الإسلام السياسي وقيم الديمقراطية
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
أما في منطقتنا فما زال مفهوم النظام الديمقراطي بآلياته وقيمه معاً يواجه عداءً سافراً وتشويهاً متعمداً، سواء من أنظمة مستبدة تحتكر السُلطة والثروة، أو من تيارات الإسلام السياسي التي نشأت وترعرت في أحضان الأنظمة العربية، وذلك على الرغم من وجود دساتير مكتوبة وجيدة في بعض الدول، وعلى الرغم أيضاً من التجارب المريرة والدموية أحياناً في الصراع على السلطة في عدد من الدول العربية. لقد كان من المفترض، خصوصاً بعد الهزات السياسية العنيفة التي أحدثتها منذ سنوات قليلة الانتفاضات والاحتجاجات والثورات العربية التي ما زلنا نعاني ارتداداتها وما زالت أسبابها قائمة، أن تقوم، كما ذكرنا من قبل، القوى السياسية وبالذات تيارات الإسلام السياسي التي اختطفت الثورات، ونكثت الوعود التي قطعتها على نفسها أمام الناس والقوى السياسية الأخرى، وساهمت في إجهاض عملية التغيير الديمقراطي السلمي وتحقيق مطالب الشعوب العربية في الحرية والديمقرطية والعيش الكريم، بعملية مراجعة نقدية شاملة وجادة لبرامجها وخطها السياسي ونظرتها القاصرة للنظام الديمقراطي الذي كانت وما زالت تعتبره مجرد إجراءات للوصول للسلطة واحتكارها للأبد، أي إقصاء الرأي المخالف وقمع الحريات. هل من الممكن أن تحصل هذه المراجعة النقدية الجادة الآن بحيث يترتب عليها اعتراف تيارات الإسلام السياسي، وبالذات جماعة الإخوان، بأخطائها الكارثية التي عانتها شعوب المنطقة، أم أن منطلقاتها الفكرية ومبادئها تتعارض مع قيم الديمقراطية، ولا تعترف إلا بالآليات والإجراءات التي قد تمكنها، في يوم من الأيام، من احتكار السلطة؟!