، قبل يومين فقط من الانتخابات.

وبعد إعلان مدير الـ «إف بي آي»، علق ترامب مؤكدا «أنها تحظى بحماية من نظام مغشوش». وقال رغم كل شيء «هيلاري كلينتون مذنبة، هي تعرف ذلك، الـ «إف بي آي» يعرف ذلك، الناس يعرفون ذلك، والآن، يعود للشعب الأميركي أن يصدر حكمه في صناديق الاقتراع».

وفتحت بورصة نيويورك على ارتفاع كبير أمس، على خلفية هذا التطور الايجابي المتعلق بكلينتون التي تحظى بدعم العديد من المستثمرين. وسجلت البورصات الاسيوية ثم الاوروبية تحسنا.

وخلال آخر تجمع انتحابي لها في مانشستر بولاية نيوهامشير، قدمت كلينتون نفسها على انها مرشحة «المصالحة» بعدما أمضت اياما في مهاجمة خصمها الجمهوري، معتبرة اياه غير قادر على قيادة البلاد. وقالت كلينتون في أوهايو: «لقد وصلنا الى ساعة الحقيقة في هذه الانتخابات» إن «قيمنا الأساسية على المحك».

ترامب

من ناحيته، وقف ترامب (70 عاما) من جهته في محطات بفلوريدا وكارولاينا الشمالية وبنسلفانيا ونيوهامشير وميشيغن، حيث يختتم حملته بمهرجان. وهدف كلا المرشحين واحد، وهو جمع كل صوت يمكن أن يرجح لمصلحته كفة الولايات الأساسية التي ستحسم نتيجة الانتخابات.

ومن أيوا قال ترامب إنه يمثل «الفرصة الأخيرة» لإصلاح دولة مدمرة وقضايا الهجرة والتجارة. وخارج مينيابوليس قال إن مجتمع اللاجئين الصوماليين هناك يمثل كارثة.

ولا يكترث أنصار ترامب إن كان بطلهم الملياردير تجنب دفع ضرائب فدرالية، على ما يبدو منذ سنوات، وتحرش بنساء. فهم ظلوا أوفياء لقطب العقارات الذي اشتهر بثروته وتقديمه برنامجا ناجحا من تلفزيون الواقع عنوانه «ذي آبرينتيس».

وفي طريقه الى البيت الأبيض، كاد ترامب يفكك الحزب الجمهوري الذي شهد انقسامات عميقة، فرفضه العديد من قادة الحزب وشخصياته الكبرى، فيما يعتزم البعض التصويت له على مضض، لاسيما أن مواقف المرشح ليست على الدوام مطابقة لخط الحزب، وأبرزها موقفه المعارض للتبادل الحر.

وأثارت الحملة الانتخابية بتجاوزاتها ومغالاتها وفضائحها الكثير من الاهتمام خارج حدود الولايات المتحدة، فتابعها العالم، وتفاوتت ردود الفعل بين الطرافة والهول.

وأظهر آخر استطلاع للرأي أجراه معهد كوينيبياك أمس ان الخصمين متعادلان في كارولاينا الشمالية وفلوريدا، حيث إن هذه الولاية الأخيرة يمكن أن تقرر وحدها نتيجة الانتخابات الرئاسية إذا خسرها دونالد ترامب.

أما الأميركيون الذين أعرب 82 في المئة منهم عن السأم في استطلاع للرأي أجري مؤخرا، فهم ينتظرون بفارغ الصبر نهاية هذه الحملة الطويلة بين مرشحين غير شعبيين بنسب تاريخية (50 في المئة لا يحبون كلينتون و62 في المئة لا يحبون ترامب)، والتي شهدت الكثير من الشتائم والفضائح والبذاءة.

وتحظى كلينتون بـ44.9 في المئة من نوايا الأصوات على المستوى الوطني، مقابل 42.7 في المئة لترامب، بحسب متوسط لاستطلاعات الرأي الأخيرة أورده موقع «ريل كلير بوليتيكس».

وكان فوز كلينتون يبدو محتوما، وهي تتمتع بخبرة طويلة في السياسة، حيث كانت سيدة أولى وعضوة في مجلس الشيوخ ووزيرة خارجية، غير ان العديد من الأميركيين لا يحبونها ويشككون في نزاهتها.

وكانت المعركة أصعب مما كان متوقعا في مواجهة ترامب، الشعبوي الذي لا يتمتع بأي خبرة سياسية، غير أنه يحظى بدعم شعبي لا يضعف، وهو يقدم نفسه على أنه دخيل على السياسة ومعارض لهيئات السلطة.

واستغل ترامب مشاعر الغضب والخيبة التي تحرك شريحة من الأميركيين في مواجهة العولمة والتغيرات الديموغرافية، ووعد بحلول بسيطة لجميع المشكلات المعقدة. لم يتردد في التفوه بأكاذيب وإهانة النساء والمكسيكيين والسود والمسلمين، وهاجم منافسته بدون توقف، ونعتها بأبشع النعوت.

الإقبال

وسجل إقبال متزايد على التصويت بين الناخبين السود والمنحدرين من أصل لاتيني في الولايات المتحدة، ما يمكن أن يبدد آمال ترامب بالوصول إلى البيت الأبيض. ويشكل الناخبون من أصل إسباني كتلة تصويت قوية في ولاية فلوريدا. ومن المتوقع أن يميلوا أكثر إلى كلينتون، خصوصا بعد أن وصف ترامب المكسيكيين بأنهم مغتصبون، ولوح مرارا بأنه سيبني جدارا على الحدود، وتعهد بترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين غير القانونيين.

