أول العمود:
شعبية التطرف ظاهرة تستحق البحث في أسبابها، لماذا تشجع مجاميع من الناس ترامب وصدام و"داعش"؟***
سأتحدث هنا عن مظاهر جديدة باتت تتغلغل في المؤسسة التشريعية وبتعاون الطرف الحكومي على أساس أن عملية إصدار القوانين مهمة مشتركة بين الطرفين، هذه الظاهرة هي الانتقام من خلال التشريع.كلنا رأى قانون "منع المسيء" من الترشح للانتخابات لمن صدر بحقة حكم نهائي عن جريمة الإساءة للذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية، ثم قانون البصمة الوراثية المشبوه، وقانون مد مدة الحبس الاحتياطي والاستيقاف وسلسلة القوانين التي صدرت بشأن معالجة الفضاء الإلكتروني، كقانون الجرائم الإلكترونية وقانون الإعلام الإلكتروني.هذه عينة من القوانين التي تدل دلالة قاطعة عن انحراف تشريعي تسلل للسلطة التشريعية بسبب الخصومة السياسية بين مجاميع سياسية تعمل في الساحة، وكان يمكن أن تصدر قوانين أخرى ذات نفس انتقامي لو قدر للمجلس الفائت الاستمرار.موضوع الإساءة للذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية شماعة، يراد بها إحراج المشرعين غير المقتنعين بموضوع القانون، وهو كمن يقول لك "هل تعترض على ما جاء في كتاب الله؟"، فهناك الكثير من القوانين التي تعاقب جنائيا وفق هذه المحظورات كقانون المطبوعات أو القانون الجنائي لكنه الانتقام الذي أعمى صنفاً من المشرعين فاتخذوا من النيابة التمثيلية للأمة وسيلة لتصفية الحسابات مع قوى سياسية أخرى خرجت من دائرة التشريع بسبب مقاطعتها للانتخابات.ما نخشاه اليوم، هو استمرار تصفية الحسابات بين الفريقين عندما يتلاقيان داخل قبة البرلمان، وما سيحدث هو هدر مزيد من الوقت والدخول في صراعات مكشوفة داخل البرلمان؛ لإعادة تعديل تلك القوانين التي أبدى سمو الأمير عدم قبوله لأحدها وهو قانون البصمة الوراثية سيئ الذكر. هذه الممارسة خطيرة جدا، فهي تنبذ الوسائل المباحة في التنافس السياسي لتستخدم أداة التشريع لقهر الخصوم، وهي هدر للوقت كما في مثال قانون مد الحجز والاستيقاف، بعد أن قلص مجلس سابق مدده. وهي تتطلب وعيا شعبيا نظرا لخطورتها على المجتمع، فهناك من النواب من يعتقد أن وجوده في المجلس غنيمة سياسية يجب استغلالها لتفصيل قوانين تتوافق وأوضاعاً سياسية مؤقتة لخصومه!!