في أسبوع واحد ارتكبت إسرائيل بمؤسساتها المختلفة خمس جرائم جديدة، إذ أقدمت محاكمها على إصدار أحكام بالسجن الفعلي وبغرامات باهظة على أطفال فلسطينيين خارقة كل القواعد والقوانين الإنسانية في التعامل مع الطفولة. فحكمت على الطفل أحمد مناصرة بالسجن 12 عاما، بعد أن تعرض لترهيب المحققين الوحشي، وبغرامة مقدارها 280 ألف شيكل، أي نحو 74000 ألف دولار، وحكم على الطفلين منذر أبو شمالي ومحمد طه بالسجن لمدة 11 عاما وبغرامة 50 ألف شيكل على كل منهما.
كلنا رأينا الشريط المرعب لاعتقال أحمد مناصرة والشتم البذيء والركل الذي تعرض له وهو ملقى جريحا على الأرض، وكذلك رأينا الشريط الذي يصرخ فيه محققون ضخام عديمو الإنسانية عليه محاولين إرهابه.وفي الحالتين فإن هذه المعاملة لم تكن لتحدث لو كانت المؤسسة الحاكمة الإسرائيلية تعتبر الفلسطينيين وأطفالهم بشرا.الجريمة الثانية، كانت منع المساجد من رفع الأذان في عدد من أحياء القدس، ومحاولة نواب إسرائيليين تمرير قرار في الكنيست الإسرائيلي لتحريم الأذان، فيما يشكل تعديا صارخا على حق البشر في ممارسة الشعائر الدينية وخطوة نحو فرض التهويد بالقوة.ولتأكيد أن الجرائم لا تقتصر على المسلمين أقدمت قوات الاحتلال على جريمتها الثالثة برفع العلم الإسرائيلي على كنيسة القيامة في القدس.الجريمة الرابعة، كانت مواصلة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين علما أن الشعب الفلسطيني هو الوحيد في العالم الذي تتعرض جثامين أبنائه وبناته مثل أبنائه الأحياء للاعتقال. ومنهم الطفل الشبل خالد بحر الذي قتل بدم بارد على يد جنود الجيش الإسرائيلي في بيت أمر، وما زال جثمانه محتجزاً منذ اثنين وعشرين يوما. غير أن الجريمة الخامسة والأكبر، هي الاحتفال بانتخاب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، من خلال إعلان بلدية القدس تفعيل بناء سبعة آلاف وحدة استيطانية جديدة في القدس، ولا شك أن بعض تصريحات مستشاري ترامب الجديدة بأن الاستيطان ليس عائقا أمام السلام تشجع أشخاصا كنفتالي بنيت على إعلان موت هدف الدولة الفلسطينية. الاستيطان ليس مجرد عقبة أمام السلام، فهذا التعبير الخجول والناعم هو أسلوب حاولت من خلاله الإدارات الأميركية وبعض الحكومات الأخرى تخفيف انتقادها للاستيطان الإسرائيلي المستفحل إلى أدنى درجة. الاستيطان قاتل للسلام ولفرصه، ولإمكانية قيام دولة فلسطينية، والاستيطان جريمة حرب في عرف القانون الدولي،والاستيطان والسلام لا يمكن أن يتعايشا. غير أن ما تقوم به إسرائيل، بمؤسساتها المختلفة وما يجري من تطورات خطيرة في العالم بما في ذلك في الولايات المتحدة، يجب أن يشكل ناقوس خطر حقيقي، يوقظ الفلسطينيين من رتابة العمل المعتاد والشعارات الروتينية والتعايش المهين مع حالة الانقسام. ويجب أن يحررهم من مصيبة الانشغال، بالصراعات الداخلية على سلطة كلها تحت الاحتلال، عن التحدي الاستراتيجي الذي يهدد قضيتنا الوطنية بالتصفية. الرد الصحيح على ما يجري، هو اتخاذ قرار فوري بتبني استراتجية وطنية جديدة، موحدة ومتفق عليها، بديلة لكل ما فشل، ولحالة المراوحة في المكان والبساط يسحب من تحت أقدامنا، استراتيجية تستنهض نضال الشعب الفلسطيني الموحد، وتحدد أهدافا دقيقة له، وتعيد الثقة للجمهور الفلسطيني ليس فقط بعدالة قضيته بل بحتمية انتصارها.ذلك ما تريده أمهات الشهداء، وذلك ما يريده الأسرى والأسيرات، وذلك ما يحلم به أطفال فلسطين.
* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية