طار وارتفع ولم يقع

نشر في 14-11-2016
آخر تحديث 14-11-2016 | 00:17
 علي البداح المثل يقول "ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع"، والأسعار استثناء من هذه القاعدة.

لماذا ترتفع الأسعار مع ارتفاع أسعار النفط ولا تنخفض بانخفاضها؟ في فترة الطفرة النفطية ارتفعت معظم أسعار المواد الاستهلاكية وغيرها. وحدها منتجات شركة المطاحن التزمت بتقديم منتجاتها لسكان الكويت بالأسعار نفسها أما كل شيء آخر فقد تجاوز أي زيادة للمرتبات. عندما تسأل لماذا تضاعف سعر الحديد يقولون لك إنه نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط، وهكذا ارتفع سعر الأرز والسكر وزيت السيارات وتكلفة صيانة السيارات. الأطباء الخصوصيون وصلت تكلفة الزيارة الواحدة إلى 40 ديناراً على الأقل بعد أن كانت 10 دنانير قبل 5 سنوات.

الآن نزل سعر النفط إلى أقل من نصف ثمنه أيام الطفرة، ولكن لم يطرأ أي تغيير على أسعار المنتجات أو الخدمات، وقبل أيام كنت في أحد مطاعم الكويت العادية، أي ليس في مطعم فندق فخم، وطلبت مع ضيوفي بعض عصير البرتقال... هل تعلمون كم كانت تكلفة كأس العصير الذي لم يتجاوز عدد البرتقالات التي عصرت فيه 4 برتقالات، كان أكثر من خمسة دنانير؟ صندوق البرتقال الذي يحتوي 50 برتقالة ثمنه ديناران ونصف الدينار، وكان قبل طفرة النفط دينارا واحدا، وأربع برتقالات فقط في مطعم تساوي أكثر من خمسة دنانير؟ فلماذا؟ وقس على ذلك كل شيء، فالتاجر وصاحب المطعم ومقدم الخدمة يرفع أسعاره كما يشاء، ارتفعت أسعار النفط أم انخفضت لا يهم، فكل صاحب بضاعة أو خدمة هو سيد قراره.

الأدوية لا تشترى للزينة والمفاخرة إنما للعلاج، ففي الكويت شركات السيارات تتاجر بالأدوية وتتعامل معها كما تتعامل مع قطع غيار السيارات. أدوية معروفة ويحتاجها المرضى تختفي من صيدليات الوزارة أو توجد بمواعيد انتهاء صلاحية قبل انتهاء الدواء، وأثمانها إن أردت شراءها لا تتحملها ميزانية موظف أو متقاعد، في حين الأدوية نفسها يمكن أن تجدها في دول الخليج بنصف الثمن وبمدة صلاحية تزيد عاما عن الذي تستورده وتحتكره شركات السيارات.

لو بحثنا في الأسعار الأصلية لكثير من السلع للمستورد الأول فإن سعر البيع قد يصل إلى 300% أو أكثر، ولا أحد يهتم أو يقول هذا تعسف تجاري لا بد من وضع حد له.

عين التاجر للأسف على مرتب المواطن ودخله، ولو زادت المرتبات 10% لزادت الأسعار 20%، ولو تم تعديل قانون يمس دخل التاجر مثل قانون العمل فإن التاجر يعوض ما فرض عليه القانون أضعاف ما خسره، والناس تدفع لأنه لا دولة تحمي دخله ولا قدرة على لجم جشع التاجر. المشكلة لا تنتهي عند مورد البضاعة إنما كل تاجر بالجملة أو بالقطاعي يزيد هو أيضا أرباحاً له كما يشاء على حساب المواطن والمقيم.

ومشكلة المقيمين أن دخولهم يذهب معظمها للإيجار، واليوم أسوأ وأصغر شقة بغرفة واحدة وفي أسوأ منطقة وموقع لا يقل إيجارها عن 200 دينار، والإيجارات رغم توافر آلاف الشقق الشاغرة تزداد، وصاحب العقار يفضل إبقاء العقار شاغرا على تأجيره بسعر معقول... والأمثلة كثيرة و"لا من يسمع ولا من يحس".

back to top