• هناك مجموعة من الكُتاب يعيشون بعيدا عن التظاهرات الثقافية، ولا يرون في العالم المحيط بهم ما يجعلهم يتبادلون حتى التحية مع الآخرين. يقرأون بعيدا عن الآخرين، ويكتبون بمعزل عن الناس، فلا تجدهم في مجلس ثقافي أو محاضرة أو ندوة، ولا في مجلس ترفيهي. ورغم الاحترام الكبير للحرية الفردية، لكن الحياة ليست هي الكتاب فقط، الحياة هي فرصة هذا التبادل المعرفي بين الكاتب ومحيطه الذي يكتب له ويعيش فيه. وفي المقابل، نرى مجموعة من الكُتاب علاقتهم تقتصر على المسؤولين والشيوخ وأمناء الجوائز والقائمين عليها والاقتراب من الإعلام وأصحاب البرامج الحوارية الشهيرة. يظهرون معهم في صور شخصية تكاد تشك من ملامحها فيمن طلب التصوير.
• في أغلب المؤتمرات أو الندوات والورش، ومنها تلك التي يكلف حضورها مبلغا ماليا، يجتمع مجموعة من الكُتاب يتناولون موضوعا يقتصر نقاشه عليهم، وربما يتصدر اللقاء كخبر في زاوية ما من صحيفة. ولا يفيد الخبر بأكثر من أن مجموعة من الكُتاب اجتمعوا في مكان ما. وما يميز هذا اللقاء أكثر من موضوعه، هو العلاقات التي تربط هؤلاء الكُتاب، وتحولها إلى صداقات أو عداوات أحيانا. لكن هذه اللقاءات المحدودة ليست عفوية، ولا يختار الكاتب الأشخاص الذين يلتقيهم، وعليه أن يتفاعل مع الجميع، كما يتعامل مع أشخاص وجدوا في جزيرة معزولة. الفرصة الأجمل دائما هي معارض الكتب، والتي تنتقل من عاصمة إلى أخرى، ويجتمع فيها الكاتب بقارئ عادي أو كاتب زميل، وهي مناسبة للاطلاع على أجمل الإصدارت والترجمات الحديثة لأهم الأعمال. هذه الخبرة التي يتبادلها الكاتب مع قارئه وزملائه تطلعه على أي كتاب يقرأ اليوم، وماذا يستهوي القارئ النوعي، أو حتى القارئ العادي. أجمل ما اقتنيت من معرض الشارقة كتابين اختارهما لي قارئ جميل. • يستطيع معرض الشارقة للكتاب أن يكون سيد المعارض وزعيمها، لأسباب كثيرة، أهمها حسن التنظيم والحرية، وكمية الفرح التي يعيشها المعرض، كما حدث أمس من الفرقة الفلسطينية، التي حولت المعرض إلى مسرح شارع، وخلقت جوا من البهجة، دون أن تتدخل "جهات النكد" في فض احتفالها الذي أقامته بين القاعات. معرض الشارقة، هو احتفال الإمارة كلها، تستطيع رصده في الشارع العام، وفي الفندق الذي تقيم فيه، تتزين له وبأعلامه المدينة كلها، وكأنه عرسها السنوي. نقول هذا، عسى أن تسري نار الغيرة في "معرض" آخر، فيعانده، ليكون مثله أو أحسن منه.• أؤيد بشدة ردة الفعل التي قام بها الكتاب على صفحات التواصل الاجتماعي، نتيجة ارتفاع أسعار بعض الدور العربية المبالغ فيها، وخصوصا حين تشترك في معارض الخليج. وتعاملها مع القارئ الخليجي كمحفظة نقود، وليس كمثقف، غالبا ما يكون من الفئات البسيطة ومن ذوي الدخول المحدودة والمعدومة أحيانا. هذه المبالغة في السعر ليست إهانة للكاتب أو دار النشر، لكنها إهانة للقارئ. فلا الورق المطبوع يختلف عن ورق الدور الأخرى، ولا حقوق الكاتب لدى هذه الدور أكبر من حقوق الكتاب الآخرين في دور أخرى، حتى ندعم هذه المبالغة ونبررها. إنه فقط سلوك ربحي غير أخلاقي.
توابل - مزاج
ملاحظات موسم عادي
13-11-2016