لم يتأخر الديمقراطيون المصدومون بخسارتهم الانتخابات الرئاسية عن تحميل مدير الـ «إف بي آي»، جيمس كومي، المسؤولية عنها. فالضجة التي أحدثها إعلانه قبل 11 يوماً من الانتخابات عن تجديد التحقيق مع هيلاري كلينتون في ملف بريدها الالكتروني، أدى برأيهم إلى تشكيك جمهور كبير من الناخبين بحظوظها، ومنح دونالد ترامب تقدما لم يعد بالإمكان وقفه قبل يومين على بدء السباق.غير أن الصدمة الكبرى لم تنحصر بفوز ترامب بكرسي الرئاسة فقط، بل وبخسارة مدوية للحزب الديمقراطي لكل من مجلسي «الكونغرس» الشيوخ والنواب، واحتفاظ الجمهوريين بسيطرتهم.
وتعرضت استطلاعات الرأي ومراكز الأبحاث هي الأخرى لسيل من الانتقادات، ما انعكس على الثقة بصدقيتها ودورها في رسم أي توقعات بأي مجال.وجاء انهيار معسكر الحزب الديمقراطي مخالفا ومناقضا لكل التحليلات والتكهنات التي كانت ترى أن الحزب في طريقه لتحقيق إنجاز كبير عبر تجديد سيطرته المتتالية على كرسي الرئاسة لفترة رئاسية ثالثة، وعلى مجلسي الشيوخ والنواب، مدخلا الحزب الجمهوري في أزمة وجودية وسياسية.غير أن ما جرى قلب كل التوقعات والسؤال المطروح بحدة اليوم يدور حول كيفية علاج أزمة القيادة فيه التي تضررت من وراء الحملات الانتخابية والهجمات التي تبادلها كل من كلينتون وبيرني ساندرز، وبعدها مع ممثل الحزب الجمهوري.تهديدات ترامب بإلغاء كل التدابير والقوانين التي اتخذها باراك أوباما، يبدو أنها في طريقها إلى التحقق، في ظل تمسك ترامب ببرنامحه المعلن، على الرغم من خطاب الفوز الهادئ الذي وعد فيه أن يكون رئيسا لكل الأميركيين.ومن برنامج التغطية الصحية أو ما يعرف بـ «أوباما كير» إلى الاتفاقات التجارية الدولية والاقليمية إلى الاتفاق النووي مع إيران، وصولا إلى القوانين المتعلقة بالهجرة، كلها مشاريع تحتل أولوية في برنامج ترامب، رغم عدم وجود وثيقة أو مبادرة مكتوبة واضحة ومحددة من قبله حول تلك القضايا.ومع بروز التشكيك باستطلاعات الرأي تعرضت شعبية أوباما للتشكيك بصحتها بحسب استطلاعات الرأي نفسها أيضا، ويتساءل الأميركيون عن حقيقة الأرقام التي سجلها أوباما، وعما إذا كانت تعكس الواقع.فأميركا التي استفاقت صبيحة يوم الأربعاء على صدمة انتخاب رئيس جديد أطلق بحقه الكثير من الأوصاف، لم تكن وحدها مع صدور الكثير من التعليقات الدولية التي عبرت عن صدمتها أيضاً.وفيما توقع خبراء الاقتصاد نتائج كارثية، ولو مؤقتة على الأقل، جراء فوز ترامب، لم يستبعدوا تأثيراتها طويلة الأمد أيضا، الأمر الذي يحتاج إلى وقت طويل نسبيا للخروج منها.
مواجهة جمهورية
من جانب آخر، يعتقد البعض أن تمكن الحزب الجمهوري من إعادة تدعيم أوضاعه وسيطرته على مجلسي الشيوخ والنواب يصبان أيضا في خانة إعادة تموضعه في مواجهة «زعيمه»، وتقييد حركته وحريته من التصرف بالقرارات، ما قد يضمن عدم تفرده في الحكم أولا ومن تخفيف اندفاعاته واتخاذ قوانين وإجراءات غير شعبية بنظر الحزب.وتتساءل اليوم قيادة الحزب الجمهوري الذي بدا أنه يخوض الانتخابات على حافة الطريق، تاركا مرشحه يغالب وحده من دون أي مساعدة، عن طبيعة علاقتها مع سيد البيت الأبيض، وعما إذا كانت تستطيع تنظيم شراكة سلسة معه في المستقبل.وذكرت تقديرات لـ «إن بي سي هاوس» أن حزب الرئيس الشعبوي حصل على 235 مقعداً مقابل مئتي مقعد للديمقراطيين في مجلس النواب. وهذا يعني أن الديمقراطيين تمكنوا من انتزاع 12 مقعدا من خصومهم. وحتى أمس كان للجمهوريين 54 سناتورا مقابل 46 للديمقراطيين.وعزز الجمهوريون فرصهم بالاحتفاظ بسيطرتهم على مجلس الشيوخ مع إعلان انتصار مارك روبيو (45 عاما) المرشح السابق في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض.وأعلن الديمقراطيون أن ممثلتهم عن ولاية إلينوي في مجلس الشيوخ تامي داكوورث التي شغلت المقعد لولايتين، وحاربت في العراق وبترت إحدى ساقيها في إسقاط مروحية بلاك هوك كان تقودها، فازت على السيناتور مارك كيرك.