الشهر الذي يسبق موعد الاقتراع لانتخابات مجلس الأمة هو شهر التسول، فما من مرشح في هذا الشهر إلا ويستجدي أصوات الناخبين ويتوسل إليهم التصويت له، ويعدهم بالنون وما يعلمون في حالة نجاحه، والمصيبة أننا في مثل هذا الشهر من كل انتخابات لا نتعلم مما سبق ونفعل ذات الفعل لاعتبارات اجتماعية، ثم نبدأ رحلة التحلطم والندم والتوعد لإسقاط من انتخبناه لأنه أضر بمصالحنا وحياتنا من خلال القوانين التي صوت لها، ونعود إلى المربع الأول، لنتعامل مع غيره بأسلوب «تكفون انتخبوني» لنؤجر على انتخاب هذا المتسول أو ذاك.

وفي هذا الشهر يختلف متسول عن الآخر، فهناك متسولون يتبعون شركات وأشخاصاً متنفذين يزجون بهؤلاء الشحاذين ليستفيدوا منهم، وهناك متسولون يسعون إلى تحقيق مكاسب مالية كبيرة، وكذلك هناك متسول يدغدغ مشاعر الناس بأنه المسكين المستحق وهكذا، ولكن الكارثة هم من يريدون الأجر، رغم علمهم أن جل هؤلاء المتسولين كذابون بحجة «وأما السائل فلا تنهر».

Ad

اليوم، وبعد أن عاد معظم مَن قاطع الانتخابات ليشارك اليوم بحجة «بدّلوهم وأسقطوهم» لأنهم أضروا بالبلاد والعباد وبعد ممارسة الديمقراطية لأكثر من نصف قرن، نرى أننا كمجتمع عدنا إلى المربع الأول الذي يعتمد الفزعة القبلية والطائفية والعنصرية، دون إدراك منا لخطورة المرحلة المقبلة ودون وعي سياسي ووطني ينقلنا من هذا المربع الذي طالما تحلطمنا منه وعانينا تبعاته.

يعني بالعربي المشرمح:

ثقافة «تكفون انتخبوني» نراها اليوم تتصدر مشهد هذه الانتخابات، والتي حتماً ستكون مخرجاتها بعيدة عن الطموحات المعلنة، بل عن الأسباب التي جعلت المقاطعين يعودون إلى المشاركة، لذلك «لا طبنا ولا غدا الشر».