ما السبيل إلى الارتقاء بالدراما المحلية؟

نشر في 10-11-2016
آخر تحديث 10-11-2016 | 00:00
يحتّم الواقع الراهن في صناعة الدراما الكويتية ضرورة المعالجة الجذرية لها، بغية الحفاظ على الهوية المحلية والثقافة الخليجية، لا سيما في ظلّ وجود طارئين على الفن يفرضون ثقافات تضرّ بالمجتمع. لذا من الأهمية بمكان وضع الحلول المناسبة لتقديم مسلسلات هادفة للارتقاء بمستوى الدراما عموماً.
«الجريدة» طرحت في هذا الصدد التساؤل التالي «ما السبيل إلى الارتقاء بالدراما المحلية؟» على كل من الكاتبة القديرة عواطف البدر، والمؤلف الدرامي بدر محارب، والفنان المتألق فيصل العميري، فجاءت ردودهم على الشكل التالي:
قدّمت الكاتبة القديرة عواطف البدر تحليلاً للدراما الكويتية في الوضع الراهن، مبدية بعض الحلول المناسبة للارتقاء بها. أشارت في البداية إلى الدراما التي تعرض في شهر رمضان الفضيل بقولها: «يفرض الصانعون علينا مجموعة من المسلسلات لنشاهدها في رمضان، وتكمن المشكلة في تكرار الكتّاب أنفسهم، رغم أنهم يحتاجون إلى المطالعة والمشاهدة، إذ لا تنحصر العملية في الحصول على الفكرة، من ثم بناء قصة عليها».

وأبدت أسفها في هذا الشأن قائلة: «الدراما في الفترة الراهنة لم تصل إلى مستوى الإبداع فمنها الجيد والضحل، لأن الموضوعات متشابهة ومكررة، أي زواج وطلاق ومعاق وأسر ثرية، فلا وجود للتفاوت الطبقي».

المخزون الفكري

وأضافت البدر: {النص أبرز وأهم عنصر في صناعة الدراما، لذا لا بد من أي يتمتع الكاتب بمخزون فكري، إضافة إلى استفادته من التاريخ الذي عايشه وعاصره منذ مرحلة الطفولة ثم المراهقة وصولاً إلى الكبر، من ثم تتكوّن لديه حصيلة من الأحداث والذكريات يستطيع استغلالها. كذلك على الكاتب الاستمرار في القراءات المختلفة لأنها تغذي الفكر وتنشّط الذاكرة، مثل قراءة قصص الماضي و{أحدب نوتردام} ونصوص مسرحيات عالمية لموليير وراسين وشكسبير وغيرهم، إضافة إلى مشاهدة الأعمال القديمة الجيدة، من ثم يستطيع الكاتب الشاب استحداث قصص وأفكار جديدة}. وتابعت: {كذلك تجب العودة إلى كتابة الثلاثيات أو السباعيات أو 13 حلقة}، مشيرة إلى كتابتها سباعية بعنوان {الغريب} من بطولة سعاد عبدالله وحياة الفهد ومنصور المنصور وإخراج كاظم القلاف، مؤكدة أنها وضعت مفردة {إعداد} قبل اسمها، لأن العمل مقتبس من فيلم {الغريب} ليحيى شاهين وماجدة وكمال الشناوي.

كذلك أشارت إلى أنها كتبت الثلاثية، و18 سهرة بعنوان {وجوه بلا أقنعة}، متمنية على تلفزيون الكويت إعادة عرضها لأن كل سهرة أجمل من الأخرى.

شروط معتدلة

وأيدت البدر فكرة عودة تلفزيون «الكويت» إلى إنتاج أعماله الدرامية، لكن بشروط معتدلة، وعدم التدخل في اختيارات المخرج للممثلين ولا الموسيقى، وإعطاء مساحة أكبر من الحرية كي يبدع الفنان. ولفتت إلى أنها تكنّ الاحترام كله للرقابة، وأن الأخيرة لا تسبب قلقاً لها، لأن البدائل حاضرة ومتوافرة دائماً لما تطرحه من رأي.

وأكّدت البدر أن اهتمامها منصبّ على تناول القضايا الوطنية، أما السياسية فهي دائمة التغيّر، لذا تفضل أن تكون بعيدة عنها.

اهتمام الدولة

من جهته، لفت الكاتب الدرامي بدر محارب إلى أن الدراما تنقصها أمور عدة قائلاً: «أولها اهتمام الدولة ممثلة بوزارة الإعلام، ذلك من خلال إعطاء مساحة أكبر من الحرية في تقديم الأعمال الدرامية التلفزيونية»، مؤكداً أن تشكّل رقابة متخصصة من الفنانين أمر ضروري، ومن وجهة نظره نحتاج إليها في منح رخصة أو إجازة لتصوير العمل فحسب».

وتابع محارب حديثه: «أما إذا كان المسلسل بمستوى ضعيف فليأخذ حق التصوير لأن المنتج هنا هو من سيخسر، والجمهور سيحكم عليه، والقنوات الفضائية سترفض العمل لأنه دون المستوى. من ثم عدم وجود الرقابة أمر مهم جداً، لو لسنة أو أكثر، كي نرى النتائج».

