انتصف الموسم الانتخابي تقريباً، واقترب يوم الحسم الذي سيقترع فيه الكويتيون لتشكيل مجلس الأمة الجديد، ولم نسمع سوى نفس الشعارات القديمة والطرح الذي ارتكز معظمه على وعود لا يمكن لنائب بمفرده أن يطبقها أو يحولها إلى واقع ملموس ضمن نظام العمل البرلماني الكويتي، الذي يعتمد على العمل الفردي بغياب أي تقنين للتنظيمات السياسية، والتي أصبحت الآن مستحيلة بعد أن نجح أعداء الديمقراطية في جعل الواقع السياسي الكويتي مصنفاً بشكل طائفي وقبلي وفئوي.

الممارسة السياسية والبرلمانية الكويتية أشبه برجل في سن الرابعة والخمسين، لكنه يملك عقل طفل في الرابعة أو السادسة من عمره، ولذلك فهو يتخبط ولا يستطيع أن يتعامل مع التحديات والاستحقاقات التي يواجهها، دستور 1962 الذي صاغه لنا الآباء المؤسسون كان لبنة تحول بين الدولة العشائرية البسيطة إلى الدولة المدنية الحديثة، عبر تطوير الدستور وتأسيس الجمعيات السياسية التي تكبر وتنضج إلى أحزاب سياسية ترافقها تشريعات مشددة لمنع خلط المذهب والمعتقد والانتماء العرقي بالسياسة وقوانين النزاهة الانتخابية من مكافحة شراء الأصوات وتحديد الإنفاق الانتخابي ومراقبته، وكل ما يرافقها من قوانين تكافؤ الفرص والعدالة في الدول الديمقراطية المحترمة.

Ad

للأسف كل ذاك لم يحدث، بل حدث عكسه تماماً، ولذلك حالياً المحللون الصحافيون في الصحف والتلفزيونات يرصدون الدوائر وفقاً لتكوينها المذهبي والقبلي وحتى العائلي والطبقي، وأصبح الوضع مشابهاً للنموذج اللبناني العريق! والعراقي المستحدث وكذلك اليمني، وربما قريباً دول عربية أخرى.

في ظل هذه الأوضاع يطلق الغالبية العظمى من المرشحين وعوداً من الصعب الوفاء بها، وبرامج سياسية لا يمكن أن يتبناها نائب منفرد، وهي أشبه ببيع الوهم للناخبين في هذه المواسم الانتخابية المتكررة بالكويت منذ سنوات دون أن يكون له مردود حقيقي، والأجدى منه أن يجتهد مجموعة من المرشحين لوضع تصور ما لتطوير العمل السياسي والبرلماني وإقناع السلطة به للخروج من حالة الجمود والمراوحة التي تعيشها البلاد منذ عدة عقود.