توافد الناخبون الأميركيون على مراكز الاقتراع، لاختيار رئيس للبلاد، بعد حملة انتخابية غير مسبوقة بين الديمقراطية هيلاري كلينتون التي ستصبح أول رئيسة للبلاد أو الجمهوري دونالد ترامب، الملياردير الشعبوي الذي يفتقد لأي خلفية في العمل السياسي.

Ad

أول قرية

وانطلقت الانتخابات في تسع ولايات على الساحل الشرقي للولايات المتحدة هي كونيكتيكت وإنديانا وكنتاكي وماين ونيوهامشير ونيوجيرسي ونيويورك وفيرمونت وفرجينيا، ثم تبعتها ولايات الوسط والغرب.

وانطلقت الانتخابات من قرية ديكفسيل نوتش بولاية نيوهامشير في شمال شرق الولايات المتحدة، حيث أدلى ناخبوها السبعة بأصواتهم مطلقين بذلك رمزياً الانتخابات.

وحصلت كلينتون في هذه القرية على 4 أصوات، في حين حصل منافسها على صوتين، وحصل الليبرتالي غاري جونسون على صوت واحد.

حركة الاقتراع

وأدلى العديد من الناخبين بأصواتهم في الصباح الباكر قبل التوجه الى أعمالهم. وكان عشرون ناخبا ينتظرون أمام مكتب تصويت في بالميتو باي جنوب ميامي بولاية فلوريدا، إحدى الولايات الأساسية التي ستحسم نتيجة الانتخابات.

وفي قرية كليفتون الصغيرة في فرجينيا، إحدى الولايات الأساسية أيضا، بدأ صف منذ ساعات الصباح الأولى، وعند فتح المكتب، كان هناك 150 ناخبا متجمعين، وهو أمر لم يحصل أبدا من قبل، بحسب ما قال المسؤول الانتخابي في المكان.

وقام حوالي 42 مليون أميركي من أصل أكثر من 200 مليون ناخب مسجلين على اللوائح الانتخابية، بالادلاء بأصواتهم في إطار التصويت المبكر، لتفادي صفوف الانتظار يوم الانتخابات.

كلينتون تقترع

وأدلت كلينتون بصوتها برفقة زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون أمس في مدرسة ابتدائية قرب منزلها في تشاباكوا في ولاية نيويورك، حيث انتظرها حشد متحمس من حوالي 150 شخصا لأكثر من ساعة. وقالت عند خروجها من مكتب التصويت: "أنا مسرورة جدا"، وصافحت الحاضرين وتبادلت معهم الحديث، وقالت لشبكة "سي أن أن" الاخبارية: "اشعر بتواضع كبير، لأنها مسؤولية كبيرة، والكثير من الناس يعتمدون على نتائج هذه الانتخابات".

كاين: من أجل الجميع

وأدلى مرشح كلينتون لمنصب نائب الرئيس تيم كاين بصوته في معقله في ريتشموند بولاية فرجينيا، برفقة زوجته آن هولتون ورئيسة جمعية محلية وهي سيدة مسنة عمرها 99 عاما، علقت له ملصقا صغيرا على صدره، عليه عبارة "أدليت بصوتي". وبات عشرات ملايين الناخبين يضعون باعتزاز هذا الملصق.

وسئل كاين عن الانقسامات العميقة بين الديمقراطيين والجمهوريين، فقال: "سيعود لنا، إذا ما حالفنا الحظ وفزنا، أن نشكل فريقا يطبق سياسات، ويتحدث بأسلوب يظهر أننا نريد أن نحكم من أجل الجميع".

أول رئيسة

وتأمل كلينتون (69 عاما) أن تدخل التاريخ كأول رئيسة للولايات المتحدة بعد 44 رئيسا منذ جورج واشنطن في 1789.

وتعتزم كلينتون الحكم في استمرارية لعهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، ودعت في آخر ساعات حملتها الانتخابية إلى وحدة البلاد وتجاوز الانقسامات الحزبية.

ترامب يقترع

أما الجمهوري ترامب (70 عاما) فقد أدلى بصوته في نيويورك، وقال للصحافيين الى جانب زوجته ميلانيا: "الأمور كلها جيدة جدا"، وأضاف: "من يعرف ماذا يحدث في النهاية". وفي تصريح لـ"سي أن أن" قال: "إذا لم أربح فسيكون ذلك خسارة كبيرة في المال والطاقة والوقت"، مضيفا: "إذا لم أفز فسأعتبرها واحدة من أعظم الخسارات في حياتي، وقد استثمرت 600 مليون دولار في هذا الأمر".

ويأمل ترامب، الذي يعتز بأنه دخيل على السياسة، أن يحقق مفاجأة كبرى كما حصل عندما صوتت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الاوروبي، خلافاً لتوقعات استطلاعات الرأي.

وبنى ترامب، الملياردير النيويوركي ذو الأطباع الحادة، حملته على انتقاد النخبة السياسية التي يتهمها بأنها تسببت في "نزيف البلاد"، وهو الذي لم يسبق أن شغل أي منصب منتخب، قدم نفسه على أنه رجل التغيير الذي سيتصدى للفساد الذي يتهم به النخب، وصوت المنسيين الذين وعدهم بأن "يعيد لأميركا عظمتها".

قلق خارجي

وفي الخارج، تابع العالم بقلق وترقب الحملة الانتخابية الرئاسية لأكبر قوة في العالم.

فالمرشحان على طرفي نقيض على كل الصعد. من جهة كلينتون الشخصية الموجودة على الساحة السياسية منذ 25 عاما، والتي لا يحبها نصف الاميركيين ويشككون في نزاهتها. وهي زوجة الرئيس الاسبق بيل كلينتون (1993-2001) وكانت على التوالي السيدة الاولى خلال ولايتين وعضوة في مجلس الشيوخ عن نيويورك ووزيرة خارجية في عهد أوباما. وهي في غاية الانضباط والمثابرة، تعرف جميع الملفات بشكل عميق، لكن شخصيتها لا تثير حماسة كبرى.

