بات أمراً مألوفاً ظهور العديد من الإفصاحات المصرفية بأسماء بنوك في عدد من الشركات المدرجة ذات النشاطات المختلفة، منها ما هو خدمي، ومنها أيضاً شركات مالية، أو طبية، أو تصنيع وإنتاج مياه، أو حتى عقارية وشتى الأنشطة، إذ لا يوجد تحفظ على نشاط بعينه.

وعملية استدخال الأصول تأتي بالدرجة الأولى مقابل تسوية ديون وشطب الانكشاف على مجموعة ما غير مستقرة، أو على شفا التعثر، أو ترغب في التخلص من خدمة الدّين، وبالتالي تتلاقى إرادة ورغبة الطرفين في إنهاء العلاقة الائتمانية وفك الارتباط.

Ad

المصارف أمام سيف المخصصات، واستمرارية الانكشاف تمضي بالتسوية واستدخال الأصل، كأحد الخيارات المرة التي لا بديل عنها، على أمل التخلص منها في أقرب فرصة.

لكن باعتبار أن أغلبية الأصول التي يتم استدخالها أصول مسعرة ومدرجة، فإن فرص التخارج بالتجزئة تبدو صعبة على أرض الواقع، كما أن فرص توفير مشتر لشراء حصة أو بلوك كامل تبدو أكثر صعوبة في ظل انحدار الأصول، وضعف السيولة الصائدة للفرص.

عملياً تمهل الجهات الرقابية المصارف التي لديها أصول عينية غير تشغيلية وبعيدة عن عصب النشاط المصرفي بالتخلص منها في غضون عامين، لكن واقعياً التنفيذ يتضمن مصاعب، ويرى مصرفيون ان هناك كثيرا من حالات وعمليات التمديد بسبب الظروف الراهنة، سواء محليا أو إقليميا وحتى عالمياً بالنسبة للأسواق المالية غير المستقرة، إضافة إلى حالة الترقب التي يعيشها المستثمرون.

وليس سراً أن بعض الأصول مر عليها أكثر من عامين، من دون أن تتمكن مصارف من التخلص منها بالمستويات السعرية التي تطمح اليها، رغم السعي الحثيث والتسويق المستمر لبيع هذه الأصول، بشرط أن تكون بمستوى سعري مناسب يضمن لها تجنّب الخسائر، واسترداد مبالغ الخصم التي حصل عليها العميل عند التسوية.

ورغم أن أغلبية الديون المتعثرة، أو التي كان يشك في تحصيلها، تمت تغطيتها بالمخصصات اللازمة، فإن عملية متابعتها لاحقاً تستمر، فلا تعني التغطية أنها انتهت أو تشطب من سجلات المصارف وحقوقها.

وقال مصرفي إن هذه الاستثمارات تمثل عبئا حقيقيا من عدة أبواب هي:

- صعوبة الإدارة لعدد غير قليل من الأصول المختلفة الأنشطة.

- صعوبة المتابعة التشغيلية لعمليات بعيدة كل البعد عن العمل المصرفي.

- تشتيت اهتمام وانتباه المصارف عن صميم عملها، وإرباك الميزانيات بتصنيفات واستثمارات وأنشطة خارجية من شأنها إرباك الأداء والنتائج.

ولم يخف مصدر مالي كبير أن أحد المستثمرين ناقش مع بنوك دائنة استدخال "أمريكانا" شركة خدمية تشغيلية رائدة، وبيعها لاحقاً، إلا أن أحد أبرز الإجابات جاء أن المصارف لا تستطيع تشغيلها وإدارتها فنياً بالطريقة المثلى، فضلا عن أن عملية الاحتفاظ بها لن تستمر الى أبد الأبدين.

وفي السياق ذاته أكد مصرفي لـ"الجريدة" أن البنك المركزي كجهة رقابية لديه ارتياح بشأن قوة المراكز المالية للبنوك، ومستويات التغطية وانخفاض وتراجع حجم ونسب الديون المتعثرة، فضلا عن ان معظم القطاع عزز قواعد رأس المال بشرائح رأس المال المساند، فضلا عن استمرار قوة التصنيفات بشهادة الوكالات العالمية.

أما ما يخص بنود الاستثمارات والانكشافات على أنشطة وأصول غير تشغيلية تبقى مرحلة عابرة ومؤقتة، فلن يتم إجبار المصارف على تكبّد خسائر لمجرد التخلص منها في مهلة زمنية محددة، إذ إن المهلة قابلة للتمديد حسب الظروف والمعطيات العالمية، التي لا ذنب للقطاع فيها، والتأثيرات الأخرى المحلية ذات الأثر المباشر على قيم واسعار الأصول.

وكشف المصرفي أن العديد من البنوك قطعت أشواطا كبيرة في سبيل التخارج من بعض الأصول، إلا أنه عند نقطة التنفيذ فشلت الاتفاقيات، وهو ما يعكس أن هناك سعياً على قدم وساق للتخارج، لكن بحد أدنى سعرياً لا يمكن تجاوزه.

تبقى الإشارة إلى أن البنوك متحفظة جداً في عمليات تمويل عميل مقابل شراء أصول هناك رغبة في التخارج منها، حيث تفضل أن يأتي العميل بسيولته من الخارج.