لماذا تكليف الأكراد بتحرير مدينة الرقة؟
بينما بقي العرب (الرسميون) يلووذن بالصمت، فإن الصرخة المدوية جاءت من رجب طيب إردوغان الذي حذر من أن "سيطرة عناصر غير عربية على الرقة لن تحقق السلام في المنطقة".والمعروف أن الأميركيين قد تبنوا تنظيماً كردياً أعطوه اسم "سورية الديمقراطية، وكلفوه بمهمة تحرير هذه المدينة العربية من تنظيم "داعش" الإرهابي الذي سيطر عليها من دون قتال، بتواطؤ من نظام بشار الأسد، وبالطبع بمعرفة الذين يتولون مقاليد الأمور في روسيا الاتحادية.ومن غير المعروف لماذا بادرت المخابرات الأميركية (سي. آي. إيه) إلى تشكيل هذه الـ "سورية الديمقراطية"، ومن مجموعة قليلة من الأكراد الذين من غير الواضح ما إذا كانوا سوريين أم عراقيين أم أتراكاً، وكلفتهم بتحرير مدينة الرقة التي تعد "عاصمة" هذا التنظيم الإرهابي، وذلك مع أن هناك الجيش السوري الحر، وفصائل في المعارضة المعتدلة أثبتت وجودها في التصدي لجيش نظام بشار الأسد وللروس أيضاً، وللإيرانيين والتشكيلات الطائفية التي استوردوها من دول كثيرة ومتعددة، ومن بينها حزب الله اللبناني.
يقول الأتراك إن "سورية الديمقراطية" هذه مخترقة من مخابرات نظام الأسد، وهذا يستدعي أن يساند العرب تركيا، وأن يطلبوا من الولايات المتحدة تبريراً مقبولاً ومقنعاً - لا توضيحاً - لزجّ مجموعة كردية قليلة العدد ومتواضعة الإمكانات في عملية تحرير مدينة الرقة العربية من تنظيم "داعش" الإرهابي الذي تُشن الآن حرب كونية ضده لإخراجه من مدينة الموصل العراقية.ولعل ما تجدر الإشارة إليه أنه بينما تكلف الـ "سي. آي. إيه" الأميركية مجموعة كردية صغيرة طارئة أعطتها اسماً كبيراً هو "سورية الديمقراطية" بتحرير مدينة "الرقة"، فإن قيادة الجيش الأميركي في المنطقة قد اتفقت مع الزعيم الكردي مسعود البارزاني على أن تشارك قوات البيشمركة في تحرير الموصل إلى جانب الجيش العراقي، ولكن من دون أن تدخل هذه المدينة التي تعد مدينة عربية، وهي كذلك، رغم أنها تضم أقليات قومية ودينية ومذهبية متعددة.ولهذا فإن السؤال الذي يجب أن يطرح على الأميركيين بجدية هو: لماذا زج اسم هذه المجموعة الكردية الصغيرة "سورية الديمقراطية" في هذه المعركة التي هي أكبر منها وأكبر كثيراً من كل إمكاناتها؟.. ما الذي تريده الولايات المتحدة يا ترى، وما الذي تسعى إليه في بلد أصبح ممزقاً ومحتلاً من الروس والإيرانيين ومن هذه الشراذم الطائفية؟إن هذا الذي يفعله الأميركيون يغرس خنجراً مسموماً في قلب العلاقات التاريخية العربية – الكردية، وهو ما لا يمكن فهمه إلا على أنه مؤشر على أن الولايات المتحدة قد تكون متورطة في مؤامرة تقسيم سورية، التي لا شك في أن الروس متورطون بها منذ تورطهم العسكري في هذا البلد، الذي أصبح بعد توقيع معاهدة "إلى الأبد مع بشار الأسد"، احتلالاً وبأبشع أشكال الاحتلال... وهكذا فإنه لابد من السؤال مرة أخرى: ما الذي تريده أميركا يا ترى من هذه اللعبة الخطيرة؟!