واعتبارا من السبت، صوت 565 ألف ناخب من أصل إسباني شخصيا في فلوريدا، ما يشكل زيادة بنسبة مئة في المئة مقارنة بالتصويت المبكر عام 2012، بحسب الأستاذ في جامعة فلوريدا دانيال سميث الذي يتابع المشاركة في التصويت.

وفي إشارة أخرى الى حماسة الناخبين، فإن 36 في المئة من الـ911 ألف ناخب من أصل لاتيني، الذين صوتوا هذا العام شخصيا أو عبر البريد، لم يصوتوا في الانتخابات الرئاسية الاخيرة.

على الصعيد الوطني، 12 في المئة من الناخبين، الذين شاركوا في التصويت حتى الآن، من أصل إسباني، أي نحو 27.3 مليون شخص، بحسب توقعات مركز «بيو» للابحاث.

ويحق لأربعة ملايين ناخب إضافيين من أصل إسباني التصويت هذا العام، مقارنة بـ2012، وقد لوحظت نسبة مشاركة كبيرة في ولايات أخرى على غرار نيفادا.

وكانت مشاركة السود ضعيفة عند بدء التصويت المبكر في الولايات المتحدة قبل أسبوعين. لكن ذلك تغير بعد الدعوات المتكررة التي وجهها أوباما إلى السود حتى يدعموا كلينتون، وحضور الأخيرة الى تجمع غنى فيه جاي زي وزوجته بيونسي.

وفي الأيام الاخيرة، لوحظ إقبال كثيف مفاجئ للسود مع عدد أكبر من هؤلاء الناخبين الذين صوتوا شخصيا مقارنة بعام 2012، وأدلى 777 ألف ناخب أسود بأصواتهم في فلوريدا.

كما سجلت أعداد متزايدة من الأشخاص الذين صوتوا شخصيا بزيادة 25 ألفا، مقارنة بالأيام الثمانية الاولى للتصويت المبكر في 2012.

معركة «كسر عظم» في انتخابات الكونغرس

رغم أن سباق ترامب وكلينتون يستحوذ على أنظار معظم الأميركيين، فإن مواطني الولايات المتحدة لا يصوتون فقط من أجل تحديد رئيسهم المقبل.

فبالتوازي مع الانتخابات الرئاسية التي تشغل بال الولايات المتحدة والعالم، بين الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون، تجرى عدة انتخابات أخرى، أهمها انتخابات مجلسي النواب والشيوخ.

فما هو مجلس الشيوخ؟

مجلس الشيوخ الأميركي يعد الغرفة الأعلى من الكونغرس، ويلعب أعضاؤه دورا محوريا في إقرار تعيين الرئيس والتصديق على المعاهدات الدولية، وبإمكانهم اقتراح القوانين والتصويت على مشروعات القوانين التي يمررها مجلس النواب، الغرفة الأدنى من الكونغرس.

ويتألف مجلس الشيوخ الأميركي من 100 سيناتور، اثنان من كل ولاية من الخمسين بصرف النظر عن عدد سكانها، فولاية مثل وايومنغ لا يزيد تعداد قاطنيها على النصف مليون تتساوى في التمثيل مع كاليفورنيا ذات الأربعين مليون نسمة. ويتم كل عامين انتخاب جزء من أعضاء مجلس الشيوخ، ليقضي هذا الجزء 6 سنوات في موقعه.

وعلى سبيل المثال، تجرى حاليا انتخابات على 34 مقعدا في المجلس، يقضي الفائزون بها فترة 6 سنوات، لكن بعد عامين سيتم انتخاب ثلث آخر.

وحاليا، يسيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ بأغلبية 54 عضوا مقابل 44 سيناتور من الديمقراطيين، واثنان مستقلان عادة ما يصوتان لصالح الديمقراطيين.

إلا أن الانتخابات الحالية تعطي فرصة أمام الديمقراطيين للسيطرة على مجلس الشيوخ، إذ إن 24 من أصل 34 مقعدا يدور حولها الصراع الانتخابي، يشغلها حاليا جمهوريون، وقد يطاح بهم خلال الانتخابات.

وقد تنهي الانتخابات الحالية مسيرة طويلة لجون ماكين، المرشح الرئاسي الخاسر في 2008 وأحد أبرز أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، الذي يواجه منافسة قوية من المرشح الديمقراطي أن كيركباتريك في ولاية أريزونا.

ويدخل الحزب الديمقراطي اليوم الانتخابي البرلماني وتركيزه منصب على انتزاع سبعة مقاعد يبدو أن الحزب الجمهوري مرشح لخسارتها في مجلس الشيوخ. ويحتاج الحزب إلى الفوز بخمسة مقاعد في حال فوز ترامب بالرئاسة، أما إذا فازت كلينتون فسيكون بإمكانه انتزاع الأغلبية بأربعة مقاعد فقط باعتبار أن نائب الرئيس يتدخل بالتصويت لترجيح الكفة ي حال تعادل أصوات الشيوخ المئة.

ويمكن لمجلس الشيوخ في حال وصول أغلبية ديمقراطية إليه أن يقدم دعما كبيرا لكلينتون من أجل إقرار مشاريعها وتمريرها دون مصاعب مشابهة لتلك التي كانت تواجه الرئيس باراك أوباما بظل معارضة الجمهوريين له.

أما مجلس النواب من جانبه، وهو الغرفة الأدنى في الكونغرس، فالأرجح أنه سيبقى بيد الجمهوريين، غير أن رئيسه بول راين سيكون على رأس كتلة أغلبيتها من المتشددين في الحزب، ما سيعوق قدرته على الوصول لتسويات مع الديمقراطيين.

back to top