«كرسي في الكلوب»!

نشر في 14-11-2016
آخر تحديث 14-11-2016 | 00:00
 مجدي الطيب قبل دخول الكهرباء إلى الأحياء الشعبية كانت الأفراح تُضاء بمصباح غاز يُعرف بـ «الكلوب»، وكان سهلاً على من يريد إفساد الفرح أن يعقد اتفاقاً مع مجموعة من «البلطجية» لافتعال مشاجرة يتعمّد أحدهم خلالها أن يقذف أحد المقاعد الخشبية باتجاه «الكلوب» فيحطمه، ومن ثم يسود الظلام، وينقلب الفرح إلى صراخ وعويل، وربما مأتم ونهاية مأساوية لا يتوقعها أحد!

من هنا جاء تعبير «كرسي في الكلوب»، الذي أصبح ملازماً لأفراحنا، وانتقل إلى تظاهراتنا الثقافية، وعلى رأسها السينمائية، فلا يكاد يخلو مهرجان من أزمة، وتبادل للاتهامات، والتفنن في التجريح، بما يؤدي إلى إجهاض المناسبة، والوصول بها إلى النهاية المأساوية التي لا تخطر على بال. وهو ما حدث بالضبط في تونس، التي شهدت تكريم النجم عادل إمام في ختام الدورة السابعة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية، واختياره ليكون ضيف شرف «أيام صفاقس السينمائية»، التي تُقام في إطار فعاليات «صفاقس عاصمة الثقافة العربية» لعام 2016.

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي منح عادل إمام الوسام الوطني للاستحقاق في قطاع الثقافة، وهو أعلى وسام ثقافي في البلاد، وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان لها أن «السبسي» منح الصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق في قطاع الثقافة إلى الفنان عادل إمام «اعترافاً بمنزلته الفريدة في الساحة الثقافية والفنية العربية، وتكريساً لمسيرته الحافلة بالعطاء والإبداع»، فيما خاطب الرئيس التونسي ضيفه عند استقباله في قصر قرطاج «أهلاً بالزعيم... نحن نكرم الثقافة والإبداع }. وعقب اللقاء، الذي غلبت عليه روح المرح والفكاهة، شكر عادل إمام الرئيس، كما شكر الشعب التونسي «الجميل المحب للثقافة والآداب والفنون».

لكن البعض ترك هذا كله، وتوقف إزاء كلمة إمام التي ألقاها ليلة تكريمه ركّز فيها على دور السينما المصرية، وتجاهل السينما التونسية، وهو ما دعا الممثل التونسي لطفي العبدلّي إلى ارتجال كلمة قال فيها: «لازم تعرف يا عادل إمام إذا كانت مصر أم الدنيا فتونس أبوها»، وضجت القاعة بالضحك. ثم عاد وكرر المعنى نفسه في حوار على موجات «موزاييك إف إم»، تساءل فيه: «أين القباحة في ما قلت؟ أين قلة الحياء؟ هو ضحك (يشير إلى عادل إمام) بس سفير مصر اتنرفز...». واستطرد قائلاً: «هم يحيون بلادنا فيقولون مصر أم الدنيا، فأين تونس؟».

العبدلي لم يكن وحده الذي «ضرب كرسي في الكلوب»، فقد تناقل بعض مواقع التواصل الاجتماعي التونسية أن عدداً من رواد الشبكات الاجتماعية، والناشطين التونسيين، بالإضافة إلى عدد من وسائل الإعلام المحلية، استهجنوا تصرفات عادل إمام خلال زيارته تونس، وزعموا، في تدوينات غاضبة، ولقطات فيديو، أنه تعمّد تجاهل وزير الشؤون الثقافية التونسي محمد زين العابدين، لحظة استقباله في المطار، وأظهر مقطع فيديو الوزير وهو يهديه باقة من الورد، إلا أن عادل إمام لم يتسلمها، قبل أن يتم تدارك الأمر.

كذلك قيل إن عادل إمام طلب في اجتماعه والوفد التونسي، الذي استقبله في الصالة الشرفية للمطار، أن يدخن سيجارة ثم نفث دخانها بوجه وزير الثقافة والإعلاميين التونسيين، وكالعادة زعم بعض المواقع أن النجم وافق على المشاركة في الحدث الفني بعد تسلّمه مبلغ 50 ألف دولار، لكن إدارة المهرجان نفت ذلك، وإن عادت وأكدت، على لسان وزير الشؤون الثقافية التونسي، أن عادل إمام اشترط تكريمه من رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ليوافق على حضور مهرجان صفاقس السينمائي!

الأعجب أن البعض في تونس وصف زيارة النجم المصري للمشاركة في مهرجان صفاقس بأنها «تسببت في التشويش على فعاليات أيام قرطاج السينمائية»، ما دفع وزير الشؤون الثقافية إلى القول، في برنامج تلفزيوني، إن «لدى مهرجان صفاقس ميزانية خاصة، وإنه مستقل عن أيام قرطاج السينمائية»، كذلك لفت إلى أن الوزارة لا تتدخل في برامج هذه التظاهرات، ونفى حصول عادل إمام على أية مبالغ نظير حضور تظاهرة صفاقس، وعبر عن هذا بقوله: «بلغني أن عادل إمام لم يتلق أجراً مقابل حضوره في تظاهرة صفاقس». وبشأن ما راج من أخبار حول ضرب عادل إمام الأعراف والبروتوكولات الدبلوماسية، في المطار، أكّد الوزير أن «ما يروّجه البعض مجانب للحقيقة ولا يمتّ إلى الواقع بصلة»، وتابع: «ثمة من استأجر أطرافاً لضرب صورة الوزير، وثمة افتراء وكذب وبهتان في كل ما قيل!».

والسؤال الآن: «من يُشعل النار في العلاقات العربية – العربية؟».

back to top