كشف بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك في مصر وبلاد المهجر الأنبا إبراهيم اسحق، أن عدد الكاثوليك في الكويت يقدر بـ 850 ألف شخص من مختلف الجنسيات والطقوس، يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية.

وأكد الأنبا اسحق لـ"الجريدة"، أن الجالية المصرية، وليس الأقباط الكاثوليك فقط، ينعمون بالحرية والأمان في الكويت، لافتا إلى أن الكويت منفتحة على الجميع، وتحتضن مختلف الأديان والثقافات.

Ad

وأضاف أن زيارته للكويت، من 12 إلى 20 الجاري، رعوية تفقدية، للوقوف على حالة الجالية، والتواصل معهم بشكل مباشر. وفيما يلي نص الحوار:

• صاحب الغبطة، هذه الزيارة هي الأولى لكم إلى الكويت... ما أهدافها؟

- هذه زيارة رعوية تفقدية، للوقوف على حالة الجالية بالكويت، والتواصل معهم بشكل مباشر، فهم لهم في قلوبنا نفس المكانة والأهمية التي لرعيتنا في مصر. ورغم أن هناك من الآباء الأساقفة والكهنة سبق لهم زيارة الرعية وتفقد أحوالها، لكنني أومن بضرورة التواصل المباشر معهم، والاستماع إليهم، فجميع أبناء الرعية متساوون، ولهم علينا حق الافتقاد والسؤال عنهم.

وقد كان مقررا زيارة الكويت العام الماضي، لكن تصادف أن تزامن ذلك مع فقدان الكنيسة القبطية الكاثوليكية لأحد رعاتها، وهو مطران إبراشية الأقصر المتنيح الأنبا يؤانس زكريا، الأمر الذي حال دون المجيء إلى الكويت، وها نحن الآن وسط رعيتنا.

• كيف تقيّمون أوضاع الرعية في الكويت؟ وكم عددهم هنا وفي بلاد المهجر ومصر بشكل عام؟

- مما شاهدته بنفسي وسمعته من أبناء الرعية، أن الجالية المصرية كلها، وليس الأقباط الكاثوليك فقط، ينعمون بالحرية والأمان في بلدهم الثاني الكويت، ويمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية، وهذا أمر مشهود به للكويت كدولة منفتحة على الجميع تحتضن مختلف الأديان والثقافات، حيث ينعم الجميع بالأمن والاستقرار، ونحن نصلي دائما من أجل الكويت؛ قيادة وحكومة وشعبا، ولكل بلداننا العربية والعالم أجمع، لكي ينعم الله بالسلام والرفاة والاستقرار.

أما عن عدد الأقباط الكاثوليك في الكويت، فهو يتجاوز 4 آلاف، فيما يصل عدد الكاثوليك من مختلف الجنسيات والطقوس إلى 850 ألفا يعيشون في الكويت بحرية تامة. ويوجد لدينا العديد من الرعايا في أوروبا وأميركا وأستراليا. ونتمنى أن تجد هذه الرعية مكانا أوسع لإقامة الشعائر الدينية عليها.

• ما أبرز مشاكل الرعية في مصر؟

- الأقباط الكاثوليك جزء أصيل من النسيج الوطني المصري، وما يسري على المجتمع المصري يسري أيضا عليهم، كجزء فاعل في المجتمع، فالجميع يعلم تأثير الحالة الاقتصادية على المجتمع المصري، حيث يضطر رب الأسرة للعمل ساعات طويلة، وربما يكون لديه أكثر من دوام، من أجل تلبية متطلبات أسرته، وهذا يؤثر بالطبع على العناصر المهمة في تكوين الأسرة، وعلى تواجد رب الأسرة، والحوار مع أبنائه.

من هنا نرى خطورة غياب رب الأسرة، وكذلك الأم المهمومة بأن تعمل خارج المنزل، ثم تعود لممارسة مهامها كربة أسرة، وهناك مشاكل تعليم الأبناء ومتابعة حالتهم التعليمية، أضف إلى ذلك تأثير الإعلام الحديث ووسائل التواصل، التي تسببت في ضعف التواصل المباشر بين الناس، خصوصا بين أفراد الأسرة الواحدة، وكل هذه الأمور تزيد من أعباء ومسؤوليات الكنيسة تجاه رعاياها.