في المقابل، هناك ترامب الذي هو أقل شعبية منها، وهو ملياردير ومقدم سابق لبرنامج "ذي أبرانتيس" من تلفزيون الواقع، وهو صاحب شخصية فظة استغل مشاعر الغضب والخيبة التي تحرك الطبقة الوسطى من الأميركيين البيض التي تواجه بقلق تبدلات العالم من حولها.

ترقب محلي

من جهة أخرى، لم يصوت الناخبون أمس في انتخابات رئاسية فقط على كل الأراضي، بل في 51 عملية اقتراع مصغرة في كل ولاية اميركية وفي العاصمة الفدرالية واشنطن. وعرضت الواحدة تلو الاخرى على الشاشة. وهناك قرابة 12 ولاية رئيسية يمكن ان تغير معسكرها من جهة الى اخرى، وتظهر تدريجيا على الخريطة الانتخابية التفاعلية للبلاد والملونة بالاحمر للجمهوريين والازرق للديمقراطيين.

كما صوت ملايين الاميركيين في الاقتراع المبكر. ويجري التصويت بالاقتراع غير المباشر، لأن المواطنين يختارون كبار الناخبين الذين سيختارون بدورهم في منتصف ديسمبر كلينتون أو دونالد ترامب. وعددهم 538 ناخبا بالإجمال، ويتفاوت عددهم بحسب تعداد سكان الولاية.

ويلعب الرقم "270" دورا سحريا، لأنه يمثل الحد الادنى من أصوات كبار الناخبين التي يتعين الحصول عليها للوصول الى البيت الابيض، اي الأغلبية المطلقة من 538 ناخبا كبيرا. وفي 48 ولاية تجري الانتخابات بالأغلبية من دورة واحدة ما يعني ان المرشح الذي يتقدم على منافسه يفوز بكل اصوات كبار ناخبي الولاية.

انتخابات الكونغرس

من جهة أخرى، يصوت الاميركيون أيضا لتجديد 34 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة ومقاعد مجلس النواب الـ435. ويأمل الديمقراطيون الحصول على أغلبية في مجلس الشيوخ الخاضع حاليا لهيمنة الجمهوريين مثل مجلس النواب.

وتنتخب 12 ولاية من أصل 50 حاكما جديدا كما تنظم عشرات الاستفتاءات المحلية في 30 ولاية حول مسائل تتفاوت بين تشريع استخدام الماريغوانا وصولا إلى الغاء عقوبة الاعدام. كما تجري آلاف العمليات الانتخابية المحلية لاختيار قضاة ومدعين ومسؤولين محليين آخرين.

تصويت من الفضاء!

أدلى الرائد الأميركي شاين كيبمرو بصوته في الانتخابات الرئاسية من محطة الفضاء الدولية في مدار الأرض حيث يقيم، على ما أعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا). وكان شاين وصل الى المحطة في 19 أكتوبر الماضي، في مهمة تستغرق أشهرا عدة.

ويمارس رواد الفضاء الأميركيون حقهم في الانتخاب من الفضاء منذ عام 1997، بموجب قانون اقر في ولاية تكساس، حيث يقيم معظمهم، إذ ان قاعدة جونسون الفضائية التابعة لوكالة «ناسا» تقع في هذه الولاية.

النساء سيتحكمن بثلث اقتصاد العالم

إذا فازت هيلاري كلينتون فستصبح السلطة الأولى بيد المرأة في 16 دولة، يبلغ عدد سكانها مجتمعة نحو 800 مليون نسمة تقريباً في مقدمتها أميركا وألمانيا وبريطانيا.

ويزيد الإنتاج القومي لهذه الدول على 27 تريليون دولار، أي أكثر من ثلث اقتصاد وإنتاج الكرة الأرضية بأسره، والمقدّر وصوله في 2016 إلى 75 تريليون دولار.

منع دبلوماسيين روس من المراقبة

انتقدت «الخارجية» الروسية منع عدد من مكاتب الانتخابات في الولايات المتحدة دبلوماسيين روساً من مراقبة الانتخابات، وقالت انها ستعامل الأميركيين بالمثل.

لماذا اختير أول ثلاثاء من نوفمبر للاقتراع؟

ينص الدستور الأميركي على إجراء الانتخابات الرئاسية كل أربع سنوات في أول ثلاثاء من نوفمبر، ويرجع اختيار هذا اليوم في هذا الشهر إلى عدة اسباب، منها ألا يؤثر الاقتراع على موسم الحصاد، ولتجنب التعارض مع مواعيد المواعظ الكنسية الأحد، مع تجنب الأربعاء بوصفه يوم التسوق لدى الأميركيين.

مليار تغريدة

وصل عدد التغريدات التي نشرت في موقع «تويتر» بشأن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة إلى نحو مليار تغريدة منذ انطلاق الانتخابات التمهيدية في أغسطس 2015.

وذكرت صحيفة «بوليتكو» أن أكثر التغريدات انتشاراً كانت التغريدة التي وجهتها هيلاري كلينتون لمنافسها دونالد ترامب قائلة فيها: «ألغِ حسابك»، حيث أعيد تغريد هذه الرسالة القصيرة نحو 530 ألف مرة.

وأشار الموقع أمس إلى أن أكثر تغريدات ترامب نجاحا كانت التغريدة التي تساءل فيها عن مصير 33 ألف رسالة إلكترونية لكلينتون، حيث أعيد تغريدها نحو 170 ألف مرة.