خلافاً لما هو متبع في "عالمنا" الثالث البائس، حيث يتم استفزاز الناس بكل الطرق مع اقتراب لحظات إعلان نتائج المنافسات الانتخابية، منذ أن بدأت معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية واستقر خيار الحزبين المتنافسين، الديمقراطي والجمهوري، على المرشحين اللذين خاضا أقسى المعارك الانتخابية في تاريخ الولايات المتحدة، بدأنا نسمع من يسألون ويتساءلون: "هل أنت مع هيلاري كلينتون أم دونالد ترامب"؟! وبالطبع فإن المؤكد أن الأميركيين، إنْ ليس كلهم، ففي أغلبيتهم لو اهتموا بأي انتخابات خارج بلدهم الولايات المتحدة فإنهم يهتمون - هذا إن اهتموا بأي انتخابات - بالانتخابات البريطانية والفرنسية والألمانية والإيطالية، على اعتبار أن جذورهم في هذه البلدان... أما بالنسبة إلى انتخاباتنا في هذا الوطن العربي، الذي تعد الانتخابات حتى الشكلية في بعض أقطاره "السعيدة" عملة نادرة، فإنها لا تثير حتى المغتربين من أبنائه الذين عندما يسمعون أن هناك انتخابات رئاسية، في إحدى جمهوريات - ليس الموز، وإنما الذبح البدائي والمعتقلات والسجون - فإنهم يضحكون وحالهم كحالنا، حتى يستلقون على ظهورهم!
وهنا وإذا أردتم الحقيقة فأنا، العبد الفقير إلى الله جل شأنه، كان اهتمامي كبيراً بهذه الانتخابات الأميركية، وقد جعلتني هذه المتابعة أرابط أمام شاشة الـ "Fox News"، وأفتعل صراخاً مدوياً بين فينة وأخرى، لا لأني تأثرت بعبارة قالتها كلينتون أو حركة "قرعاء" قام بها ترامب، ولكن لأُشعر نفسي وأشعر "الجيران" بأنني مهتم بهذه الانتخابات أكثر من اهتمامي بالانتخابات اللبنانية الأخيرة التي حققت للجنرال ميشال عون أمنية العمر، وأيضاً أكثر من اهتمامي بتلك الانتخابات التي أحرز فيها صدام حسين مئة في المئة، وفق البيان الذي أصدره عزت الدوري الذي لا أعرف أين هو الآن. والآن، وبعد هذه المقدمة التي شكلت لبعض من قرأها ما يمكن اعتباره: "خرط القتاد"، أو ابتلاع تين "الصبر" بلا تقشير، فإنني وقد تابعت هذه المعركة الانتخابية، التي هي بالتأكيد أكثر ديمقراطية من الانتخابات السورية التي تنافس فيها نحو 10 فقط مع الرئيس بشار الأسد الذي حصل، مع الأسف، على نسبة 99.99 في المئة فقط من أصوات الناخبين، فإنني كنت محتاراً طوال كل هذه الفترة... فهل أنا مع كلينتون أم مع ترامب؟ أنا مع كلينتون لأنها مرشحة الحزب الديمقراطي، وقبل ذلك لأنها أول سيدة تترشح للانتخابات الرئاسية، ولأنها ذات ميول يسارية، ولأن لها موقفاً متقدماً على مواقف أوباما تجاه الأزمة السورية، ثم لأن عهد زوجها بيل كان عهد الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وبصراحة لأن طلتها لا يمكن أن تقارن بطلّة منافسها ترامب الذي عندما يفتح شدقيه على أقصى مدى لهما، "أتخيل" أنني أمام تمساح مفترس يريد ابتلاعي! ثم بصراحة، والصراحة في هذه الأيام مكلفة جداً، فأنا كنت مع ترامب، لأنه له موقف حازم تجاه إيران وتجاه عربدتها في المنطقة، وكنت ضده لكثرة ما أبدى من نفاق مقرف لإسرائيل وسياساتها العدوانية، أما بالنسبة إلى السيدة كلينتون فقد كنت معها لأنها كانت "مناضلة" طلابية، ولأن والدها كان يسارياً... والبعض يقول إنه كان شيوعياً.. أنا مع هيلاري كلينتون لأنها فازت في هذه الانتخابات!!
أخر كلام
أنا مع هيلاري لأنها فازت في الانتخابات
09-11-2016