• غبطتكم وفي كلمة التجليس بطريركا في 2013 قلتم "لا خوف من الوطن، إنما الخوف على الوطن"... ممن تخافون على الوطن؟

- هناك خوف على الوطن من الداخل، من الذين يستخدمونه، فبدلا من أن يخدموه، يضغطوا عليه، وخوف خارجي من أشخاص يستخدمهم آخرون ويحركونهم ضد مصر، وفي كلتا الحالتين تعاني مصر ضغوط هؤلاء الذين بالداخل وأولئك الذين بالخارج، ما يؤثر على الاقتصاد ويعطل الإصلاح. ونحن نصلي دائما لكي تعبر مصر هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية في تاريخها.

موروث متراكم

• ما تقييمكم للأوضاع التي تمر بها مصر الآن، سواء الاقتصادية أو السياسية؟

- ما نراه الآن من أوضاع اقتصادية وسياسية في مصر، موروث متراكم عبر عقود مضت ألقى بتبعاته. وكما نعلم، فإن الثورات تشبه البركان أو الزلزال الذي يتطلب فترة حتى تهدأ الأوضاع بالتدريج، وأرى أن الوضع في طريقه للتحسن.

وفي الوقت نفسه، لا أستطيع تحليل الوضع الاقتصادي، فأنا لست بمتخصص في هذا الأمر، بل مواطن مصري عادي، فهناك من المتخصصين الذين يقدمون رؤيتهم وحلولهم للقضايا الاقتصادية والسياسية، ونحتاج لنظرة مستقبلية، ونأمل دائما أن تراعي أي إصلاحات الطبقات الفقيرة والأكثر احتياجا، ومراعاة الجانب الإنساني، حتى تعيش هذه الطبقة معيشة تليق بالإنسانية.

• كيف ترون السياسات التي تتبعها الحكومة في مصر الآن من حالة التقشف وارتفاع الأسعار وقلة الدخل الأجنبي والمشكلات الاقتصادية الكثيرة التي تمر البلاد؟

- هناك تقدم ملحوظ، وإن كان بطيئا، على المستوى الاقتصادي، يحتاج إلى عمل جاد من الجميع حتى نعبر الأزمة، وأيضا لجهود ودراسات مستفيضة ووافية من المسؤولين، ووضع رؤية وبرامج على المديين القريب والبعيد.

من جهة أخرى، نحن نثق فيمن يقبل المسؤولية أنه لابد أن يبذل كل ما في وسعه للوصول بالمجتمع إلى وضع أفضل، وهذه الأمور نتركها للمختصين.

• ما علاقتكم بالأزهر الشريف؟

- الأزهر الشريف ليس مؤسسة وطنية محلية فقط، بل مؤسسة عالمية ومنارة مميزة في العالم الإسلامي، وعلاقتنا بفضيلة شيخ الأزهر د. أحمد الطيب وكبار علماء الأزهر الشريف إيجابية جدا، فجميعا حريصون على التواصل والتشاور دائما، ولعل بيت العائلة أحد ساحات هذا التواصل، لترسيخ قيم المواطنة، وتعزيز النسيج الوطني.

حوادث طائفية

• بين آن وآخر تظهر على السطح حوادث طائفية في مصر، وأخيرا حصلت مشاكل في محافظة المنيا، كيف ترون هذه المشاكل؟ وما السبيل للحد منها والقضاء عليها؟

- هذا يعود في المقام الأول إلى الجهل والظلم والإهمال الذي تعانيه هذه القرى، ما يجعلها بيئة خصبة لزرع بذور الفتنة والتشاحنات، وعلينا أن نميز الأمر، فهو وإن كان يأخذ شكلا دينيا، إلا أنه في واقع الأمر انعكاس لمشاكل اجتماعية واقتصادية، ونقص للتعليم والتكوين.

• هل تعتقدون أن المسيحيين في مصر، بمختلف عقائدهم، يعاملون كمواطنين من الدرجة الأولى، أم أن هناك تفرقة بينهم وبين المسلمين، سواء في الوظائف أو المزايا الأخرى؟

- رسمياً، المسيحيون المصريون مواطنون من الدرجة الأولى، لكن هناك على المستوى الواقعي واليومي اختلاف وفق مواقف الأشخاص، وتراكمات مشوهة، ومناخ غير صحي، فترى المسيحيين يتبوأون بعض الوظائف، لكنهم قد لا يجدون طريقهم لوظائف أخرى، والأمر بحاجة لفترة طويلة لمعالجة الخلل، فالهوية المصرية عانت التجريف خلال العقود الماضية، ومن السهل أن تهدم، لكن إعادة البناء تحتاج لفترة أطول.