في حين يسعى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى تخفيف بعض من مواقفه المعلنة أثناء خوضه السباق الرئاسي لتهدئة المخاوف والاحتجاجات المتصاعدة ضده، كلف الرئيس الجديد نائبه مايك بنس تولي قيادة فريق انتقال السلطة في البيت الأبيض.

وأصبح حاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي نائباً لرئيس الفريق الانتقالي، الذي يضم رئيس مجلس الشيوخ السابق نيوت غينغريتش، وبن كارسون منافس ترامب في الانتخابات التمهيدية، وعمدة نيويورك السابق رودولف جولياني.

Ad

كما سينضم ثلاثة من أولاد ترامب إلى اللجنة، هم دونالد جونيور وإريك، وإيفانكا، وصهره جاريد كوشنر، إلى جانب مجموعة من الشخصيات المعروفة من الطبقة السياسية التقليدية، التي هاجمها بحدة أثناء الحملة الانتخابية، بينهم رئيس الحزب الجمهوري راينس برايبس الذي أشارت التكهنات إلى إمكانية تعيينه كبير موظفي البيت الأبيض.

وبدا الرئيس المنتخب، أمس، أكثر مرونة في مواقفه في اليوم الثاني من استشاراته لتشكيل الحكومة وسط تواصل التظاهرات ضده.

فبعد ثلاثة أيام على انتخابه رئيساً، بدا ثري العقارات كأنه يسعى إلى التخفيف من حدة مواقفه في مقابلات صحافية أثناء مشاوراته لتشكيل إدارته، معلناً إمكانية «تعديل» قانون «أوباما كير» للتأمين الصحي الصادر في 2010، بعد أن وعد بإلغائه أثناء الحملة.

ويشكل هذا الإعلان واحداً من عدة مفاجآت لدى ترامب، التي بدأت بإعلانه تعيين بنس على رأس الفريق الانتقالي المكلف اختيار أعضاء الإدارة المقبلة.

ويعمل ترامب منذ أمس الأول، مع فريق حملته الانتخابية في مقر إقامته بنيويورك، لبحث المرحلة الانتقالية، التي تسبق توليه السلطة في البيت الأبيض في 20 يناير المقبل.

طلب النصح

في السياق، عدل الرئيس المنتخب لهجته الحادة تجاه منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وقال، إنه لا يستبعد إمكان طلب النصح من الرئيس الأسبق بيل كلينتون، وذلك بعد تلقيه مكالمة «ودية جداً» من زوج منافسته، التي كان وصفها خلال الانتخابات الرئاسية بأسوأ العبارات.

وامتدح ترامب هيلاري وعائلتها في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» تنشر اليوم.

انحياز وانعطاف

من جانب آخر، وبعد لقاء ترامب للرئيس الحالي باراك أوباما في البيت الأبيض الخميس الماضي لبحث الفترة الانتقالية، تطرق الرئيس المنتخب في حوار مع صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى مختلف الملفات الداخلية والدولية، التي طرحها أثناء حملته، وأثار بعضها جدلاً كبيراً.

وفي ملف سورية، بدا كأنه يتجه إلى انعطافة كبرى، تنحاز إلى نظام الرئيس بشار الأسد، بعيداً عن سياسات إدارة أوباما.

وصرح: «كان لدي رأي مغاير عن الكثيرين بشأن سورية»، مقترحاً مضاعفة التركيز على مقاتلة تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ«داعش»، عوضاً عن رحيل الأسد عن الحكم.

وقال ترامب «موقفي هو التالي: أنت تقاتل سورية، وسورية تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية، وعليك القضاء على التنظيم. روسيا اليوم تقف تماماً في صف سورية، واليوم أصبح لديك إيران، التي تزداد نفوذاً، بسببنا، والواقفة في صف سورية. حالياً نحن ندعم فصائل معارضة تقاتل سورية ولا فكرة إطلاقاً لدينا عمن يكون هؤلاء الأشخاص». وأشار إلى إمكانية وقف برنامج تمويل الإدارة الأميركية لقوات «الجيش السوري الحر» المعارضة للنظام.

أضاف ترامب، أنه في حال هاجمت الولايات المتحدة الأسد فهذا يعني «في النهاية أننا نقاتل روسيا».

وعن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي اعتبره ترامب «حرباً بلا نهاية» أعرب عن أمله في المساهمة في التوصل إلى حل. وقال «إنها الصفقة الأعظم» لافتاً من منطلق خبرته في الأعمال إلى أنه «يريد إبرام الصفقة المستحيلة، وذلك لمصلحة البشرية جمعاء».

تظاهرات متواصلة

وأتى التغيير بمواقف ترامب وسط استمرار التظاهرات المناهضة له في شوارع مدن كثيرة لليلة الثالثة على التوالي، حيث عبر المشاركون عن الخوف من حدوث حملات قمع معادية للأجانب أثناء ولايته.

وشهدت مدن كبرى كميامي ولوس أنجلس ونيويورك تظاهرات بالآلاف، وسط دعوات إلى استمرارها وتوقعات بامتداد الاحتجاجات لتشمل مناطق أخرى في الولايات المتحدة.

وأعلنت شرطة نيويورك توقيف 11 شخصا منذ ليل الجمعة ـ السبت.

وذكرت شرطة بورتلاند، في بيان، أن رجلاً أصيب من جراء إطلاق الرصاص عليه صباح أمس.

وقالت إن المشتبه في قيامه بإطلاق النار كان يعبر جسر موريسون بمدينة بورتلاند داخل سيارته، واشتبك في شجار مع أحد المحتجين قبل أن يطلق الرصاص عليه عدة مرات.

وفرّ مطلق النار عقب ذلك من المنطقة بسيارته، بينما تم نقل الرجل المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج من إصابته بطلقات نارية لا تهدد حياته بخطر.

معرفة أوروبا

إلى ذلك، رأى رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر أن على ترامب أن «يتعلم ما هي أوروبا»، متوقعاً «سنتين من الوقت الضائع» قبل أن يتعرف على العالم الذي لا يعرفه.

وكان يونكر يتحدث في لوكسمبورغ خلال جلسة نقاش مع شبان حول مستقبل أوروبا، دعا خلالها إلى السلام وتخطي القوميات، بمناسبة ذكرى الهدنة التي وضعت حداً للحرب العالمية الأولى عام 1918.

وسئل يونكر، ما إذا كان فوز ترامب سيؤثر على العلاقات الأوروبية الاميركية، فقال إن «الأميركيين بصورة عامة لا يكنون اي اهتمام لأوروبا، وهذا ينطبق على الطبقة السياسية كما على العمق الأميركي، إنهم لا يعرفون أوروبا».

وتابع ساخراً: «ترامب قال خلال الحملة الانتخابية، إن بلجيكا قرية في مكان ما من أوروبا، وهذا جائز لمن ينظر. من بعيد، لكنه لا يعكس الواقع».

وتابع «سيتحتم علينا أن نلقن الرئيس المنتخب ما هي أوروبا وما هي مبادئ عملها».

وقال يونكر إن رجل الأعمال الملياردير: «يطرح أسئلة عواقبها مضرة حقاً، لأنه يعيد النظر في الحلف الأطلسي، وبالتالي في النموذج الذي يقوم عليه الدفاع الأوروبي».