المصريون يقاطعون «التظاهر» رغم القرارات الاقتصادية «المؤلمة»
فاجأ المصريون الجميع بمقاطعتهم دعوات التظاهر في جمعة «ثورة الغلابة» أمس، إذ اقتصرت التظاهرات المحدودة على أنصار جماعة «الإخوان» المصنفة إرهابية في مصر، وجاء غياب الملايين عن الشارع رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها أغلبية المصريين، إثر قرارات اقتصادية مؤلمة اتخذتها القاهرة مطلع الشهر الجاري، وتضمنت تعويماً للجنيه، ورفع أسعار المحروقات.وفضل المصريون الاستمرار مع نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي تولى الحكم في يونيو 2014، على الثورة ضده، خشية المجهول والدخول في نفق الاحتراب الأهلي، في ظل عدم وجود بديل سياسي جاهز يستطيع ملء فراغ السلطة، وأعطوه فرصة إضافية لانتشال البلاد من أزمة اقتصادية هي الأعنف منذ عقود.واقتصرت التظاهرات المحدودة على أنصار «الإخوان»، في بعض قرى المحافظات، ولم يتجاوز عدد المشاركين فيها بضع مئات في دولة يقترب عدد سكانها من 100 مليون نسمة، مما عُد فشلاً ذريعاً لجماعة «الإخوان»، التي لم تستطع استغلال ظروف مواتية لتدشين حراك سياسي ضد نظام السيسي، الذي شارك -عندما كان وزيراً للدفاع- قوى وطنية وتظاهرات شعبية في إطاحة نظام محمد مرسي مطلع يوليو 2013.
وتعاملت قوات الأمن مع عشرات من مؤيدي «الإخوان»، باستخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع، وألقت القبض على بعضهم، في حين لم تشارك أي قوى ثورية أو شبابية أو حزبية، في ظل مقاطعة التيارات الليبرالية واليسارية والناصرية لتظاهرات أمس. وانتشرت قوات الشرطة المصرية بكثافة منذ الساعات الأولى من صباح أمس في مداخل محافظات إقليم العاصمة المصرية (القاهرة والجيزة والقليوبية)، عبر نشر الأكمنة والتمركزات الأمنية الثابتة والمتحركة على تلك المداخل، وسيطرت أمنياً على جميع الميادين الرئيسية بالعاصمة، وفي مقدمتها ميدان التحرير، أيقونة الثورة المصرية.وكان المصريون خرجوا في تظاهرات حاشدة في 25 يناير 2011، تكللت بعد 18 يوماً بإنهاء نظام الرئيس حسني مبارك، ثم كرر المصريون تظاهراتهم في 30 يونيو 2013، وانتهت بإطاحة نظام الرئيس محمد مرسي، ورغم تشابه الظروف الحالية مع أسباب الثورتين السابقتين فإن تجاهل المصريين جاء مثيراً لدهشة بعض المراقبين، الذين راهنوا على ثورة مصرية ثالثة في أقل من ست سنوات.وفسر محللون لـ«الجريدة» سبب تجاهل دعوات التظاهر رغم ذكرى ثورتي 25 يناير و30 يونيو، بأن المواطن لن يحتمل ثورة ثالثة تزيد الوضع الاقتصادي سوءاً، خاصة أن أغلبية المصريين لم يشعروا بأي تحسن في حياتهم المعيشية بعد ثورتين وإطاحة نظامين.وفضل الكثير من الفقراء أو متوسطي الدخل الأكثر تضرراً من قرارات تعويم الجنيه ورفع أسعار المحروقات، البعد عن الميادين في جمعة «ثورة الغلابة»، والاستفادة من العطلة الأسبوعية بالتوجه فرادى وجماعات إلى مدينة ملاهي «دريم بارك» (مدينة الأحلام)، الواقعة غرب القاهرة، والاستفادة من خصم قدمته على تذكرتها بـ50 في المئة، إذ بلغ سعرها بعد الخصم 50 جنيهاً، مما أدى لتدافع المصريين على المدينة.