الكويت تحتاج إلى صوت الحِكمة، فأغلب الأصوات خلايا سرطانية جعلت برلماننا يتجلط بأحزاب متناحرة وأنانية طائفية تأكل الجسد الواحد، باستغلالها جهاز الديمقراطية ضدها، محاكين بذلك السرطان الذي يقلب جهاز المناعة ضد الجسد، ألم يحن الوقت لإعطاء الحكمة صوتاً نعالج به كل هذا الألم؟

فحينما نتأمل كل أنظمة الحكم، نعي أنها مجرد آلات يُخدَمُ بها الشعب، وأنسب آلةٍ لنا في الكويت هي الديمقراطية، ففيها، كما يقولون، تجتمع كل وجهات النظر لإكمال البصر، فكيف بدأنا باستغلالها لنكن نحن آلةً لأنظمة سرطانية بشكل لا إرادي؟

Ad

قلة وعينا بتركيبة الديمقراطية الكويتية تزيد الأورام السرطانية تفاقما، فكلمة (ديموس- كراتوس) تعني حُكم الشعب بشعب، بيد أن بلدنا الإسلامي تأسس على الشورى، التي تعني قيام النخبة بانتخاب مرشحين بينهم لسلطة الحكم. فالكويت إمارة إسلامية تأسست بالشورى، ومن ثم استخدمت الديمقراطية كآلةٍ تماشي بها الرَكب الحضاري، كما يعلمنا دكاترة الشرعية، بأن معنى الخلافة الإسلامية الحقيقية هو ولاية حاكم مسلم على مسلمين وفق ضوابط الدين الحنيف، وإدارتهم بأي آلةٍ تتكيف مع الزمان والبيئة، وهو رد على بعض المنحرفين الذي يطعنون بإسلام وطني الحبيب.

إنما آلاتنا الكويتية تعتاز تفاعلا شعبيا إيجابيا مستمرا، فنحن في الكويت رُكاب لقطارٍ جاهز السِكة إسلاميا وحضاريا، فلا عذر لنا للتخلف الذي يكون عنوانه هو تفرق القبائل وتباين الطوائف الذي يفصل كل قاطرة عن أختها، فلا أرضى لقطار الكويت التفكك أن يكون ضحية تخبطات قاطراته، فكيف سنحل مشكلتيّ القبلية والطائفية ونعيد لكويتنا لقب "دُرة الخليج"؟

إن التصادم مع قوة القبلية بعيدٌ عن نموذج النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي سددها لخدمة الوطن، فلقد نادى كل قبيلة باسمها أثناء الجهاد، ليجعل تفاخرهم في سباق أفرادهم بالفتوحات الإسلامية، وبما أن الكويت سباقها في الاجتهادات البرلمانية، فلتكن التكريمات للقبيلة التي تنتخب العضو الأكفأ للوطن وليذع اسمها في الإعلام، فالقَبَلية ظاهرة مجتمعية طبيعية تنتظر مِنا التسديد، وكذلك الحال مع الطائفة التي تنتخب العضو الأكفأ.

فأيها الكويتي لا تكن كمن قال عنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إذا أراد الله بقوم سوءاً منحهم الجدل ومنعهم العمل"، فعسى الكل يُرشح صوت الحِكمة، فإنها لما تفوز تتحول طاقات الجدل المُنتنة إلى أعمال وطنية مُبهرة!