استعرضنا في المقالات الست الماضية وثائق جميلة من مراسلات التاجر حمد عبدالمحسن الخميس، رحمه الله، التي تعود إلى فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، والتي تعكس كيف كان تجار الكويت يديرون تجارتهم قبل فترة النفط. وأوضحنا كيف كانت الصفقات التجارية تتم في عصر السفن الشراعية والرسائل الخطية والبرقيات.

واليوم، ولعدة مقالات مقبلة، سنتناول جانباً آخر من الإبداع الكويتي القديم، وهو جانب الإبداع الأدبي، وسنركز على الشعر النبطي، من خلال قصائد رائعة نظمها الشاعر فهد العبدالمحسن الفهد والشاعر عبدالله السعد اللوغاني، رحمهما الله، اللذان تبادلا الشعر في قصائد عديدة جميلة تعكس لنا الخيال الذي عاش فيه أدباء الكويت قبل قرن من الزمان، أو أقل من ذلك بقليل.

Ad

في مقال اليوم سنعرض لكم قصيدة غزلية كتبها الفهد للوغاني يرثي بها وفاة الحبيب، ويشكو من الفراق وانكسار القلب، فيبدأها بقوله:

حل الفراق وبيّح القلب خافيه

وعين الجفا عيّت ابجاها تكنّه

ياويش حال القلب جثرت بلاويه

غبر الليالي بالمصايب وطنّه

حل الشقا والشوق طالت دعاويه

لو جاز عن حالي فلا اجوز عنّه

ثم يوجه الفهد شكواه لمن هو راصد لحبه وعارف بما في قلبه، فيقول:

يا عاذليـن القلب ما فيه كافيه

وشكاركم يهل التعاريض منّه

الحق يلزم راعي الدين يوفيه

من ثار في حمل الدعاوي دعنّه

خلوا رماد القلب تذري سوافيه

يا ويل غضات الصبايا بلنّه

مات الجميل وقامت الناس ترثيه

حتى السلام بوقتنا صار منّه

والصج هدّم فارس الكذب ناديه

صار الردا بين المخاليج سنّه

شقّ وسيع وعيّت الناس ترفيه

من قال خير بقصتي خاب ظنّه

ويعبر الفهد عن مدى حزنه بفقدان الحبيب، فيقول:

الله يعين القلب مما لجا فيه

قوس الحواجب ضامري مزعنّه

ما همني دنيا ولا دين بوفيه

أيضا ولا من حطّ بالجف حنّه

ثم يخاطب صديقه اللوغاني ساعياً إلى توضيح عمق المحبة التي استقرت في القلب نحو الحبيب، فيقول:

إن قال أبوعيسى هو القلب وشفيه

قولوا هو اللي شعشع النور منّه

ريجه شفاني والعسل بين اشافيه

بين البدر والريم لونه وجنّه

الخد يوهمني بشوفة مراويـه

ورد نشا مسقي على ماي خنّه

وعيون خرس بشوفة الغي تحميه

فتّان حسنه جم فتى مات منّه

قولوا لزينات البها لا تماريه

يا بن سعد زين القنادير حسنه

رب البرايا جملة الزين معطيه

لو يفتخر كل اللبني سامحنّه

والقصيدة طويلة، وتتضمن الكثير من المشاعر والأوصاف الجميلة التي لا يتسع المجال في هذا المقال الصغير أن نستعرضها جميعها، إلا أن الشاعر الفهد يمدح صديقه اللوغاني وينخاه في آخرها، فيقول:

صيد الصبايا من جديم امصافيه

زوم المراجل والمراكيض فنّه

حاله وحالي يالملا ريم يفديـه

قل هيه ياللي ما تبخصت منـّه

عبدالله الممدوح يا جاهل فيه

انخاه كوده ياخذ الحق منّه

في المقال المقبل، إن شاء الله، سنعرض لكم رد الشاعر اللوغاني على قصيدة صديقه الشاعر فهد الفهد.