تتجه تركيا نحو تنظيم استفتاء في الربيع لتوسيع صلاحيات الرئيس رجب طيب اردوغان، الأمر الذي يعزز التوتر مع الاتحاد الأوروبي مع استمرار الحملة ضد المعارضة والسياسيين المناصرين للقضية الكردية.

Ad

شنت السلطات التركية بعد الانقلاب الفاشل منتصف يوليو حملة تطهير واسعة أفضت إلى اعتقال أكثر من 35 ألف شخص ولم يسلم منها التعليم والقضاء والصحافة والسياسة، في اطار حالة الطوارئ المفروضة منذ ذلك الحين.

ولكن اعتقال عشرة من صحافيي صحيفة «جمهورييت» المعارضة ورئيسي حزب الشعوب الديموقراطي المناصر للأكراد وتسعة من نوابه يؤكد وفق المعارضين أن الحملة تجاوزت بكثير اطار مؤيدي الانقلاب الذي يتهم اردوغان الداعية فتح الله غولن بتدبيره مطالباً الولايات المتحدة بتسليمه.

ويقول محللون أن اردوغان الذي أصبح زعيماً بلا منازع ركز جهوده بعد الانقلاب الفاشل على كسب التأييد لتغيير الدستور واقامة نظام رئاسي يقول مسؤولون حكوميون انه ضروري لشرعنة الأمر الواقع.

استفتاء

وللحصول على الأغلبية الكبرى في البرلمان لتنظيم استفتاء، يحتاج اردوغان إلى دعم نواب حزب الحركة القومية اليميني المتشدد بزعامة دولت بهشلي المؤيد للحملة التي تستهدف المعارضة اليسارية والمناصرين للأكراد، وقالت الحركة القومية أنها ستدعم مسعى الحكومة في حال مراعاة مطالبها.

يقول المحلل سونر شاغابتاي مدير برنامج تركيا في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لفرانس برس أن المفاوضات مع حزب الحركة القومية تدفع اردوغان على «التصرف بحزم كبير» مع حزب الشعوب الديموقراطي وكذلك مع حزب العمال الكردستاني المحظور.

ويضيف لفرانس برس «يمكننا خلال الأشهر الستة المقبلة توقع أن يظهر اردوغان بمظهر الرجل القوي وأن يتبنى خطاً يمينياً وبرنامجاً قومياً».

ويتوقع بنتيجة التعديلات أن «يتوج على رأس الدولة والحكومة والحزب الحاكم».

وكتب عبد القادر سلفي المؤيد لاردوغان في صحيفة «حرييت» اليومية أن الخطة الحالية تقوم على تنظيم استفتاء في أبريل أو مايو بشأن التعديلات الدستورية التي ستتضمن تعيين نائب للرئيس وتنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في آن واحد.

وقال اردوغان الجمعة أن النظام الرئاسي الذي تقول السلطات أنه سيكون شبيهاً بالنظامين الفرنسي والأميركي سيعطي تركيا «الفرصة لتسريع التنمية».

معارضة

ويؤكد حزب الشعوب الديموقراطي الذي حل ثالثاً في البرلمان في انتخابات 2015 أنه مستهدف بسبب معارضته للنظام الرئاسي.

وأخذ رئيسه بالمشاركة صلاح الدين دميرتاش المسجون منذ أسبوع، على عاتقه عرقلة التعديلات الدستورية المقترحة.

وقال نائب رئيس الحزب هسيار اوزسوي «أوقفناه (اردوغان) في طريقه إلى النظام الرئاسي، انهم يعتبرون حزب الشعوب الديموقراطي عقبة رئيسية يجب ازالتها».

وتتهم الحكومة التركية حزب الشعوب الديموقراطي بإقامة صلات مع حزب العمال الكردستاني الذي يهاجم الجيش وقوات الأمن وأنه يشكل واجهة سياسية له.

وأعقب اعتقال نواب الحزب تظاهرات في أنحاء البلاد، والأحد فرقت الشرطة بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه تظاهرة مناصرة للأكراد في اسطنبول.

ويقول المحلل لدى المجموعة الدولية للأزمات بركي مانديراشي أن حزب العمال الكردستاني كثف هجماته بعد الانقلاب الفاشل في حين كثفت أنقرة العمليات العسكرية وحملة القمع الداخلية ضد مؤيدي الحزب.

وتقول المجموعة الدولية للأزمة أن 2301 شخص على الأقل قتلوا في المواجهات مع حزب العمال الكردستاني من يوليو 2015.

ويقول منديراشي أن «الوضع السياسي في البلاد يوحي بالتوجه نحو سياسات حكومية أكثر تشدداً».

انتقادات حادة

أدت الاعتقالات إلى زيادة التوتر مع الاتحاد الأوروبي الذي وجه انتقادات حادة إلى تركيا في آخر تقرير حول التقدم المحرز في ملف الانضمام وخصوصاً في مجال حرية الصحافة ودولة القانون.

ويبدي الاتحاد الأوروبي كذلك قلقه ازاء الحديث عن امكانية العودة عن الغاء حكم الإعدام الذي يعتبر شرطاً للانضمام، وهو ما يؤيده القوميون الأتراك.

ودلالة على تدهور العلاقات بين أنقرة وبروكسل اتهم وزير الخارجية مولود تشاوش اوغلو الأحد رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز «بالنفاق» بعد ادانته توقيف نواب حزب الشعوب الديموقراطي.

وكان اردوغان بين قلة من القادة الذين تلقوا اتصالاً من دونالد ترامب بعد انتخابه رئيساً، وتأمل أنقرة في علاقات أسهل مع ترامب مما كانت عليه مع اوباما.

ويقول مارك بيريني الباحث الزائر لدى كارنيغي اوروبا أن البعض قد يميل إلى القول بأن انقرة ستشعر بارتياح أكبر مع إدارة ترامب وتوقع أن الإدارة الجديدة «لن تركز على الحقوق والقيم (الديموقراطية) في تركيا».

ويضيف «ولكن فقط عندما يصبح ترامب رئيساً سنعرف نواياه في مجال السياسة الخارجية وازاء تركيا».

الاقتصاد

ومع احتمال تراجع النمو الاقتصادي التركي في الربع الثالث من السنة وتراجع الليرة 6% تقريباً أمام الدولار الشهر الماضي، فقد يعود التوتر بالضرر على الاقتصاد.

ويقول غوكشي شيليك كبير اقتصاديي بنك قطر الوطني فايننسبانك «نعتقد أنه سيتم الابقاء على موقف متشدد، إذا لم يتم الاتجاه نحو مزيد من التشدد، للاحتفاظ بهذا التأييد حتى الاستفتاء»، محذراً بأن ذلك قد «يؤثر سلباً على مزاج السوق».