تجديد الدماء

وشدّد محارب على أهمية تجديد دماء ورؤى الدراما المحلية من الكاتب أو من المخرج، حتى من الممثل نفسه ليقدم أشكالاً مختلفة من الأداء أو الأنماط والشخصيات، ويبحث عن الجديد.

ومضى بالقول إن المؤلف عندما يكتب عملاً يجب ألا يفصّله على مقاس ممثلين معينين، لأنه بهذه الطريقة لن يقدّم جديداً، وسيؤدي الممثل الدور بطريقته السابقة نفسها.

كذلك كشف النقاب عن حقيقة لا بد من معالجتها قائلاً: «الدراما بحاجة إلى ثورة تنفضها وتقلبها، من خلال المؤلف والمخرج والممثل، فإذا سقط أي من هذه العناصر الثلاثة سيسقط العمل كاملاً... والدراما المحلية بحاجة إلى أن يهتم المخرج بالتفاصيل الصغيرة فيها، لأن أي تفصيل يخطئ الأخير فيه سيكتشفه الجمهور ومن ثم يفقد العمل مصداقيته وربما يبتعد عنه المشاهد. لذا من المفترض أن يهتم المخرج بعمله تماماً وأن يخرج بأقل عدد من الأخطاء».

تلفزيون الكويت

واستطرد محارب بالقول إن من الأهمية بمكان عودة تلفزيون «الكويت» إلى الإنتاج الدرامي، لأن المنتج المنفذ أو شركات الإنتاج الخاص أو البيع على المحطات الخاصة، يشترطان 30 حلقة للعمل، وهو أمر صعب جداً، رغم أن البعض يستأهل ذلك، لذا رأينا أن أعمالاً عدة سقطت وفشلت.

وقال محارب: «على تلفزيون «الكويت» أن لا يشترط توافر 30 حلقة، فربما سباعية أو خماسية أو ثلاثية أو سهرات، وبهذا الشكل لا نعود نرى ذلك المط الذي نشاهده كل سنة في رمضان، ولا الملل والتكرار والتقليد. كذلك نرجو من التلفزيون أن يكون كريماً في إنتاجه، وألا يقصر من الناحية المادية، لأن العمل الجيد يحتاج إلى ميزانية مناسبة ليخرج بصورة أفضل وينافس المسلسلات والمحطات الأخرى».

مشاهدة عالية

بدوره، أكّد الفنان فيصل العميري أن الدراما التلفزيونية المحلية أخذت حيزاً على مستوى الوطن العربي، وحققت نسبة مشاهدة عالية بسبب زخم الإنتاج الخليجي. وأضاف: «مشاركتي على الصعيدين المحلي والخليجي من خلال دور «غسان» في مسلسل رمضان الفائت «ساق البامبو» شكّلت نقلة نوعية بالنسبة إلي كممثل تلفزيوني. ولكن ثمة أدوار قدمتها في السابق وحظيت أيضاً باهتمام المنتجين والجمهور، يأتي على رأسها تجسيدي دور «بلال الحبشي» في مسلسل «الفاروق عمر»، وأدائي دور البطولة في مسلسل «عنترة بن شداد».

وتابع: «المشاركة في الأعمال المشتركة العربية تحقق لي انتشاراً أكبر، وبفضلها استطعت بناء قاعدة جماهيرية. أما الدراما المحلية، فتعتمد على وفرة النصوص الجيدة، لكن المعاناة مستمرة لندرتها، وهنا تكمن المعضلة الرئيسة».

كذلك أشار العميري إلى «مخرجين ومخرجات من جيل الشباب يعالجون بعض النصوص لتخرج نقية وصالحة ومرتبة، بيد أن ذلك ليس هو المطلوب بل الأهم الموضوع والقصة، ربما كان هذا النقص بسبب الرقابة التي يبدو أنها تخشى إفساح المجال لكل من هب ودب، لأن ثمة من يكتب في اتجاه خاطئ يسيء إلى بلده، لذا أرفض المشاركة والانتشار في أعمال هابطة على حساب سمعة بلدي».

الدراما التلفزيونية العربية المشتركة تحقّق التقارب الفكري

يفضّل الفنان فيصل العميري المشاركة في الدراما التلفزيونية العربية المشتركة، وذلك يعود إلى التقارب الفكري والنضج الفني اللذين يتحققان من خلال تعاونه مع كوكبة من النجوم العرب، كما قال، فضلاً عن توجهه نحو الدراما التاريخية باللغة العربية الفصحى، ولا يمانع حتى في التمثيل بلهجات عربية مختلفة، كون ذلك يشكّل له إطلاعاً جديداً واستكشافاً لقدراته كممثل في إجادة هذه اللكنات العربية.

وأكد العميري أنه في بحث دائم عن العمل المتميز، حتى لو أدى ذلك إلى تأخره عن الظهور على الشاشة، في سبيل التوقف عند أهم محطة، إن كانت دراما محلية أو خليجية. كذلك أوضح أنه لا يقدّم شروطاً لقبول أي عمل محبوك جيداً يرتقي بالذائقة الجماهيرية. أما طلبه الوحيد فيكمن في الالتزام بساعات تصوير العمل الذي يعكس احترام المهنة».

عواطف البدر: تغذية فكر الكاتب تأتي من خلال الاستمرار في القراءات المختلفة

بدر محارب: على «الإعلام» إعطاء مساحة أكبر من الحرية وإلغاء الرقابة
back to top